كلما قررت السلطات العمومية «تنظيف» وسط الدارالبيضاء من كل ما تعتبره مرافق مضرة أو مرافق عمومية لا يرتادها سوى «الرعاع»، تقوم برميها إلى سيدي عثمان لدرجة أن هذه المقاطعة تحولت إلى «زبالة» تتخلص منها الدولة من كل الأعطاب.
فحينما رغبت الدولة في تهجير سوق الجملة من وسط المدينة اختارت سيدي عثمان، ولما قررت طرد «لافيراي» وقع نظرها على سيدي عثمان، وحينما ضاقت بـ «الحواتة» بميناء الدارالبيضاء «فزعتهم» إلى سيدي عثمان، ولما امتعضت من وكالة التثليج لم تجد بدا من سيدي عثمان لإيواء هذا المرفق. ولما تقززت من بائعي البيض والحديد بشارع محمد السادس اتخذت قرار تنقيل هذه الحرف إلى سيدي عثمان، ولما استشاطت الدولة غضبا من حنطة الحبوب أصدرت أمرا بنفي مهنيي هذه التجارة إلى سيدي عثمان. وحينما أرادت الدولة أن تتخلص من قنبلة الهراويين بعد تنامي البناء العشوائي وتصاعد المد الأصولي استقر قرار الدولة على سيدي عثمان لاستقبال 50 ألفا من منطقة الهراويين الجنوبية التي تم اقتطاعها من عمالة مديونة وألحقت بعمالة سيدي عثمان، فانتفض الوزير كريم غلاب )آنذاك( بقوة ضم منطقة الهراويين إلى مقاطعة سباتة حينما كان رئيسا لهذه الأخيرة في تلك الفترة لاعتقاده أنه سيعود إلى الرئاسة من جديد في انتخابات 2009، وبالتالي لا حاجة لغلاب بـ «صداع الراس» مع «رعاع الهراويين»، مما حذا بالدولة إلى الرضوخ إلى طلب غلاب وضمت الهراويين (المعروفة بكونها مضخة الاختلالات والأعطاب الحضرية) إلى سيدي عثمان.
المؤسف أن السلطات العمومية وهي تتعامل باحتقار مع ساكنة سيدي عثمان لم تعمل على مواكبة هذه القرارات بالموارد المالية اللازمة لمواجهة الحاجيات والطلبات. فسوق الجملة لوحده يلجه يوميا حوالي 20 ألف مواطن من مختلف مدن المغرب. والشيء نفسه يصدق على سوق الحوت و«الباطوار» مع ما يترتب عن ذلك من متاعب على مستوى تردي البنية التحتية وغياب المرافق وإغلاق الحدائق وشح الإمكانيات. بل الأفظع أن المسؤولين لما تخلصوا من هذه المرافق المزعجة بوسط المدينة تشبثوا بأن تبقى مواردها المالية تضخ في حساب مجلس المدينة، وليس في حساب مقاطعة سيدي عثمان. بدليل أن معظم موارد الدارالبيضاء (خارج تلك المحولة من طرف وزارة المالية) تأتي من هذه المرافق الموجودة بسيدي عثمان (مثلا سوق الجملة لوحده يدر سنويا على المدينة 13 مليار سنتيم، وقس على ذلك باقي المرافق) في حين لا ينعم سكان سيدي عثمان سوى بمنحة هزيلة من مجلس عبد العزيز العماري تقدر بحوالي ملياري سنتيم في السنة ، وهو ما يمثل 95 درهما في السنة لكل مواطن، أي ما يعادل خمس ريالات في اليوم لكل مواطن شاءت الأقدار أن يسكن في سيدي عثمان، علما بأن كل مواطن بسيدي عثمان يمنح لخزينة الدارالبيضاء 1200 درهما سنويا بسبب وجود هذه المرافق الملوثة بمقاطعته تمثل فيها مداخيل سوق الجملة 572 درهما في السنة (أي ما يعادل 3.2 درهما في اليوم).
نعم، لم نعاين خروج سكان سيدي عثمان في مظاهرة احتجاجية للمطالبة «بتحرير» تراب مقاطعتهم من هذه الأعطاب لإيمانهم بأنهم مغاربة أولا وبيضاويون ثانيا. لكن السيل بلغ الزبى، ونفد صبر السكان بخصوص التهميش الذي يطال منطقتهم مقارنة مع الحظوة التي تتمتع بها أحياء المسؤولين والأحياء التي توجد بها مشاريع كبار القوم (مثلا حي راسين وعين الذياب أو كاليفورنيا التي تحولت إلى «جنة»! بسبب تهريب ضرائب سكان الأحياء الشعبية لتزيين أحياء المسيرين!) لدرجة أن مجرد المطالبة بالتعجيل بالتجديد الحضري لحي للا مريم مثلا أضحى من سابع المستحيلات. أما المطالبة بالاهتمام بحديقة الاليسكو المجاورة لمقبرة غبيلة أو فتح الحديقة المجاورة للمركب الإداري (أمام أسيما) فتعتبر من الخيال العلمي عند الساكنة بسيدي عثمان لأنهم - في نظر السلطة العمومية - ليسوا أهلا للتمتع بالحق في رؤية الخضرة والجلوس في حديقة نظيفة وآمنة.
وإذا كان هذا حال مطالب صغيرة، فما بالكم بالورش الضخم المقدم للملك، والذي لم ير النور، ألا وهو شق طريق 50 مترا، لفك العزلة عن سيدي عثمان. إذ بدل إنجاز هذا الطريق، المفروض أن تربط بين سيدي معروف وأهل الغلام عبر المدينة الجديدة سيدي عثمان، تم تحويل أموال السكان للاهتمام فقط بشوارع وسط المدينة، حيث يملك كبار الأثرياء والمحلات التجارية الفخمة، سلطة الإملاء على المسؤولين لما يرونه ملائما لمصالحهم ومشاريعهم التجارية والمالية.
أما الحقراء من ساكنة سيدي عثمان فليركبوا 04 ( Zero Quatre)!