بناء على ذلك، أمام اليسار ثلاث مهام بإمكانها أن تنقذ ما تبقى فيه، وأن تعيد الأمل للعاطفين عليه. الأولى: أن تبذل مكونات اليسار جهدا حقيقيا في إعادة تحديد هويتها كيسار بما هي القيم العليا التي تنتصر إلى معسكر التنوير وقيم الديمقراطية والتحديث والاصطفاف إلى جانب فقراء هذا الوطن. تحديد الهوية كفيل بأن يحدد كذلك من مع الشعب ومن ضده، ومن يحمل شعار التحديث والبناء الديموقراطي، ومن يناصر الارتداد والنكوص. -المهمة الثانية: أن تبذل هذه المكونات جهدا حقيقيا في ابتكار إمكانيات جديدة للتحالف في ما بينها كصف ديموقراطي وطني، على قاعدة الوفاء للتحديات التي تمليها المرحلة الراهنة. وفي هذا الإطار لا توجد منطقة رمادية. فاليسار يسار واليمين يمين، ومن يحاول أن يخلق المعادلات من الوهم لا يمكن أن يحصد إلا الوهم. وتلك أهم دروس استحقاق 7 أكتوبر. كما أن من شأن هذا التحالف أن يخلق كتلة جديدة تعوض الكتلة الديموقراطية التي شيعتها الممارسة المتعترة لأقطابها التقليديين، ومن شأن هذا التحالف أيضا تمتيع المغاربة بمعارضة قوية وذكية وفاعلة تقطع مع الشعبوية وتنصت لنبض المجتمع للدفاع عن مصالحه داخل قبة البرلمان. -أما المهمة الثالثة فتتمثل في ضرورة توسيع مجالات عمل اليسار عبر النزول اليومي إلى الشارع والتصالح معه. إذ لا يمكن أن نقبل باستمرار احتكار الأصوليين وحدهم لهذه الأنوية المجتمعية العميقة. في حين يبقى اليسار متمسكا باختياره الصالوني- الكافياري المعزول عن الواقع، وعن المغاربة. إذا استحضر اليسار هذه المهام، وبادر إلى مواجهتها فإنه سيحول كبوة 7 أكتوبر إلى انتصار حقيقي، وذلك بمعيار التاريخ الممتد في الزمن، وليس بمعيار أرقام اليوم )وما محطة 2021 ببعيدة(. فهل يكون الاتحاد والفدرالية وباقي الشتات اليساري، في الموعد مع التاريخ، أم ستكون لهم قراءة أخرى لن يكون من علاماتها سوى مزيد من تفكك الاتحاد والفدرالية على حد سواء؟