هذا التمهيد يقودني إلى التساؤل عن أسباب عجز اليسار المغربي في اختراق المجتمع؟ أُجْمِلُ معاينتي كالتالي:
ـ لم يستطع اليسار القيام بنقد ذاتي لوضع اليد على أسباب تعثره و تقديم كشف حساب للعقود الماضية.
ـ ضبابية الصورة عند اليسار بشأن المؤسسات القائمة .
ـ لازال اليسار حبيس مفردات و شعارات عتيقة تعود إلى الستينيات من قبيل " دستور ممنوح"، " فصل السلط" أو "مَخْزَنَةُ النظام".
ـ كأني باليسار لا يميز بين وتيرة الزمن السياسي و وتيرة الزّمن المجتمعي.
ـ لم يثبت أن استطاع اليسار استثمار المكاسب الديموقراطية ليجعل منها قاطرة إلى أعمق منها.
لم يقدم اليسار أي مشروع مجتمعي يُذكر، كل ما هنالك تراتيل و إنشاء حول مطلب " الملكية البرلمانية" كأن تحقيق هذه غاية في حدّ ذاتها تقي المغرب من كل الشرور؛ كذلك مطالبه الفضفاضة حول الحرية و العدالة وبدون ذكر كيْفَ كأن في المغرب من هو ضد الحرية و العدالة!
و هذه المثبّطات جعلت من اليسار نادي أو ديوانيات أَدْلَجة بعيدة عن هموم الشعب و لم تمكنه بالتالي من كسب قلوب و عقول المغاربة.
إن اليسار المغربي استمرئ وضْعَهُ اليَرَقِيُّ الذي هو على كل حال وضْعٌ مريحٌ بعيداً عن مِحَكِّ ممارسة المسؤلية المؤسساتية !