عضو باللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال آثر عدم ذكر إسمه
الفرج آت والحل سيكون قريب جدا
أعتقد أن أنانية مجموعة من الأحزاب السياسية هي السبب وراء بلوكاج تشكيل الحكومة، لذا ينبغي عليها أن تجعل الغيرة الوطنية فوق كل اعتبار، وأنا لا ألوم شخص أو حزب دون الآخرين، ككل المكونات السياسية المغربية لم تستطع أن تتفاهم بخصوص توحيد الرؤى لتشكيل الحكومة، فعلى الأحزاب الراغبة في المشاركة أن لا تضع العقد وأن تقتنع بأن حضورها داخل الحكومة ينبغي أن يوازي عدد المقاعد التي حصلت عليها، فالمشكل يكمن في وجود أحزاب حصلت على عدد قليل من المقاعد ومع ذلك تضع شروط معينة و تتشبت بحقائب وزارية وازنة..ا لوزارات كلها وازنة وما ينبغي التركيز عليها هو اختيار الكفاءات القادرة على العطاء، وأنا لا ألوم بنكيران ولا شباط ولا لشكر ولا اخنوش ولا بنعبد الله ولا العنصر في هذا البلوكاج، فكل هذه المكونات ينبغي عليها الجلوس لطاولة الحوار من أجل التفاهم لتشكيل الحكومة، لم نتمكن من الجلوس على طاولة الحوار لنتفاهم بخصوص تشكيل الحكومة.. إذن نحن دولة فاشلة.. نحن أمة فاشلة.
وأعتقد أن المخرج سيكون بعودة الأحزاب الى قواعدها، وينبغي علينا التأثير على القواعد بكلام من قبيل «دعوني أمارس الضغط عليه ليستجيب..». هذا المفهوم لم يعد له وجود.. فالغلبة تكون بالمعقول ومن لم يحصل على مقاعد كافية من خلال صنادق الإقتراع عليه أن يلتزم الصمت ويشمر عن سواعده كي يحصل على المقاعد مستقبلا، ولنتنافس في استقطاب المتعاطفين، ولكي يتحقق ذلك لابد أن نكون في خدمتهم.. فعدم حصولنا على المقاعد يعود الينا كمكونات، ربما لم نحسن اختيار المرشحين، ربما لم نحسن التعامل مع الشعب، واذا لم نتوصل إلى مخرج من هذه الأزمة فنحن فاشلون كأحزاب سياسية ومن حق الشعب أن يثور علينا لكوننا لم نتمكن من إخراج التشكيلة الحكومية لحد الآن، لكنني أعتقد أن الفرج سيكون قريب والحل سيكون قريب جدا.
محمد بولامي، عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي الموحد
الدولة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن بلوكاج تشكيل الحكومة
أعتقد أن الدولة هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن بلوكاج تشكيل الحكومة، ولو أرادت ايجاد حل لهذا البلوكاج فمن المؤكد أنها قادرة على تحقيق ذلك، فهناك إرادة لتحجيم دور الحكومة بشكل عام. فمن خلال قراءة عامة للمشهد يظهر أن البلاد تسير بدون حكومة، بمعنى أن المغاربة ليسوا في حاجة الى حكومة، فالملك يقوم بجولاته في إفريقيا، ويقوم بتدشينات.. إذن المؤسسة الملكية هي الحاضرة في المشهد، والحكومة لا دور لها. كما نسجل تكريس الدور الأساسي المضمن في الدستور، وهو أن الحكومة دورها ثانوي، وأن الدور الرئيسي للمؤسسة الملكية. للأسف ليس هناك برنامج لجميع الأحزاب، والبرنامج الموجود هو برنامج صندوق النقد الدولي، والأحزاب تتنافس بينها لإثبات من هو الحزب الأكثر جرأة في تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي. فبنكيران في تجربته الحكومية السابقة قدم جميع التنازلات ونفذ ما لم يستطع تنفيذه أي وزير أول في المرحلة السابقة، فلا المعطي بوعبيد ولا عصمان ولا عبد الرحمان اليوسفي استطاعوا تنفيذ ما نفذه بنكيران، بنكيران باع المؤسسات العمومية، باع الصناديق الاجتماعية، علما أن المغرب بني على التوازنات الاجتماعية وحماية القدرة الشرائية عبر صندوق المقاصة، حماية تقاعد المواطنين بعد سنوات عديدة من العمل، بنكيران فكك صندوق التقاعد وفكك كذلك صندوق المقاصة، وهذه تنازلات.
وفي ما يخص الصراع الدائر بين الأحزاب التي يرتقب أن تشكل الحكومة، فهو يدور حول الحضور في المشهد السياسي في المرحلة القادمة. فالإتحاد الإشتراكي وحزب الإستقلال خرجا بخلاصة مفادها أن وجودهما خارج الحكومة لم يمكنهما من تحقيق نتائج إيجابية، ولهذا السبب قاما بمراجعة خلصت إلى التواجد من داخل الحكومة كي يكون لهما موقع في المستقبل، أما بالنسبة لباقي الأحزاب الأخرى فهي ولدت لتكون في الحكومة وليست في المعارضة، فوجودها في المعارضة سيؤدي إلى ضمورها وموتها، لأن الأعيان الذين يوجدون في الأحزاب من مصلحتهم الدفاع عن مصالحهم من موقع الحكومة، ومن هنا يأتي الصراع حول ضرورة التواجد داخل الحكومة. البام أيضا إذا لم يشارك في الحكومة فالأعيان المنضوون تحت لوائه سيغادرونه، والدليل هو أن الاتحاد الاشتراكي لما كان في الحكومة عرف طوفانا من الأعيان الذي قرروا الالتحاق به، ولما خرج من الحكومة غادره الأعيان وفقد الاتحاد الاشتراكي مكانته بعدما فقد الدور الذي كان يلعبه في المعارضة، ونفس الأمر بالنسبة لحزب الاستقلال الذي غادره الأعيان بعد مراهنته عليهم في مرحلة معينة.
أما عن تعطيل عمل البرلمان، فهذه نتيجة لوضع دستور على المقاس بعجالة، لأن فصل السلط يقتضي أن المؤسسة التشريعية تشتغل باستقلال تام عن المؤسسة التنفيذية. فالحكومة لها دور أساسي في العمل التشريعي ولكن الدور الأول هو للمؤسسة البرلمانية، وعلاقة بأهمية مصادقة البرلمان على مشروع قانون المالية الجديد قبل 31 دجنبر، أشير إلى أن الدول في العالم تلجأ إلى تقنية القانون التعديلي، والذي يعني في المغرب اللجوء في مسطرته الأولى فتح اعتمادات، أي اعتمادات تتعلق بالتسيير وسداد الديون بعد 31 دجنبر، والذي سيعرض على البرلمان لمناقشته في 15 يوما، وهذا إجهاز على دور المؤسسة التشريعية. فرغم حصول حزب العدالة والتنمية على الأغلبية، فإن دورهم التشريعي سيكون محدودا جدا، وهذا من جملة الإشكالات التي يطرحها دستور 2011.
وبطبيعة الحال هناك مخرج من البلوكاج الحالي، فالأحزاب التي تقف وراء هذا البلوكاج تؤتمر، فلو طلب منها رفع أياديها عن البلوكاج فمن المؤكد أنهم سيرفعون أياديهم، فهي ليست أحزاب مستقلة بل مجرد أحزاب تسير بجهاز التحكم عن بعد. وبالنسبة للمواطنين فما يحدث هو شيء عادي، فالسياسة ليس فيها الفراغ، فهناك هجوم على ما تبقى من المؤسسات الإجتماعية التي لها دور في البلاد وهي المؤسسة التعليمية، وهناك الإجهاز على القوت اليومي للمواطنين، لذا من الطبيعي أن يتحرك الشارع وهذا أمر جيد، فهو يخلق نوعا من التوازن في البلاد، فليست هناك سلطة واحدة تقرر ما تشاء، فمنذ حراك 20 فبراير 2011 أصبح للشارع كلمته وأصبح له دور يلعبه في سياسة البلاد.
رقية الدرهم، عضو المكتب السياسي للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية
بنكيران هو المسؤول الأول عن بلوكاج تشكيل الحكومة
لسنا مسؤولين كأحزاب سياسية عن هذا البلوكاج، فقد لبينا داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دعوة رئيس الحكومة المعين في إطار المشاورات، وللأسف مازلنا ننتظر كأحزاب كما ينتظر الشعب المغربي ككل. فالبلوكاج لا يتحمل مسؤوليته الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أو أي حزب آخر، بقدر ما يقف وراءه حزب العدالة والتنمية. وبالتأكيد فرئيس الحكومة هو المسؤول عن هذا البلوكاج، وأشير إلى أن المشاورات لم تصل الى مستوى نقاش الحقائب الوزارية، فالسيد رئيس الحكومة لم يحسم بعد في الأحزاب التي ستتحالف معه، وبالتالي فالمشكلة لا تتعلق بالحقائب الوزارية بقدر ما تتعلق بالحسم في الأحزاب التي ستشكل الحكومة. وسواء كنا داخل الاتحاد الاشتراكي في الحكومة أو في المعارضة فهذا ليس هو المشكل بقدر يتعلق الأمر بحسم السيد رئيس الحكومة في تشكيلته الحكومية، فإذا كنا نتحدث بمفهوم العدد فالعدد اكتمل، وإذا كنا نتحدث عن التشكيلة التي تناسبه فسواء اكتملت أم لم تكتمل فالأمر يعود إليه. وأنا لا يمكنني الجواب عن سؤال ما إذا كانت كتائب «البي جي دي» أو السيد أخنوش هما اللذان يقفان وراء البلوكاج، ولكن ما يمكنني قوله هو أن السيد رئيس الحكومة معين من طرف الملك من أجل تشكيل الحكومة في إطار الدستور، وعلى رئيس الحكومة اختيار تشكيلته الحكومية وإخراج نفسه من هذا المأزق. فلا أخنوش ولا أي شخص آخر من الأحزاب الأخرى يمكن أن يخرجه من هذا المأزق. وأشير إلى أن البلوكاج ليست خاصية مرتبطة بالمغرب، فقد عايناه أيضا في العديد من البلدان الديمقراطية، وعايناه في لبنان، حيث عين مؤخرا رئيس الدولة بينما لم تشكل لحد الآن الحكومة، وعايناه أيضا في إيطاليا، حيث ظلت إيطاليا لمدة طويلة بدون حكومة. ومن المؤكد أن هذا البلوكاج ستكون له تداعيات على مستوى الاستثمارات العمومية، خاصة أنه يفترض المصادقة على قانون المالية في 31 دجنبر، كما يمكن أن تنجم عنه مشاكل اجتماعية، فرئيس الحكومة الآن أصبح هو السلطة التنفيذية وهو الآن الذي ينفذ كل القرارات التي يفترض أن تدبر بشكل جماعي وليس في إطار فردي. ينبغي على رئيس الحكومة إيجاد حل لهذه الأزمة في أقرب وقت.. فها هو البرلمان معطل عن العمل، وها هي ميزانية 2017 تم تمريرها دون مناقشة، أما من الناحية الاجتماعية، فهناك احتقانات، احتجاجات الطلبة، احتجاجات الأساتذة، النقاش الدائر بخصوص فرض رسوم على التعليم العمومي.. من سيدبر هذه المشاكل؟ وأنا أقول لك كحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا مشكل لدينا في التواجد في الحكومة أو عدم التواجد فيها، فلم يسبق أن دار نقاش بيننا وبين رئيس الحكومة حول عدد الحقائب، حيث تركزت المشاورات حول البرنامج الحكومي وعلى الاندماج في حكومة متراصة تضم كفاءات قادرة على تسيير شؤون البلاد وشؤون المغاربة. وشخصيا أعتقد أن هذا البلوكاج لن يستمر لأنه لا يخدم مصلحة الجميع، فحتى إمكانية إعادة الانتخابات تظل مستحيلة، لأنها مكلفة جدا، والدستور واضح بهذا الخصوص فالملك هو الضامن لتسيير البلاد والضامن للاستقرار، ولكن رئيس الحكومة هو الوحيد الذي يمكنه الإجابة عن هذه القضية، حيث قال بصريح العبارة «إذا فشلت في تشكيل الحكومة فسأعود إلى الملك». ينبغي أن تتغلب الوطنية على الذاتية في هذا المأزق حتى يتمكن رئيس الحكومة من إخراج حكومة قادرة على رفع التحديات التي يعيشها المغرب في أقرب الآجال.
عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية
الدولة العميقة هي التي تقف وراء هذا البلوكاج
أعتقد أن هناك دائما تفاصيل ودائما هناك جهات تريد أن تستفيد من تفاصيل ومن هوامش حراك معين، لكن لا ينبغي أن تلهينا التفاصيل عن جوهر الخلاف الذي يكمن في وجود إرادتين، إرادة الانتقال الديمقراطي وإرادة إبقاء الوضع على ما هو عليه في وضعية قريبة من السلطوية، وهذا ما يسمى «التحكم»، أي الضبط من الأعلى، ضبط المجتمع وضبط مؤسسات المجتمع بما فيها ضبط الدولة وبأساليب لا علاقة لها بأساليب تدبير المؤسسات. أما عن اتهام كتائب حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء بلوكاج تشكيل الحكومة فلتواجه بكتائب أخرى.. الجوهر هو ما قلته لك..نفس الحكاية تتكرر في كل وقت تتيسر الظروف لإنجاز الانتقال الديمقراطي، حيث تقوم نفس البنيات والتي أسميها الدولة العميقة بمحاولة الالتفاف على الوضع، وهذا وقع مع الأستاذ عبد الله إبراهيم وما أدراك ما الأستاذ عبد الله إبراهيم، ثم كانت ستحدث محاولة مماثلة مع الأستاذ علال الفاسي ولم تر النور، حيث ظلت فكرة في العدم، كما كانت هناك محاولة أخرى مع الأستاذ امحمد بوستة في 94/95، والأمر نفسه وقع مع الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، وشكون هو الأستاذ اليوسفي.. اليوسفي ليس قامة وطنية فقط بل قامة دولية، ومع ذلك تم الالتفاف على عمله عام 2002، حيث قال بنفسه «لم يتيسر أن نمر من الانتقال التوافقي إلى الانتقال الديمقراطي»، وتم الإتيان بالأستاذ جطو في إطار التهييء لخلق حزب الدولة الذي هو «حزب البؤس»، وجاءت حكومة عباس الفاسي وتحدثوا عن كونه شكلت له الحكومة. والأدهى من ذلك أن بعد مرحلة الأستاذ اليوسفي الدولة خلقت حزبها. إذن عدنا للسلطوية.. وهناك محاولة ثالثة لا علاقة لها بالأستاذ بنكيران ولا بحزب العدالة والتنمية، فالمغاربة راكموا بعد 60 سنة من الكفاحات بعد الاستقلال فألا يمكن أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم؟ وما أقوله أكبر من الأشخاص الذين يروج الحديث عن وقوفهم وراء البلوكاج، ففي التفاصيل كما قال دي كويلار يوجد الشيطان، فالدولة العميقة هي التي تقف وراء هذا البلوكاج حتى لا تخرج أية حكومة لها علاقة بالاقتراع، ولها علاقة بالشعب وهذا أصل الحكاية، حيث كانت في البداية محاولة إفساد الاقتراع ولم تنجح الدولة العميقة، بل الشعب سفه الدولة العميقة، إذ كان يفترض أن يجرى اقتراع 7 أكتوبر بدون تدخل المال وبدون تدخل الإدارة الترابية ولما يمر 7 أكتوبر تترك الأحزاب لشأنها.. تتحالف.. تختلف.. تتصارع.. تتناحر هي وشأنها، فليدعوها تدبر أمورها. وإذا كان الصراع حول الحقائب الوزارية كما يقول البعض، فنحن مستعدون داخل حزب العدالة والتنمية إلى تشكيل حكومة من 15 وزيرا.. من سيصدق هذا الكلام.. شبكات التواصل الاجتماعي، الناس في نقاشاتهم واعون بأن هناك من يدبر الأمر من خلف الستار. فالصراع حول الكراسي وما إلى ذلك يتعلق فقط بتفاصيل التفاصيل، أما القضية فتتعلق بالحيلولة دون خروج حكومة منسجمة، أي حكومة يشكلها رئيس الحكومة وتحت سلطة رئيس الحكومة.. نحن بحاجة إلى الأغلبية لتشكيل الحكومة، وهذه الأغلبية حالوا دونها بالتصرف في اقتراع 7 أكتوبر، والشيء الوحيد الذي لم يقدروا على التصرف فيه هو تعيين رئيس الحكومة، لأنه محسوم دستوريا، وما بقي لهم هو التصرف في التحالفات كما وقع في الجهات وفي مجلس المستشارين، حتى تكون المخرجات هي حكومة هجينة بأكثر من رأس وغير منسجمة ولا علاقة لها بالاقتراع. وأعتقد أنه ليس هناك من مخرج سوى إعادة الانتخابات حتى تتوفر الأغلبية، فالدستور واضح بهذا الخصوص أو أن ترفع الدولة العميقة يدها عن الأحزاب.
محمد أوزين، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية
الحل في ظل هذا البلوكاج هو الاحتكام إلى صاحب الجلالة
موقفنا عبر عنه الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، وأعتقد أن التجاذب الموجود حاليا يتعلق بما إذا كنا نود القيام بتعديل وزاري أو نجري تعديلا على مكونات الأغلبية. وأعتقد أن الطرح الأسهل هو القيام بتعديل حكومي. فالأغلبية بحاجة إلى استكمال الأوراش التي بدأتها، فالحكومة التي شكلت عام 2011 جاءت من أجل استكمال الورش الدستوري الذي بدأناه من قبل، وكما تتبعتم فقد عانينا من صعوبة تنزيل القوانين التنظيمية بمقتضى الدستور، وكانت أمامنا ولاية واحدة لتنزيلها كاملة. إذا كنا لم نتمكن من تنزيل جميع القوانين التنظيمية، ألا تستحق هذه الأغلبية ولاية أخرى لتنزيل مشاريع القوانين التنظيمية المتبقية؟ وكما تعلمون فصاحب الجلالة عين رئيس الحكومة كي يشكل أغلبيته، وأمام رئيس الحكومة مخرجين: المخرج الأول وهو السهل أي البقاء ضمن أغلبيته المريحة التي ستمكن الأغلبية من استكمال أوراشها، والمخرج الثاني هو تعديل مكونات الأغلبية. وأعتقد أن المخرج الأول هو السهل ويعطينا الفرصة للقيام بتعديل وزاري وليس بتعديل أغلبي.
أما ما يروج من حديث بخصوص وجود صراع حول الحقائب الوزارية أو البرامج، فلا أعتقد ذلك. فلا يمكننا الخوض في الحقائب أو البرامج ونحن لم نحدد ملامح الأغلبية لحد الآن، حيث مازلنا نفتقد للهندسة الحكومية لحد الآن. ولا ينبغي أن ننسى أنه اليوم يمكن أن يكون هناك توجه جديد في إطار السياق الذي يعبشه المغرب، يمكن إحداث وزارات جديدة. فاليوم هناك مطلب بإحداث وزارة العالم القروي والمناطق الجبلية التي تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى. إذن، من الصعب جدا الحديث عن الحقائب أو الأسماء المرشحة ونحن لم نصل بعد إلى هذه التخمة.. نحن لم نتوافق لحد الآن حول مكونات الحكومة، أما بخصوص اقتراح إعادة الانتخابت التشريعية فهذا غير ممكن، فلا يمكن لمن صوت البارحة أن يدلي برأيه اليوم حول شخص ربما لم تعطى له الفرصة لحد الآن كي يعاين مستوى تمثيليته له ، وربما سنكرر نفس المشهد السياسي مع إهدار الجهد والوقت. وأعتقد أن الحل في ظل هذا البلوكاج يكمن في الاحتكام إلى صاحب الجلالة، أما الحديث عن وجود التحكم فلا أساس له، فأنا اليوم مكون من الأغلبية الحالية ويمكن أن أكون غدا مكونا للأغلبية. اذن هل أنا أيضا خاضع لهذا التحكم؟ أنا أقول لا، لأن لدينا منطقا واضحا، لأننا دخلنا في تجربة معينة ونود إنجاحها، واليوم نقول لا يمكن أن يطلب منا لعب دور المكمل لأغلبية أخرى مشكلة وفق تصور السيد رئيس الحكومة.. لا يمكنني القبول بذلك فكيف يعقل الحديث عن التحكم في هذا الإطار، فإذا كانت الأمور أيسر وأسهل وكانت لدي أغلبية مريحة، والتي خاضت معي التجربة السابقة، وينبغي الاستمرار معها يوم غد، فأين يكمن الإشكال؟ إذن المشكل يكمن في الخلاف حول الهندسة، فالأغلبية السابقة تتشبث بإكمال الأوراش التي بدأتها، وربما سي بنكيران يقول إن له التزاما مع حزب الاستقلال، وهذا أمر غير ممكن، فلما نتحدث عن مشاورات فينبغي أن نتفق على تركيبة تكون موضوع توافق «ماشي كنقول هالي عندي اللي بغا يجي مرحبا به». وشخصيا لا أستوعب القراءات التي تنجز حول التحكم، فإما أن أسير معك منبطحا، وإما أن أعبر عن رأيي ليجري الحديث عن التحكم. وأنا أقول نحن ضد التحكم وضد الانبطاح، فلا يمكننا الانبطاح وقبول لعب دور المكمل لأغلبية السيد رئيس الحكومة، ولا يمكننا أن نقبل، لأننا عبرنا عن موقنا ورفضنا تأييد مقترح رئيس الحكومة بأن نكون موضوعا للتحكم.
ذ. محمد الحسني الإدريسي، محامي بهيأة الدارالبيضاء
المخارج الدستورية للأزمة الحكومية
في عرف الأنظمة الديمقراطية المعاصرة، يعتبر الدستور المكتوب أو غير المكتوب، القانون الأسمى الذي يحمي الممارسة الديمقراطية، ويضمن احترام الإرادة الشعبية، ويجنب الحياة السياسية أي إمكانية للانحسار أو الاحتقان الذي يمكن أن يعطل المصالح العامة ويخل بالتوازنات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدولة..
المغرب من الناحية المبدئية لا يخرج عن هذا المشترك الكوني في تمثل وتفعيل أسس النظام الديمقراطي، خصوصا مع التعديلات الجديدة التي تضمنتها الوثيقة الدستورية لعام 2011، والتي جاءت استجابة لتطلعات الشارع المغربي في تكريس قواعد المنهجية الديمقراطية، والاحتكام في ذلك إلى ما ستفرزه صناديق الاقتراع من نتائج، ولكن أيضا من رسائل سياسية إلى كل الفاعلين السياسيين.. ففي ما يتعلق بنتائج الاقتراع حاز حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى بنسبة الأصوات المعبرة لفائدته قدرت في 4 % من المسجلين في اللوائح الانتخابية، وهي نتيجة مركبة استنادا إلى المنطق الديمقراطي. فهي من جهة تبوب الحزب المرتبة الأولى بالمقارنة مع الأحزاب المتبارية في الانتخابات، ومن جهة أخرى هي نتيجة تكشف رقعة انتشار الخطاب الحزبي للعدالة والتنمية بين صفوف المواطنين، وهي أيضا بالمنطق الديمقراطي نتيجة متواضعة تفترض التعامل مع الدلالة الأولى للنتيجة المحصل عليها بواقعية سياسية.. وفي ما يتعلق بالرسائل السياسية الى كل الفاعلين السياسيين، العملية الانتخابية وما يرتبط بها من نشاط سياسي موسمي للنخب الحزبية، وربما في بعض ما ستفرزه من هياكل، لم تستطع أن تشكل نقطة جدب وتعبئة سياسية للغالبية العظمى للمواطنين الذين يتضح أنهم متتبعون جيدون لما يجري حولهم في الساحة السياسية من تجاذبات، لكنهم في نفس الوقت عازفون عن الانخراط في الانتخابات بدءا بالتسجيل في اللوائح الانتخابية وصولا إلى الترشح أو التصويت .. وقد لا نكون بعيدين عن الخلاصة السوسيولوجية التي يمكن علميا استخلاصها من هذه الرسائل والنتائج، أن الذي يمنع الأحزاب ونخبها من تبوء مركز الصدارة في إرادة المواطنين المعبر عنها عن طريق صناديق الاقتراع، هو افتقاد العملية برمتها للوضوح السياسي اللازم في علاقة السياسة العامة لآي حكومة المعلن عنها سواء في البرامج السياسية لمكوناتها أو في التصريح الحكومي بعد استكمال تعيين أعضائها، بإرادة المواطنين أصحاب القرار الحقيقي والشرعية الحقيقية .. ففي كل التجارب السابقة كثيرا ما تبقى التصارح الحكومية ومعها برامج الأحزاب المشكلة لها حبرا على ورق، فيما تدبر السياسات العمومية وفق رؤية وبرامج بعيدة عن إعلان النوايا الصادر عن الحكومة ومختلف مكوناتها..
وما الأزمة الحالية في إخراج حكومة أغلبية منسجمة الى الوجود في زمن سياسي معقول، ووفق توازنات تضمن لها اللحمة والقوة المطلوبة لتنفيذ برنامجها الحكومي، إلا أحد تجليات الوضع السياسي العام، وهو ما يتحاشى الجميع الخوض فيه بالوضوح والجرأة اللازمين، الشيء الذي يزيد الوضع تعقيدا ويزيد البون والهوة توسعا بين الحزب المحتل للمرتبة الأولى انتخابيا ومعه الأحزاب المعلنة عن قرارها الانحياز له ضمن التحالف الحكومي والشارع المغربي..
والسؤال المطروح أمام هذا الوضع، هل هناك من مخرج دستوري لحل الأزمة الحكومية؟ أو أن هناك فراغ دستوري كما دهب إلى ذاك بعض المحللين؟
الخطاب الملكي لـ 9 مارس 2011 الذي قدم من خلاله مشروع الدستور الجديد، وقف عند المرتكزات الأساسية للدستور الجديد، ومنها اعتبار ديباجة الدستور جزءا من المتن الدستوري، وتكريس مقومات الطابع البرلماني للنظام السياسي، ورفع مكانة الوزير الأول الى رئيس الحكومة، وتعيين هذا الأخير من الحزب المتصدر للانتخابات البرلمانية..
تصدير الدستور الذي أصبح جزءا من الدستور ينص على «أن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة».
والفصل 7 من الدستور ينص على أن الأحزاب «... تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية..».
الفصل 42 من الدستور ينص من جهته على أن «الملك رئيس الدولة.. وضامن دوام الدولة واستقرارها، ويسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي..».
إن هذه المقتضيات السياسية والدستورية تجعل مسألة تأسيس الحكومة والخروج من نفق التقاطبات الحزبية الضيقة، ممكنا دستوريا وسياسيا من عدة مداخل يمكن إجمالها في:
- تدخل الملك بصفته رئيسا للدولة وخول دستوريا بتعيين رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة وإعفائهم، في إطار صلاحياته المشار إليها المتعلقة بضمان حسن سير المؤسسات الدستورية، والدستور نفسه يعطي لذلك مخرجا واضحا بمقتضى الفصل 47 الذي ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر للانتخابات، وليس بالضرورة رئيس الحزب، وقد يكون لتغيير الشخص المعين تأثير في مسار المفاوضات، وقد يدعو مسؤولي الحزب إلى مراجعة منطلقات التفاوض من أجل بلوغ هدف الخروج بحكومة منسجمة تتوفر لها مقومات الاستمرار
- رئيس الحكومة المعين يعطيه الفصل 104 من الدستور إمكانية «حل مجلس النواب بعد استشارة الملك ورئيس المجلس ورئيس المحكمة الدستورية، بمرسوم يتخذ في مجلس وزاري، ويقدم رئيس الحكومة أمام مجلس النواب تصريحا يتضمن، بصفة خاصة، دوافع قرار الحل وأهدافه».
- الفصل 62 من الدستور ينص على كيفيات تشكيل مكتب مجلس النواب واللجان الدائمة ومكاتبها، وهذا الفصل يمكن أن يفتح إمكانية تفعيل المقتضيات الدستورية في إطلاق عمل المؤسسة التشريعية التي يمكنها أن تمارس عملها الرقابي على هذا الفراغ السياسي الذي يرهن الحياة السياسية ويعطل المؤسسات الدستورية، كما يمكن أن يساهم ذلك في خلق قنوات جديدة للتواصل بين الفرقاء السياسيين المعنيين بالتحالف الحكومي ويزيل الضغوط الحقيقية والوهمية حيال تشكيل الحكومة بقيادة الرئيس المعين من طرف الملك أو غيره..
السؤال الذي يبقى بعد ذلك معلقا، هل الأمر بأزمة فراغ دستوري كما صوره البعض؟ أم أن الأمر يتعلق بإشكال سياسي حول تدبير مرحلة ما بعد الانتخابات في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية؟