لقد حان الوقت لتقييم وتدقيق الفارق والعلاقة بين الفعل الحقوقي الفردي أو الجماعي اليومي وبين الحركات الإجتماعية التي لا يمكن إلا أن تكون جماعية، وفي كل مسار وبعده، لابد من تقييم الأداء ومساءلة الوقع سواء السياسي أو القانوني أو الإجتماعي، أي ما يمكن إعتباره أثرا على الدولة والمجتمع معا، فكلاهما يحتاج إلى تمكين وتطوير وتقريب الهوات وتوفير بيئة للتسويات، مادام الفعل الحقوقي أو الإجتماعي مجرد عمل إصلاحي.
هذا من باب التذكير وكم واحد منا في حاجة إلى تمثل الفرق بين كل آلية ودينامية، لكن ما يؤرق هو تماهي المتدخلين والمسؤوليات، وارتباك الفعل الحقوقي تجاه الحركية الإجتماعية، وهذا يحتاج إلى ورشات وندوات ونقاش نوعي، وفي مقالنا اليوم. اريد ان اركز على إشكالية تجمع بين الإرادوية الإفتعالية وبين التلقائية التي يفرض القانون والأمر الواقع، ففي سياق تبرير توتر العلاقة بين حقوق الإنسان والنظام العام، تطرح المسألة الأمنية قيد المحك، ولعل تكثيف الإخبار عن تفشي الجرائم، خلال فترة زمنية معينة، وبشكل مثير، ليؤكد أن هناك إرادة مبيتة تروم تطويق المد الحقوقي بالحاجة إلى الأمن، غير أن الأثر العكسي ينتج حقيقة إعلامية تفيد بشكل سلبي أن الوطن مرتع للجرائم وبالتالي حقل خصب لإنتاج التطرف والإرهاب، على عكس ما يعرف عن العقل الأمني المغربي بكونه مهندس مناهضة الإرهاب واستئصال منابع التطرف والعنف، و بذلك وجب الحذر من مغبة محاولة استعمال واستغلال الوضع الأمني لأجل تبرير أية مقاربة اقتصادية أو سياسية أمنية تجاه الخارج.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنه بعد إجبار الرأي العام الوطني على ضرورة تصديق عدم جدوى "العمل الحزبي"، وحصول فراغ كبير وهوة بين قوى المجتمع الحية وبين مؤسسات الدولة، مما يطرح سؤال الولاء والإنتماء. ومن باب ربط النتائج بالأسباب، لابد من إثارة موضوع سيادي بامتياز، ذي صلة وثقى وعضوية بالموضوع؛ ففضيحة الولاء لداعش يتداولها بعض الإعلاميين والسياسيين كنميمة عابرة وترف «ثقافي» ترفيهي، والحال أن الأمر يثير مسؤولية جنائية لأن التخلي عن الإنتماء للوطن لا يبرره الولاء لـ «الأمة» الإسلامية كذا، فلسنا بصدد استبدال الجنسية المغربية بأخرى، لأن المهاجرين ينخرطون ضمن عصابات «الجريمة الدولية المنظمة» التي تروم إبادة البشر وعلى الخصوص الأقليات الدينية والعرقية، لذلك فكل تسهيل ودعم أو تستر يعتبر مشاركة في كل التصميمات على اقتراف الجرائم المحتملة، ولا أعتقد أن المقاربة الأمنية وحدها كافية للردع، بل لابد من تقييم نجاعة المنظومة التربوية في العلاقة مع إعمال الفكر النقدي وقيم الإختلاف والتنوير والتقدم و حقوق الإنسان، دون إغفال مطلب العدالة الإجتماعية التي تحد من شساعة الفوارق الطبقية وانتهاكات المواطنة الإمتيازية، لذلك فالحرية التي يصبو إليها شبابنا، ليست حرية التجول وحرية الملكية الفردية وفق ما يقتضيه النظام الرأسمالي النيوليبرالي، وإنما أساسا بقية الحريات العامة المقرونة بالحقوق الأساسية المؤطرة بمطلب التحرر والمساواة والعدالة حسب جدلية مطلب التنمية /حرية والتنمية / تربية.