واهن من يظن بأن ما جعل المغرب في منأى عن رياح الربيع العربي هو الجبن أو الخوف، أو التقاعس، أو حكومة بنكيران. الواقع وحقيقة الأمر لا يدركه إلا من عاش وكان متتبعا لكل شهر ويوم وساعة ودقيقة من زمان ما اصطلح على تسميته بسنوات الرصاص، وقام بمقارنة بسيطة بين تلك الحقبة وبداية العهد الجديد الذي انطلق قبل الربيع العربي على الخط الزمني لتسلسل الأحداث، حيث عرف الإعلان عن إصلاحات في مجال الحريات والحقوق الأساسية، ثم الإعلان عنها ضمن ثاني خطاب رسمي للملك محمد السادس بعبارة "المفهوم الجديد للسلطة"، شملت توسيع هامش حرية التعبير، وحقوق الانسان.
إجراءات جاءت في ذلك الإبان كخطة طريق لتلبية قسط من طلبات الشارع المغربي، واعتبرت من طرف المتتبعين لتدبير الشأن العام آنذاك على أنها الحكامة الأمنية التي تعتمد على المبادئ الثلاثة (استباقية الأحداث- الوقاية – التدخل).
وكانت بمثابة سفينة النجاة التي أوصلت المغرب إلى بر الأمان.. رؤية كانت مغيبة لدى الأنظمة العربية التي هزتها رياح الربيع العربي وراح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء وأصاب مدنها الخراب. قطب الرحى في العملية كان المواطن المغربي الذي عبر بذلك عن نضجه ووعيه، وعدم قبوله بالمساس بأمن البلاد، وسلامة العباد، رؤية ثاقبة تحتم على كل من له علاقةبالسلطة من بعيد أو قريب أن يعي بأن المواطن المغربي اليوم بلغ من الوعي ما يجعله يميز بين الواجبات والحقوق، ولن يقبل بأن تمس ذرة من أمن وطنه، كما أنه لم يعد يتقبل (الحكرة) من جهة أخرى، ومن تم جاء دستور 2011 الذي استفتي المغاربة بشأنه ليكرس تلك الحقوق كما هو متعارف عليها عالميا .
رجالات السلطة ببلادنا يفترض فيهم أن يكونوا أول العارفين والمطبقين لمضامين دستور 2011 من أجل الحفاظ على أمن البلاد، وسلامة العباد، لأن ما أصبحنا نعيشه خلال هده الأيام ويتداول عبر كل مواقع التواصل الاجتماعي الذي أمسى سلاح السلطة المجتمعية، من سلوكات بعض رجالات السلطة تم الإجماع على نعتها بـ "الحكرة" يدفعنا إلى التساؤل والبحث عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تلك السلوكات.. هل هي نتيجة لـ: عدم الخوف من العقاب المتمثل في تقصير الدولة في المحاسبة من خلال عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، أم إشكالية استقلالية القضاء، أو اعتماد تلك النخبة من رجالات السلطة على التماسيح والعفاريت أو أو أو...