مصطفى ملكو : لماذا بَقِي اليسار المغربي جنينيّاً ؟

مصطفى ملكو : لماذا بَقِي اليسار المغربي جنينيّاً ؟

كان السياسي و المثقّف العضْوي سي عبد الرحيم يقول زمن الدَّعوة الإتحادية " المقاعد لا تهمُّنا "، لكنَّه ما لَبِثَ أن انتقل زمن البناء الديموقراطي ببلادنا إلى القول أن " المقاعد تهمُّنا " مُدْركاً أن مدى تمثيلية أي حزب تُقاس بعدد مقاعده النيَّابية.
هكذا تمكن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من داخل المؤسسات المُتاحة إيصال صوته إلى الجماهير و بناء قاعدة عريضة من القوات الشعبية؛ و حتى و إن تآكلت اليوم بسبب التكالب و التآمر عليه، فإنه قادر على ترميم ما تَصَدَّعَ.

هذا التمهيد يقودني إلى التساؤل عن أسباب عجز اليسار المغربي في اختراق المجتمع؟ أُجْمِلُ معاينتي كالتالي:

ـ لم يستطع اليسار القيام بنقد ذاتي لوضع اليد على أسباب تعثره و تقديم كشف حساب للعقود الماضية.

ـ ضبابية الصورة عند اليسار بشأن المؤسسات القائمة .

ـ لازال اليسار حبيس مفردات و شعارات عتيقة تعود إلى الستينيات من قبيل " دستور ممنوح"، " فصل السلط" أو "مَخْزَنَةُ النظام".

ـ كأني باليسار لا يميز بين وتيرة الزمن السياسي و وتيرة الزّمن المجتمعي.

ـ لم يثبت أن استطاع اليسار استثمار المكاسب الديموقراطية ليجعل منها قاطرة إلى أعمق منها.

لم يقدم اليسار أي مشروع مجتمعي يُذكر، كل ما هنالك تراتيل و إنشاء حول مطلب " الملكية البرلمانية" كأن تحقيق هذه غاية في حدّ ذاتها تقي المغرب من كل الشرور؛ كذلك مطالبه الفضفاضة حول الحرية و العدالة وبدون ذكر كيْفَ كأن في المغرب من هو ضد الحرية و العدالة!
و هذه المثبّطات جعلت من اليسار نادي أو ديوانيات أَدْلَجة بعيدة عن هموم الشعب و لم تمكنه بالتالي من كسب قلوب و عقول المغاربة.

إن اليسار المغربي استمرئ وضْعَهُ اليَرَقِيُّ الذي هو على كل حال وضْعٌ مريحٌ بعيداً عن مِحَكِّ ممارسة المسؤلية المؤسساتية !