تحدثنا في مقالة سابقة، عن سيناريوهات تشكيل حكومة بنكيران II، والتي لخصناها في 04 سيناريوهات ممكنة.. السيناريو الأول، يتعلق بتشكيل حكومة مثل تلك المشكلة عقب انتخابات 25 نونبر 2011، السيناريو الثاني، يتعلق بتشكيل حكومة مثل تلك المنتهية ولايتها، السيناريو الثالث، يتعلق بتشكيل حكومة من البيحيدي و أحزاب الكتلة، وسيناريو رابع وأخير، بتشكيل حكومة بامجية، أي بتحالف المتناقضين البام والبيحيدي.
سنحاول من خلال هذه المقالة، أن نسلط الضوء على رهانات الربح و الخسارة لحزبي العدالة و التنمية والأصالة والمعاصرة. لكن قبل ذلك، لابأس من التذكير بأهم الأحداث التي عرفتها الأيام القليلة الماضية:
1- مباشرة بعد إعلان نتائج تشريعيات 2016، لم ينتظر الأمين العام للبام كثيرا، إذ خرج ليصرح لوسائل الإعلام إصطفاف حزبه للمعارضة. هذا التصريح لم يكن اعتباطيا، لكن تم بعد معرفة تامة باستحالة قبول البيجيدي التحالف مع البام، إذ أن خسائره ستكون وخيمة على الحياة السياسية المغربية، وستعدم ذلك البصيص من الأمل لدى مواطنات ومواطني هذا البلد السعيد.
2- لم يتأخر رد حزب التجمع الوطني للأحرار كثيرا، للإدلاء بدلوه في معركة تشكيل الحكومة، إذ تسارعت الأحداث باستقالة رئيس الحزب، والدعوة لمؤتمر استثنائي في 29 من الشهر الجاري، وإعلان تشكيل فريق نيابي مشترك مع حزب الاتحاد الدستوري.
3- وفي رد فعل سريع، تمكن الأمين العام لحزب الاستقلال من إقناع الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للمشاركة معا في الحكومة.
انطلاقا مما سبق، يتبين أن سيناريوهات تشكيل الحكومة، تقلصت في سيناروهين فقط، السيناريو الثاني والثالث.
إذا قبل السيد بنكيران، بالسيناريو الثاني، فإن الحكومة سوف تتشكل من أحزاب الائتلاف الحالي (البيجيدي، التجمع، الحركة والتقدم والاشتراكية) إضافة للوافد الجديد، حزب الاتحاد الدستوري.. لكن هذا السيناريو سيضع بنكيران أمام معطيين هامين، الأول يتعلق بتشكيل حكومة مع أحزاب توصف بأحزاب إدارية، أو بالأحرى، أحزاب لا تمتلك سيادة قرارها. والثاني، بمواجهة معارضة شرسة مشكلة من البام والاستقلال والاتحاد الاشتراكي.
بالمقابل، فإن البام سيكون سعيدا بحكومة مماثلة، حيث أنه سيضع يده على الحكومة من خلال علاقة القرب التي تجمعه بحزب التجمع، وسيقوي شرعيته السياسية، بانضمامه، أو قيادته لمعارضة، بمعية أحزاب وطنية عريقة.
أما إذا قبل السيد بنكيران، بالسيناريو الثالث، فإن الحكومة سوف تتشكل من حزب البيجيدي وأحزاب الكتلة (الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية). لكن هذا السيناريو، سيضع بنكيران في موقع لا يحسد عليه، لسببين رئيسيين، الأول بوضعه الثقة مجددا في الأمين العام لحزب الاستقلال، بعدما كان السبب في الخروج من حكومة بنكيران في نسختها الأولى. أما السبب الثاني، فيتعلق بالجانب الأخلاقي، حيث ماذا سيقول بنكيران لمناصيره حول تحالفه مع حزب صرح علانية، أنه في حالة فوز البيجيدي، فإن المغرب سيقع به أكثر ما يحصل بسوريا.
بالمقابل، فإن البام سيكون غير سعيد بهذا التحالف، لأنه يموقعه بجانب أحزاب توصف بالإدارية، هو الحزب الباحث عن شرعية سياسية بعيدا عن ما يوصف به، أي كونه حزب مقرب من "صانعي القرار".
انطلاقا مما سبق، وبحسابات الربح والخسارة، فإن السيد عبد الإله بنكيران، من الراجح أن يتجه نحو تشكيل حكومة مثل الحكومة المنتهية ولايتها، إضافة لحزب الاتحاد الدستوري. لأن هذا السيناريو (السيناريو الثاني) يحفظ ماء وجه الجميع (البيحيدي والبام).
ختاما، علمتنا التجربة، أن الحياة السياسية المغربية، حبلى بالمفاجأة. وعليه، فإنه في غياب وجود منطق سياسي، يمكننا أن نرى غداً حكومة مشكلة وفق سيناريو خامس أو سادس، لا يعرفه إلا من له رؤية كاملة "للبوزل السياسي المغربي".