الارتقاء بالرهان الانتخابي لـ 7 أكتوبر، والاختيار الأفضل لمن يمثل المواطنين في المؤسسة التشريعية، في ظل المكتسبات الدستورية والسياسية الجديدة لما بعد دستور2011، والقفزة الديمقراطية والنوعية والخطوات الجوهرية المتخذة من طرف جلالة الملك لاستكمال مسيرة الإصلاح والتقدم، وإرساء دعائم مجتمع ديمقراطي حداثي لغد أفضل، يجعل المسؤولية مشتركة تتحملها الأحزاب السياسية والنقابات الاجتماعية والمجتمع المدني.. ويبقى نصيب المواطنات والمواطنين أكبر، لأن المواطن(ة) هو القلب النابض والمؤشر الحاسم والحكم الفيصل عبر آلية العملية الانتخابية برمتها، لكون المواطن في هذه المحطة يدرك أهمية وقيمة صوته الذي لا يقدر بثمن، ويحسب له ألف حساب، ويستحضر واجبه الوطني ويحدد أولويات مصلحة بلاده، وفقا لطموحاته وأهدافه ورؤيته الخاصة للمؤسسة التشريعية لأنه المسؤول عن إفرازها في الاستحقاقات المقبلة.
والإدلاء بالصوت وفق اختيار وقناعة المواطن للمترشح صاحب البرنامج الانتخابي الأفضل، الحامل لرؤية أهم للمشروع المجتمعي الاقتصادي والاجتماعي والإيديولوجي يواكب التغيير والإصلاح وتطلعات الدولة المغربية، يشكل رهانا ساطعا لمفهوم المواطنة الحقة والمشاركة المسؤولة وتأكيد الالتزام والإيمان في تدبير السلوك الانتخابي بتدبر وتبصر وحكمة الناخب المغربي المسؤول لاستشراف غد أفضل. إن مشاركة المواطن(ة) والاختيار بصوته بين البرامج والمرشحين في انتخابات 7 أكتوبر، تعتبر فرصة العمر وأمانة تجاه تجويد مؤسسات الوطن، ليس من قبيل الأحلام والأماني، وإنما حقيقة وممارسة فعلية على أرض الواقع لا تتكرر دائما. وحيث أن المشاركة يوم الجمعة 7 أكتوبر في العملية الإنتخابية، تتيح للمواطن(ة) فرصة حرية التعبير واختيار من يمثله في التعبير عن همومه وطموحاته وانتظاراته والدفاع عنها، وهي محطة لاختبار واجبه الوطني وقدرته على المساهمة الفعالة في عملية الإصلاح والتغير، لأنه شريك ومسؤول عند الإدلاء بصوته كل في موقعه ومجاله في تعزيز عملية التطور الديمقراطي للوطن.
فدستور المملكة الجديد يعطي لكل مواطن ومواطنة الحق في التصويت وفي الترشح للانتخابات عند بلوغ سن الرشد القانوني والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وأكد على أن التصويت حق شخصي وواجب وطني (الفصل 30) لانتخاب ممثلي الشعب في المؤسسات الوطنية والترابية، عن طريق الاقتراع العام المباشر عبر انتخابات حرة نزيهة ومنتظمة، وأنها أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي (الفصل11). وعلى هذا الأساس، فإن مسؤولية مساهمة ومشاركة المواطن(ة) المغربي في العملية الانتخابية تشكل رافعة لبناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، ودعامة مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة (تصدير)، وأن كل الضمانات الدستورية والقانونية، مؤشرات لإعادة الاعتبار للمشهد السياسي، تجعل من صوت المواطن(ة) معنى حقيقي للتغير في تشكيلة وعمل المؤسسة التشريعية خاصة مع المنع القطعي للترحال السياسي لممثلي الشعب سواء بتغير الانتماء السياسي أو بتغير الفريق أو المجموعة البرلمانية (الفصل61). إن صوت المواطن(ة) في استحقاقات الجمعة 7 أكتوبر فرصة ذهبية وفرصة سانحة لمساءلة التجربة البرلمانية السابقة وتقييم الأداء الحكومي خلال مدة انتدابهم، وكذا تقييم النقد البناء واقتراح البدائل لأحزاب المعارضة تتماشى وانتظارات المواطنين وحل مشاكلهم.
كما أن حق التصويت الوارد في المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان دجنبر 1948 المادة 21 "لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده... من خلال انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء متكافئ من حيث ضمان حرية التصويت".. والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق السياسية للمرأة لسنة 1952 المادة الأولى "للنساء حق التصويت في جميع الانتخابات، بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز".. كل هذه المبادئ منصوص عليها في دستور2011 الفصول (2-11-19-30..) كما عمل دستور المملكة على تطبيق الاتفاقية بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة لـ 13 دجنبر 2006 بمنحهم حق التصويت المادة 77 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بجلس النواب، وكذا لمادة 20 من القانون التنظيمي رقم59.11 تنص "لكل ناخب به إعاقة ظاهرة تمنعه من وضع علامة تصويته على ورقة التصويت أو إدخال هذه الورقة في صندوق الاقتراع الحق في الاستعانة بناخب من اختياره... "كما أن المواد 17-18 من دستور2011 تمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات..." مشار لها في المادة 72 من القانون التنظيمي 27.11المتعلق بمجلس النواب، وتحدد المادة 20 من القانون التنظيمي رقم59.11 إجراءات التسجيل في اللوائح الانتخابية ومسطرة التصويت إذا تزامن يوم الاقتراع مع تواجدهم بأرض الوطن، كما يجوز لهم التصويت عن طريق الوكالة انطلاقا من بلدان إقامتهم...
فالعملية الانتخابية برمتها في جميع الدول عمودها الفقري وقلبها النابض رهين بالمشاركة السياسية للشباب والتعبير عن آرائهم، فالكتلة الناخبة بالمغرب أغلبيتها الساحقة تهمين عليها الشباب بنسبة 60 في المائة، وهي الفئة المهمة من مكونات الشعب المغربي في لعب دور تجديد النخب والوجوه المعتادة في الحياة السياسية. وعليه نراهن على مشاركة الشباب الفعالة والمكثفة في استحقاقات 7 أكتوبر لكونها ضرورة ملحة لتحصين المكاسب وتعزيز البناء الديمقراطي للمؤسسات والمساهمة في تخليق المشهد السياسي، فكل التحفيزات والضمانات أعطيت للشباب سواء بتخفيض سن الترشيح إلى 18سنة ليطابق سن التصويت، وتضمين القانون التنظيمي للأحزاب السياسية رقم 11/29 ضرورة إدراج الشباب في الهياكل التقريرية للأحزاب ومنحهم فرصة الممارسة في الحياة السياسية. وتحمل عاتق السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد الفصل 33 من الدستور، سيتوج بإحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي الفصل 170من الدستور، وتخصيص حصة للشباب (إناث وذكور) دون سن الأربعين 30 مقعدا على مستوى اللائحة الوطنية بمجلس النواب.
فدعوة جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش 20 يوليوز 2016 للأحزاب السياسية المتنافسة بتقديم مرشحين، تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة وروح المسؤولية والحرص على خدمة الوطن.. واعتبر عاهل البلاد أن المواطن هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الأحزاب والمرشحين، وشدد جلالته في ندائه "لكل الناخبين بضرورة تحكيم ضمائرهم، واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين خلال عملية التصويت بعيدا عن أي اعتبارات كيفما كان نوعها".
فالواجب الوطني يستدعي ويفرض على كل مواطن مغربي امرأة أو رجلا، شيخا أو شابا، في وضعية إعاقة أو مقيما خارج الوطن المشاركة المكثفة في استحقاقات 7 أكتوبر، واستحضار الواجب والمصلحة العليا للوطن عند اختيار ممثلي الشعب المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والتفاني في خدمة الوطن، واستعمال للمبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة لجعل من مجلس النواب المقبل السياج والداعم للتجربة الديمقراطية الفتية بالبلاد.