نكبة فكيك!

نكبة فكيك! عبد الرحيم أريري

الآن يحق إجبار السلطة العمومية على إزالة شعار: "فكيك، أجمل واحة بالمغرب" لتعويضه بشعار: "فكيك أبشع سجن بالمغرب"!

 

فحسب المعطيات الإحصائية التي نشرت على هامش الحفل الخيري الذي نظمته مندوبية السجون مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء في متم دجنبر 2019، فإن عدد السجناء بسجن بوعرفة (مقر عمالة إقليم فكيك) وصل إلى أزيد من 500 نزيل، وهو عدد مرتفع مقارنة مع حجم ساكنة الإقليم القليلة جدا.

 

فسكان إقليم فكيك في المجموع (حضري وقروي) لا يتجاوز عددهم 138 ألف نسمة، أي أن 0.36 في المائة من سكان الإقليم يوجدون في الحبس، وهي نسبة تعد من أعلى النسب بالمغرب، علما أن المعدل الوطني للسجناء قياسا لعدد السكان هو 0.2 في المائة. وللمقارنة فالدار البيضاء التي تحللت فيها كل الأنساق القيمية والأسرية والوسائطية لا يتجاوز معدل السجناء فيها 0.29 في المائة. وبالتالي فوصول فكيك إلى عتبة 0.36 في المائة من سكانها القابعين وراء القضبان، يسائل الأجهزة العمومية محلية كانت أو جهوية أو ووطنية، وينهض كمبرر لطرح السؤال المفجع:

 

- ماذا استفاد إقليم فكيك منذ اعتماد دستور 2011 الذي نص في فصله 154 على «الإنصاف في تغطية التراب الوطني»؟

 

- ماذا استفاد إقليم فكيك من إعادة التقسيم الجهوي؟ وما هي المنافع التي جلبها مفهوم الجهوية المتقدمة لهذا الإقليم المنكوب الموجود على الحدود مع عدو شرقي؟

 

- هل توصيات مناظرة أكادير حول الجهوية المتقدمة التي انعقدت في دجنبر 2019، تكتسي مصداقية حين نصت في توصياتها على دور «العدالة المجالية كأولوية في السياسات العمومية والترابية من أجل تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية» داخل التراب الوطني؟

 

- ما السبب الذي جعل فكيك التي كان يضرب بها المثل في رغد العيش والبحبوحة والرفاهية عبر المثل الشعبي: «فوق فكيك» ليتحول فكيك إلى منطقة يضرب بها المثل في تفريخ نزلاء السجون؟

 

- هل هو الفقر؟ هل هو منطق انتقام الدولة من سكان فكيك منذ أحداث 1973 حين احتدت المواجهة بين القوى الوطنية اليسارية والنظام في عهد سنوات الرصاص؟ هل هو جهل الحكومة والجهة والإقليم بأن المغرب يضم أحد كنوز اليونيسكو بفكيك (القصور والأسوار والمباني التاريخية) التي أضحت كنوزا للبشرية وتراثا للإنسانية؟ لكن بحكم قصر نظر المسؤولين صعب عليهم حسن تدبير هذا التراث الكوني، الذي بدل أن يتحول إلى مضخة للثـروة والنماء تحول إلى منبت للتيه والتشرد واقتياد الناس إلى السجن؟

 

جميل أن تحتفي مندوبية السجون والمرصد بنزلاء سجن بوعرفة، لكن الأجمل هو أن تحتفي السلطة المركزية بفكيك كهبة إلاهية (هبة منظرية وطبيعية ومعمارية وتراثية) منحها الله للمغرب، لرد الاعتبار لهذا الإقليم الحدودي وإنصافه، عبر اعتماد «مخطط مارشال» حقيقي وفعال يغطي تراب الجبهة الشرقية من فكيك إلى جرادة لإنقاذ هذا الشريط المنكوب.