محمد بن الطاهر: ليس هناك الكثير من المهاجرين بفرنسا، بل المزيد من العنصرية

محمد بن الطاهر: ليس هناك الكثير من المهاجرين بفرنسا، بل المزيد من العنصرية

"ليس هناك الكثير من المهاجرين... فقط المزيد من التعصب والعنصرية"، إنها الرسالة التي حاول المآت من المتظاهرين تبليغها، يوم الـ22 أكتوبر الجاري، في كل من "مانس" و"تريبودن" وغيرهما من المناطق الفرنسية ضدا على الوقفات المعادية للأجانب من قبل الجبهة الوطنية ومسانديها من اليمين المتحرر وأيضا أقصى اليمين.

نعم، لا يمكن الحديث في هذا البلد عن غزو أو تدفق مهول للمهاجرين، ثم من هم هؤلاء الذين يرهنون بقاءهم بقيد الحياة على رحلات قد تكون مميتة أحيانا؟. إنهم الهاربون من ضراوة الحروب وقساوة الاضطهاد الممارس من طرف بعض أصدقاء فرنسا نفسها في حق مواطنيهم وأقليات بلدانهم. إنهم الفارون من الفقر والقهر ونقص موارد الأكل والشرب والتغذية عموما التي تنهبها منظمات متعددة الجنسية، وبعضها فرنسية.

والواقع الذي لا يمكن القفز عليه في هذا السياق، هو أن فرنسا لا تستقبل سوى نسبة ضئيلة من هؤلاء المضطهدين الراغبين في إنقاذ حياتهم وحياة أسرهم، إذ من بين 65 مليون نازح هناك 21 مليون لاجيء، لا تأوي أوربا الغنية إلا 1,39 في المائة منهم. فيما لا تضم فرنسا غير نحو 10000، وهو رقم يكاد لا يعتبر. هذا في الحين الذي يدر المهاجرون على الدولة أزيد من 12 مليار أورو ولا يكلفون سوى 4,8 مليار أورو.

لهذا كانت رمزية الرسالة بليغة جدا، وأجاب المواطنون من خلالها الجبهة الوطنية عبر التأكيد على أن مواجهة الكراهية والقمع والإذلال لا يمكن أن تتم دون التحرك باحتلال الشوارع كرد فعل، وأيضا كرد قوي على الأجهزة السياسية الحكومية الغائبة. بل للأجهزة المتابعة للمقاومة المدنية باعتبارها الوحيدة القادرة على ردع وإحباط انتشار أفكار اليمين المتطرف.

إن المواطنين لا ينتظرون شيئا مما يدور في فلك اليسار الفاشل اجتماعيا بعد أن ترك أسباب تفشي اللاعدل واللامساواة تتعاظم، مع دعم وخدمة  الباطرونا اقتصاديا، إلى جانب فظائع الإعفاء الضريبي والتوظيف والتنافسية ومهزلة قانون الشغل.

إنه الغرق السياسي بعينه، والذي تأكد من خلال خرجات الرئيس الأخيرة أمام صحافة العالم. خرجات أعطت الدليل على الانحطاط الإيديولوجي بحرمان الأجانب من حق الاقتراع في الانتخابات المحلية. مع أن كل هذا، يؤشر على أن ليس هذا اليسار المتحرر القادر على مواجهة أفكار اليمين المتطرف.

وآخر الكلام هو أن المواطنين المنتظر مشاركتهم في استحقاقات 2017 يعرفون جيدا ما سيقومون به. فبالأمس، كانوا بتلوينات متعددة، وصمتهم المحرج أحيانا يبعث برقيات صاخبة بشعار واحد، مفاده: "نحن المدافعون عن القيم، ولن نترك تمادي الجبهة الوطنية في ترهيب الأجانب".