حين كانت ألمانيا في أوج المواجهات الحربية والمعارك العسكرية المفتوحة في أكثر من جبهة في أواخر القرن التاسع عشر ، احتاج هذا المجهود الحربي إلى مصاريف وتمويلات إضافية. ومع بداية القرن القرن العشرين وانحباس مصادر التمويل، اهتدى المشرع الألماني إلى حيلة لضخ الزيت في محرك الآلة العسكرية عبر فرض ضريبة على المشروبات الكحولية (تستثنى البيرة منها) ترصد فقط للبحرية الألمانية.
هذه الضريبة" la taxe " SEKTSTEUER، مازالت تقتطع إلى اليوم بنسبة أورو وما يزيد قليلا عن كل زجاجة نبيذ تباع بألمانيا. وإذا علمنا أن الألماني يستهلك سنويا 131 ليتر من الكحول(منها 33 ليتر من النبيذ)، آنذاك نعي حجم ما تجنيه البحرية الألمانية من موارد قارة ومهمة تساعدها على تطوير بنياتها او أسطولها.
في المغرب، حيث النفاق هو الديانة الرسمية للسلطات العمومية، نجد أن استهلاك المشروبات الكحولية يصل إلى 131 مليون ليتر كل عام، موزعة على البيرة (93.000.000 ليتر ) وباقي أنواع المشروبات الأخرى من الروج والويسكي والفودكا وغيرها (38.000.000 ليتر). عائد هذه المشروبات لا يستفيد منها بالمغرب سوى الوزراء والبرلمانيون ومنتخبو الجماعات الترابية في شكل ريع يحصلون عليه كتعويضات وامتيازات ومنح عن التنقلات والسفريات. ذلك أن المشروبات الكحولية بالمغرب تدر على خزينة البلاد مبلغ 1.5 مليار درهم كل عام. ورغم أن الوضع يعد أمرا واقعا، فإن الحكومة والبرلمان يستغلان حالة النفاق العام بالمغرب "لترك الحبل على الغارب" دون القدرة على فتح الملف وترشيد النقاش العمومي حول الموضوع.
صحيح أن الألماني يستهلك لوحده 131 ليتر من المشروبات الكحولية كل عام (أي ما يعادل حمام منزلي ممتلئ !) بينما المغربي لا يستهلك سوى 17 ليتر بالكاد كل سنة( حوالي ثلاث "سطولة" ونصف ممتلئة!)، لكن مع فارق يتمثل في أن الألماني وهو يحتسي مشروبه وينتشي بأنخابه في حانة أو كاباريه أو غابة أو في الدار او في ناد، يعي أن ضريبة "النشوة" تساهم في ضمان إشعاع البحرية العسكرية الألمانية. في حين أن المغربي يضخ الملايير كل عام في الخزينة العامة دون أن ينعم بالحق في رؤية "ضريبة النشوة" ترصد لضمان تجهيز مختبرات الثانويات بالمغرب بالمعدات التقنية أوتخصص لتحسين ظروف عمل الممرضين بالمستشفيات والمراكز الصحية أولتجهيز القوات المساعدة بالسيارات والأجهزة اللاسلكية للإكثار من الدوريات لإشاعة الأمن بالساحات والأسواق أو رصدها لبناء ملاعب القرب يستفيد منها الشباب بالمدن والقرى المغربية.
ما أحوج المغرب إلى وضوح السياسي الألماني وعقلانية المشرع الألماني !!