وكان الطلاب العالقون بفرنسا قد أكدوا في اتصالات هاتفية بجريدة "أنفاس بريس " أن الوزارة لم يسبق لها أن أعلنت عن قرارها بحرمان طلاب مدرستي KEDGE BUSINESS SCHOL وNEOMA BUSINESS SCHOL، مشيرين بأنهم تلقوا صدمة قوية بعد نشر قائمة الطلبة الذين يتابعون دراستهم في مدارس التجارة والمستفيدين من منح الإستحقاق والذين لا يتعدى عددهم 95 طالب، علما أن عدد الطلاب المتابعين دراستهم في مدارس التجارة بفرنسا والمستفيدين من منح الإستحقاق خلال الموسم الماضي بلغ 199، فكيف يفسر الوزير أمزازي هذا الفرق الكبير الذي يصل إلى 104 منحة مابين الموسمين الأخيرين؟ وهل يمكن تفسير الأمر بالإرتجال أم بالمحاباة، علما أن كل طلاب المدارس العليا للمهندسين بفرنسا استفادوا من منح الإستحقاق خلال الموسم الحالي، مع أن الدراسة بالمعاهد العليا للهندسة بفرنسا مجانية أو شبه مجانية؟ ألا يشكل الأمر هدرا للمال العام ؟ ألم يستحضر الوزير أمزازي مبدأ أساسيا نص عليه الفصل 31 من الدستور وهو مبدأ تكافؤ الفرص؟ ألم يستحضر الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة بتاريخ 12 أكتوبر 2018، والذي أكد على " أي مواطن كيفما كان ، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء". ؟
كيف سيتدبر الطلاب العالقون بفرنسا أمورهم الدراسية وأداء الرسوم المطلوبة للمعاهد الفرنسية، في ظل هذه الأجواء النفسية المدمرة، خصوصا أمام الإمكانيات المحدودة لعائلاتهم، علما أن البعض منهم اضطروا إلى الحصول على قروض بنكية لتغطية مصاريف دراسة أبنائهم بالخارج ؟
إن المأساة التي يعيشها العشرات من الطلاب المغاربة العالقين بفرنسا ( 104 ) تفترض إيجاد حل عاجل من وزارة التربية الوطنية، علما أن الأمر يتعلق بصورة البلاد ، خصوصا أن الأمر يتعلق بطلاب مغاربة متفوقين قضوا سنتين في المدارس التحضيرية لولوج المعاهد العليا، واجتازوا بنجاح مباريات الولوج إلى المعاهد العليا للتجارة بفرنسا، والذين يفترض دعمهم من طرف الوزارة بدل حشرهم ضمن دائرة الأرقام المضللة والحسابات الضيقة، خصوصا أن الوزارة لم يسبق لها أن وجهت أي إشعار بحرمان هؤلاء من المنحة، حيث ظل إسم NEOMA BUSINESS SCHOLL و KEDGE BUSINESS SCHOLL دائما حاضرا ضمن المدارس والمعاهد العليا المعنية بالإستفادة من منح الإستحقاق ضمن القرارات الوزارية، بل أكثر من ذلك أن هاتين المدرستين مصنفتان ضمن 10 أفضل مدارس للتجارة بفرنسا.
إن ما وقع لطلاب المعاهد العليا للتجارة يعد إهدارا حقيقيا لخيرة الموارد البشرية التي صرفت عليها أموال طائلة من قبل الدولة المغربية، وإقبار حقيقي لمسارهم الدراسي خصوصا أنهم قضوا سنتين في المدارس التحضيرية لولوج المعاهد العليا في المغرب، وهي المدارس التي لا يلجها إلا الطلاب المتفوقون دراسيا، وبالتالي، بدل مواجهة الأزمة بإصدار " البلاغات الملغومة"، فإن الحل الناجع الذي قد يعفي مستقبلا المئات من العائلات والطلاب من هذه المعاناة أو " المصيبة الكحلة " كما يحلو لبعضهم وصفها، هو مبادرة الوزير أمزازي بشكل مستعجل بحذف المعاهد العليا للتجارة من قائمة المعاهد المعنية بمنح الإستحقاق بدل تسويق الأوهام للطلاب المغاربة، ذلك أن مشكلة الوزير أمزازي ومعه مسؤولون آخرون، أنهم يقدمون العربة على الحصان، وينتظرون منه أن يدفع بها إلى الأمام، قبل أن يكتشفون بشكل متأخر أن (الحصان – التعليم العالي) يجر العربة إلى الخلف وإلى الهاوية، لا إلى الأمام.