الصايا والجينز ليسا حراما
الحب ليس حراما
الحرام هو استحمار الرأي العام
الحرام هو نفاق الشعب
الحرام هو ممارسة الحب في باريس بالتحرر من غلو الخطاب الأصولي الذي يتم تسويقه داخل المغرب للناخبين، وإشهار «البطاقات الحمراء» التي يرفعها سدنة «البيجيدي» وحراس الأخلاق والقيم في الساحات والفضاءات العامة بالمغرب. كأنّ الله لا يراهم ولا يسمعهم في باريس! كأن باريس قطعة من «الجنّة» يزورها «البيجيدي» لأخذ تسبيق من مداخيل حسنات يوم "الآخرة". كأن باريس بمعنى ثالث لا يوجد فيها رأي عام مغربي سلبت أصواتهم بالمكر والخديعة و"الرهبانية"، يحاسبهم على ما يحرموه عليهم ويحللوه على إخوانهم وزبانيتهم.
لكنّ السؤال الذي ينتصب في الذهن ما سبب «شرود» بنكيران بعد هذه الضجة التي أثيرت حول الصور «المتحررة» المنسوبة للبرلمانية والقيادية بحزب البيجيدي؟ لماذا لم ينبس ببنت شفة للدفاع عن «شرف» أمينة التي تعد أشرس المدافعات عنه بعد الإطاحة به من «عرش» الحكومة والحزب؟ أين صراخ بنكيران الذي يصل أحيانا إلى حد «الهمجية» في التضامن مع ماء العينين على غرار تضامنه مع عبد العالي حامي الدين المتابع بتهمة القتل؟ هل جريمة القتل أقل خطبا من صور «وردية» منسوبة لأمينة ماء العينين تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي؟ إذن ما خطب بنكيران وكيف فرط بهذه السهولة وترك الألسن تنهش وجهها؟
هي أسئلة مشروعة يكاد ينطق بها وجه أمينة ماء العينين المتورّد خجلا في أول ظهور لها بالبرلمان بعد انتشار صور «المولان روج» وساحة «فان دوم». وجه أمينة ماء العينين كان كتابا مفتوحا، كما يمكن أن تقرأ في عينيها مفاتيح كلّ الألغاز التي أحيطت بألبوم صورها في عطلتها بباريس.
واقعة أمينة ماء العينين هي مجرد حلقة من حلقات مسلسل النفاق السياسي بعنوان «ازدواجية الخطاب السياسي والأخلاقي». منذ قيادة البيجيدي للحكومة، سواء في نسختها الأولى أو الثانية، وقياديوها لا تذبحهم سوى ألسنتهم، ولا يعارضون إلا أنفسهم «الأمّارة بالسّوء»، ولا يتقاتلون إلاّ مع ذواتهم وتناقضاتهم وتصريحاتهم.
بالرجوع إلى قضية أمينة ماء العينين، فما صدم الرأي العام ليس لباسها الذي تلبسه بشكل عاد أي مغربية في الشارع أو المقهى أو العمل ولا يطرح أي مشكل، ولكن الذي صدمهم هو قناع الشيزوفرينيا الذي يلبسه القياديون في الجناح الدعوي لذراع البيجيدي.
ما صدم المغاربة هو «دوبل فاص» و"جوج وجوه".
ما صدم المغاربة هو التدليس على الشعب بخطاب «العفة» و"الاتجار بالدين" والإتيان بسلوكات يعيبها الأصوليون على بنات وأبناء الشعب.
ما صدم المغاربة ليس لباس ماء العينين، (فهي حرة في جسدها ولباسها)، بل هي تلك الوصاية التي كان يمارسها القادة الأصوليون بالبرلمان وبالفضاء العام على المجتمع باسم الأخلاق وباسم الطهرانية.
هل ننسى عربدة بنكيران والشوباني حين انتفضا في البرلمان ضد صحفيتين بسبب لباسهما (وهو بالمناسبة لباس كل مغربية وهو نفس اللباس الذي ارتدته قيادية حزبهما بباريس).
هل ننسى انزلاقات الرميد والريسوني بشأن السياحة في مراكش وبرامج التلفزيون.
هل ننسى حديث «خائنة العيون» و"عفتي في لباسي".
حكايات قياديي البيجيدي أكثر تشويقا وإثارة من قصص «ألف ليلة وليلة»، لأن ليالي البيجيدي في الحكومة طويلة جدا ولا ندري ماذا تخبئ لنا الأقدار. والغريب أن معظم فضائح «الكوبل» تقع بين أفراد التنظيم. لكنّ الفارق في قضية ماء العينين هو أنها اختارت التحليق خارج التنظيم و"خارج الطائفة".
دروس كثيرة مستخلصة من قضية ماء العينين التي قامت بتحجيم حزب كان يخوض حربا ضد الحريات الفردية، وبعد أن سقطت «البقرة» في مذبح «البيجيدي» فلا مجال لأن يتصدوا لسقوط السكاكين التي كانوا يذبحون بها المغاربة!!