"شفنج" شباط يفضح سر من سبقوه بـ"التلواز" و"ضريب الطر"

"شفنج" شباط يفضح سر من سبقوه بـ"التلواز" و"ضريب الطر"

لم يكن في قول أحد الناصحين لشاب عقد العزم على دخول عالم التمثيل إلا القليل من المبالغة، وهو يباشره بتوخي الإحتياطات كافة على أساس صعوبة المنافسة التي من الممكن أن يواجهها من لدن شريحة واسعة لبعض السياسيين الذين أثبتوا براعتهم في الفن ذاته. مؤكدين على امتلاكهم جميع آليات التجسيد المقنع كموهبة لم يحتاجوا معها الدراسة في أي مؤسسة أو معهد. وبطبيعة الحال، لا تأتي مواعيد الإنتخابات إلا ومعها ما يكفي من الأدلة لإثبات مشروعية ذلك التخوف، بل واعتلائها صدارة الأولويات المتباهى بها. الأمر الذي عزا بقياديين إلى الاجتهاد على هذا الصعيد،  إلى درجة أن منهم من ناور لكسب ود بائع اللبن على قارعة الطريق، وبينهم من خفض جناح الذل لعارض فاكهة الكرموص الهندي، وأيضا من رفع القبعة لصاحبة "كروسة البابوش" تلميحا لعلو قدر طهوها، والإعتراف لها دون تردد بلذة ما أنتجته أناملها كما جاء في كلام أحد المرشحين على سبيل مجاملة البائعة "البنة فالصبعان ماشي في الزعفران".

كلام نسمعه كثيرا لما تلغي المصلحة السياسوية حواجز الفوارق الطبقية، وإن مؤقتا، ويصير الوزير والأمين العام ورئيس الفريق والقيادية إلى جانب المستشارة يتخلصون من ربطات العنق والتنورات الباريزية، ليقتربوا من "الكراب" و"الخراز" و"الحمال" لأجل التقاط صور معهم بابتسامات عريضة وراءها ما وراءها من أطماع تتنفس شعار "تمسكن حتى تتمكن". ولنا في مختلف التجارب السابقة الخبر اليقين على زيف كل تلك المظاهر، وولادتها ببذور موتها. لكن، وللأسف، لا يعتبر منها إلا القليل، ليس لسذاجتهم وإنما للاستغلال الماكر الذي يستهدف طيبوبتهم. بعد أن أيقن المتربصون كون أحلام المغاربة بسيطة، ولا تتعدى الظروف المواتية لضمان عيش كريم.

ومع ذلك، يبقى العتاب على من لدغ من الجحر مرتين خاصة وأن المشاهد ذاتها تتكرر مع العلم باستحالة تغير النتائج في ظل بقاء نفس الأسباب. فبالأمس فقط أبان لنا وزير ورئيس حزب براعته في  رقصة هز البطن، وأظهر آخر شطارته في إتقان التصفيق الموزون، فيما تفننت محسوبة على أمجاد تاريخ علال الفاسي في ترنيم زغاريد على الطريقة المغربية القحة. هذا دون القفز على من لم يجدوا حرجا في الانضمام إلى فرق فلكلورية و"تخراج العينين" أمام الكاميرات بحمل "البنادر" و "شحط" جلودها. وعقب ذلك، انتقل ضرب البنادر إلى ضرب الجيوب لمن أمنوا الوعود، وانساقوا بثقة عمياء في تيار الإغراءات الملغومة إلى أن أفقدهم وطأ المعاناة الإحساس بالصعق كما هو حال الشاة التي لايؤلمها سلخها.

ولعل من حسنات قانون هذه الحياة أنه لا يخشى أحدا، وسواء طال الزمن أو قصر يكشف لنا المستور حتى وإن لم نبذل جهدا أو وقتا. لهذا، وفي سياق "ديرها غير زوينة توصل توصل" طلع علينا الأمين العام لحزب الإستقلال حميد شباط بصورة لا تفترق كثيرا في توجهها العام عن تلك التي سبق لرفيقه الوزير السابق كريم غلاب أن نشرها وهو يحمل "طراحا" في فران شعبي. إذ استقر اختيار شباط هذه المرة على مهنة "تشفناجت"، لكن دون أن يدري طبعا حجم الانقلاب الذي أوقعته عليه الصورة، وإلا لما روَّج لها. بحيث ووفق ما يجمع عليه علماء النفس فإن 60 في المائة من تصرفات الإنسان تنبعث مما يسمى بـ"الأخفى"، أي ذلك الإقتناع الدفين داخليا. ومن ثمة، فإنه ومن منطلق ما هو متداول لدى المغاربة عن الإيحاء الذي يقود إليه "الشفنج" كمرادف لـ"الزيرو" على اليسار أو الشيء عديم القيمة، فإن لا شعور الأمين العام فضحه وهو يعترف بطريقة غير مباشرة أن هذا النوع من السلوكات للدخول "مجانبة" بين ضلوع الناخبين مشوب بالسخافة التي عفى عنها الزمن، ولا ينم إلا عن عجز يراد به خدعة.