الذي أنزل الداء، أنزل أيضا "التيليكوموند" التي تسمح لنا بغض البصر عما يبث من تضبيع بالتلفزة المغربية، في انتظار أن نتوفر على مسؤولين مغاربة لهم الجرأة والغيرة٠ والقدرة والمعرفة لتسيير قناة "إتم" وقناة "دوزيم" بما يراعي شروط تهذيب الذوق وتحسين معارف الرأي العام واستحضار التنوع في المجتمع والمساهمة في خلق مواطن ناضج ومسؤول ومشبع بالحفاظ على موروث المغاربة، عوض أن يكون المرء مسؤولا على تلفزة يلعب دور بيدق ويتورط في جرائم التجهيل والتضبيع وإهدار المال العام في إنتاج الضحالة.
"التليكوموند"، ليس هو الحل الجذري، ولكنها تلعب دور المهدئ من آلام أورام التلفزة العمومية التي تمول في جزء مهم من ضريبة "الضو" ومن المساهمات الأخرى للخزينة العامة المتأتية بدورها من الضرائب المفروضة على الشعب، دون أن ينعم الجزء الأوسع من المغاربة بشاشة تلتقط انتظاراتهم.
فالمواطن يجبر على دفع ضريبة النظافة دون أن ينعم بنظافة في الحي الذي يقطن فيه، والمواطن تمص منه الدولة الضريبة الحضرية دون أن ينعم بخدمات حضرية في مدينته (حدائق، ساحات عمومية، أسواق بلدية، مرافق القرب إلخ...)، والمواطن يلزم بدفع ضريبة الفينييت على السيارة دون أن ينعم بجودة السير والجولان في الشوارع (حفر وغياب التشوير وانعدام المرائب وتعطل دائم للإشارات الضوئية وغياب ممرات الراجلين وانسداد البنية الطرقية الخ...)، وها هو يخضع لإرهاق ضريبي آخر لتمويل التلفزة، التي بدل أن تكون مضخة للترفيه الجاد والهادف تحولت إلى مضخة تنفث الرداءة واحتقار ذكاء المواطن.
وفي انتظار أن يرزقنا الله بمسؤولين تجري في عروقهم دماء مغربية طاهرة ونقية، وفي انتظار أن نتوفر على أحزاب قادرة على الترافع الجدي والدائم لتحرير التلفزة من قبضة أعداء المغرب والمغاربة، لانملك إلا الضغط على زر "التيليكوموند" للإبحار في عوالم فضائية تحررنا جزئيا من جبروت صناع التضبيع.