عبد السلام لعزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي
من الخطورة اعتبار اقتراع 7 أكتوبر غزوة!
* الانتخابات البرلمانية 7 أكتوبر على الأبواب، لكن هناك انطباع بأن حزبين فقط هما من يتنافسان في الساحة «البيجيدي» و«البام». في رأيك هل هي فعلا ثنائية قطبية حقيقية أم خادعة؟
- أظن أن هذه المحاولة التي بدأت من مدة، لإظهار قطبين سياسيين فقط في المشهد السياسي، فيها نوع من الاصطناع، لأننا نرى أن التعبيرات السياسية يجب أن تنبع من المجتمع، والحال أن التعبيرات السياسية بالمغرب بعضها لا ينبع من المجتمع مع وجود تعبيرات أخرى نابعة منه، لها تاريخ وحضور، ولها رصيد ونضال من أجل تحقيق الديمقراطية للشعب المغربي، والآن يتم تغييبها، لإلحاقها إما بهذا الجانب أو الجانب الآخر، لذلك نعتقد أن مسألة خلق القطبية ليست في صالح المغرب، لأنها،
أولا: لا تعبر عن التعددية الحقيقية، التي يتميز بها المجتمع المغربي، الذي تتواجد داخله قوى تاريخية مناضلة، من الحركة الوطنية وامتداداتها.
ثانيا: هذا الأمر يجعلنا أمام الاختيار بين تنظيمين، وهما معا في اعتقادنا يخلقان مشكلا كبيرا، ويُهدِّدان مستقبل المغرب.
* (مقاطعا) لماذا يُهددان مستقبل المغرب؟
- لأن منطقهما السياسي اصطدامي، ولاحظنا هذا النوع من الصدام منذ 2008 و2009، لحد الآن، ومن المعلوم أن المجتمعات الديمقراطية لا تتطور بهذا النوع من الصدام، بل بالحوار والنقاش الهادي، الذي يمكن أن يضع حلولا لقضايا المغاربة، والحال أننا نتجه نحو الإنتخابات، لكن قضايا المغاربة الأساسية مُغيبة، ما هو حاضر هو الصدام والكلام العنيف، وهناك من يعتبر يوم الاقتراع هو عبارة عن غزوة وهذا خطير جدا، بمعنى أننا في آخر المطاف أمام منطق يحيلنا على حرب أهلية، والحال أن الانتخابات هي مسألة عادية في تاريخ الشعوب، وفي كل خمس سنوات ينجح حزب أو آخر0 ويأتي حزب آخر بعده، في حين نحن نسير إلى الانتخابات وكأننا نتجه نحو يوم «القيامة»، وهذا ليس في صالح المغرب وقضاياه، فرغم أنهما حزبان يظهران مختلفان، لكنهما برامجهما المطروحة معروفة مستهلكة نابعة من نوع من النيوليبرالية، ومن التوحش، فالحزب الذي يدبر الشأن العام اليوم، لم يأت بأي جديد، ونحن متأكدون أن الحزب الآخر، لن يأتي بالجديد، علما أننا بحاجة للجديد في كل قضايا الوطن، لكي يتم الاهتمام بقضايا المغاربة في التعليم وخلق تكافؤ الفرص والاهتمام بمجال الصحة، ومجموعة من القضايا الاجتماعية التي أصبحت أساسية، اليوم نراوح مكاننا في 126 و130 في مؤشر التنمية البشرية، لماذا؟ لأن المغرب يعرف تفاوتات اجتماعية صارخة، وهناك القضايا المتعلقة بمستقبل «أبناء» المغاربة، ونرى كيف أن التعليم وصل لوضع الإفلاس، ففي هذه السنة كما تعرفون هناك 30 ألف من الخصاص على مستوى رجال التعليم وهو وضع يمكن أن نصل فيه إلى 75 أو 07 تلميذ في القسم الواحد، ويمكن في ظل هذا الوضع أن يصبح أستاذ التربية البدنية مدرسا للفيزياء أو العكس وهذا يهدد بالإضراب في المؤسسة التعليمية، ورهانات الحزبين المذكورين معا ليس لديهما مشاريع مختلفة.
* «البيجيدي» و«البام» يتحركان وفق مرجعياتهما. لماذا استقالت التيارات الأخرى وأقصد «اليسار» بالدرجة الأولى. لكن لماذا ليس حاضرا بقوة في الساحة لفرض نفسه وتصوراته وفرض تعبئته للمجتمع؟
- صراحة اليسار يعيش وضعا غير طبيعي اليوم، مع حال التفتت والتمزق الذي عرفه اليسار منذ نهاية التسعينيات إلى الآن، وهذا الأمر يطرح إشكالا كبيرا، ولا يُمكن أن يكون حاضرا بقوة إلا في وحدته لكي يكون قادرا على مواجهة المشاريع التي تُخدمُ الآخر، وهذا يقتضي وجود حد أدنى من الوضوح والرؤية البعيدة المدى داخل الأسرة اليسارية، أنا لا أعتقد أن هذه الانتخابات هي رهان كبير لدى «اليساريين» فالأساسي منها هو الحضور الفعلي. ونحن في «فيدرالية اليسار» لدينا هدف كي يكون حضور اليسار قويا، داخل المؤسسات التشريعية علما أن هناك حسابات على المستوى القصير لدى قوى يسارية أخرى التي لا يهمها إلا الظفر بحقائب وزارية فحسب.
* هل تقصد حزب الاتحاد الاشتراكي مثلا؟
- نعم، وأيضا حزب التقدم والاشتراكية.
* هل مازال حزب التقدم والاشتراكية في ظل الوضع الراهن، محسوبا على اليسار؟
- على أي حال هو نابع من اليسار.
* لكن الآن حزب التقدم والاشتراكية، يوجد بين أحضان الحكومة الملتحية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية المناهض لقيم اليسار..
- أنا أقول أنه يوجد داخل حزب التقدم والاشتراكية، مناضلون يؤمنون بما ناضلوا من أجله. علينا أن نستحضر أنه في مسار الأحزاب والشعوب هناك أقواس تفتحُ وتغلقُ في لحظة تاريخية معينة، لن نقول أن هذا يساري وهذا ليس كذلك، أظن أن كل من له مرجعية يسارية وتاريخ مرتبط بهذا السياق، هو من الأسرة اليسارية، لكن لكي نصل إلى عمل وحدوي، يجب بالضرورة أن تكون هناك مراجعات حقيقية. بالنسبة للإخوان في الإتحاد الاشتراكي يبدو أنهم في الطريق للتحالف مع «البام» ولو أن هذا الأمر ليس مؤكدا بشكل واضح اليوم، لكن نفهم ذلك من خلال قراءة للوضع. بالنسبة للرفاق في حزب التقدم والاشتراكية يبدو أنهم ارتموا في أحضان حزب العدالة والتنمية، وبالتالي نحن في فيدارلية اليسار نودُّ تأسيس وضع جديد وهو أن اليسار يجب أن يكون قويا ومستقلا بذاته وليس مع هذه الجهة أو تلك، وهذا مشروعنا ونحن منفتحون على الجميع وهي رؤية تخدم المستوى المتوسط والبعيد وليس القصير.
* هناك مفارقة غريبة، في الوقت الذي كان مفترضا، أن تتم معالجة الشتات داخل اليسار كي يتوحد، وتميل كفة اليساريين جهة رفاقهم المتقدمين للانتخابات. نجد بعض الأصوات في اليسار تغازل «البيجيدي» وتدعو للتصويت عليه، هل يُمكن في هذه الحالة أن نقبل أن يصوت الديمقراطيون المسيحيون على النازيين في ألمانيا أو أن يصوت اليساريون الفرنسيون على حزب «ماري لوبان» المتطرف.. كيف قبل بعض اليساريين المغاربة التصويت على تجار الدين؟
- أولا : يجب أن نتأكد من الوضع، هناك من يرى أن الصراع اليوم داخل اليسار هو الاصطفاف في صفوف مُعارضة لنفس التيار، بمعنى في الخطاب السياسي للحزب الذي يدبر الحكومة اليوم، هناك نوع من المُعارضة، فكل «ويكاند» هناك معارضة، رئيس الحكومة بنفسه كل مرة يخرج بتصريحات معينة، والحال أن الأمر هو مرتبط بإعادة صيانة صورته، وصورة الحزب، وبالفعل نجح في ذلك على امتداد الخمس سنوات السابقة، لكن على مستوى السياسة الاقتصادية والاجتماعية والواقع المعاش، لا نرى اختلافا مع الحكومات السابقة، على مستوى الإجراءات والقضايا، بل هو أكثر محافظة وأكثر رجعية، وعلى المستوى الاقتصادي أكثر ليبرالية، ونرى كيف يتم ضرب المدرسة العمومية، إذ أن رئيس الحكومة يقول إنه مع الخوصصة في التعليم بصفة نهائية وأن الدولة لا دور لها في هذا المجال. فحتى النيوليبراليين في العالم في أمريكا لم يصلوا إلى هذا المستوى، بالنسبة للحوار الاجتماعي الذي امتد منذ سنة 1976 وتمحور حول الوضع الاجتماعي بفضل النضالات، وكل سنة يكون حوار في هذا السياق، بالإضافة إلى التقاعد ومشروع قانون الإضراب، والتوظيف بالعقدة، والهشاشة التي يراد إدخالها للوظيفة لعمومية، وعلى المستوى الاقتصادي لم نرَ شيئا جديدا فيما يخص التدبير، بل دائما التوازنات «الماكرومالية» تلقي بضلالها على الأوضاع، والتوصيات القادمة من صندوق النقد الدولي هي التي تنفذ في المغرب، بمعنى مشروعهم المجتمعي واضح انطلاقا من القوانين التي يأتون بها وانطلاقا من السياسة الاقتصادية والاجتماعية ولا علاقة لذلك لا باليسار ولا حتى بالوسط.
* المجتمع أصبح دون وسيط أو سند يحمي ظهره من الجَلد، الأحزاب التقدمية والنقابات والجمعيات غائبة. ما تعليقك على هذه الاستقالة؟
- نعلم أنه مع تاريخ الحركة الوطنية والحركة الاتحادية، تمَّ بناء مؤسسات مُرتبطة بالحركتين، على مستوى الثقافة نذكر اتحاد كتاب المغرب، على المستوى الجمعوي تم تأسيس جمعيات متعددة، وجمعيات مهنية وعلى المستوى النقابي، تم إحداث نقابات قوية، لكن هذه المؤسسات كلها تراجعت بفعل الانقسامات والإحباطات التي كانت خصوصا في مرحلة حكومة التناوب التوافقي، أعتقد أن كل ذلك حدث معه استقالة لمجموعة من الشرائح المجتمعية، وهناك أيضا موجة أخرى أتية وهي الموجة المحافظة، ولا تهم فقط المغرب بل العالم بأسره، وأظن أنها عناصر جعلت المغرب دون مؤسسات مدنية للدفاع عن الشعب، لكن لا يمكن إعادة بناء المؤسسات المدنية والجمعوية بدون البناء السياسي، فالأولوية للسياسي، والحال أن الكثير من المناضلين (أتحدث عن جيل مثلا) لم يعد المناضلون اليساريون يهتمون بالسياسة، بل أضحت لديهم فقط أكسسوارا أو ثانوية، والأساسي بالنسبة لهم هو العمل الجمعوي، يجب أن نعيد للعمل السياسي أولوياته، وبناء المؤسسات الحقوقية والنقابية والمجتمعية، لكي يكون لدينا حضور قوي، وهذا ما يجب أن نشتغل عليه، نحن نعتقد في المؤتمر وفي الفيدرالية أن الأساس هو بناء قطب يساري قوي، وبالموازاة إعادة بناء التنظيمات اليسارية.
* إذا تناولنا «فيدرالية اليسار» كنموذج ومختبر، كيف تدبَّرتم كثلاثة أطراف الترشيحات والتزكيات والبرنامج في أفق تعميمها على اليسار ككل؟
- أنت تعلم أن العمل الوحدوي صعب جدا، فيه نوع من الذاتية وفيها ضغط القواعد، دبرنا العملية في 2007 بنوع من السلاسة مع بعض الإشكالات التي وقعت في مدينة الرباط وغيرها، دبرناها في 2009 إلى حد ما، بشكل أحسن من 2007، في 2015 وقعت لنا بعض المشاكل على مستوى التدبير وتوزيع الدوائر الانتخابية إلى آخره، لكن في سنة 2016 ، قدَّمت كل الأحزاب الثلاثة تنازلات وضغطنا في بعض الأحيان على مناضلينا، ونعتقد أن الأصوات التي نحصل عليها كفدرالية، لم تكن تعبر عن تواجدنا الحقيقي، لأن عددا من المناضلين لم يكونوا يشتغلون آنذاك في تلك الاستحقاقات، إذا تم إعطاء التزكية لحزب آخر، في هذه المرة نحاول تعبئة الجميع لكي نحقق الأهداف التي وضعناها.
* لماذا ترشحت للانتخابات؟ ولماذا اخترت دائرة البرنوصي؟
- في الواقع بصفتي أمينا عاما للحزب أعتبر الإخوان في المكتب السياسي، أن ترشيحي ضروري لخوض المعركة الانتخابية، وبالفعل تم ذلك، والأهم هو أن نواجه المشاريع التي تتميز بنوع من السلطوية، ونوع من حضور الإدارة التي تدعمها، ومشاريع النكوص على جميع المستويات وتحملت المسؤولية رغم أني أعلم الصعوبات، خصوصا في دائرة «سيدي مومن» والبرنوصي، إذ في قراءة للنتائج من 2007 إلى الآن نجد مجموعة من الصعوبات، أولا فيها طبقة عاملة قوية وبالنسبة لنا لا وجود لليسار دون روافد وامتداد اجتماعي قوي، وأنا ابن هذه الطبقة، أبي كان عاملا، وأعلم حياة العمال، وأعتبر أن الطبقة العاملة على ضوء المشاريع التي تنجز هي من ستتحمل العبء، لاحظنا في الخمس السنوات الأخيرة أنه لا وجود ولو لقرار أو قانون يحد من جشع الأشخاص الذين استفادوا، لكن القرارات التي جاءت لضرب مصالح الشريحة المتوسطة والشغيلة بصفة عامة، هي الغالبة في كل المجالات0 فليس هناك أي مبادرة حقيقية لرفع أجور الطبقة الشغيلة وحتى الوظيفة العمومية، فقط هناك ضرب للقدرة الشرائية للمواطن، وبالنسبة للحد الأدنى للأجور ثم الزيادة فيه بشكل بسيط لا يستجيب للتطلعات، إذ تآكلت هذه الزيادة بفعل ارتفاع الأسعار0 لاحظنا أيضا مجموعة من المشاكل المرتبطة بقانون الإضراب والمواد الطاقية، وكيف تم فتح الباب أمام 5 أو 6 شركات كبرى كي تتحكم في الأثمنة اليوم0 لدينا امتداد تنظيمي بالنسبة للمركزية النقابية التي يدبرها أخواننا، هناك حضور وهناك مجموعة من الجمعيات اليسارية وفيها يساريين0 وأنا مسرور جدا من خلال ما جرى في اللقاءات الأولية، وحتى الذين يقاطعون الانتخابات، أعني بعض التنظيمات التي كانت تتبنى المقاطعة، أضحت تعلم أن هذا الطرح ليس حلا مناسبا، وإذا ذكرت لك بعض التنظيمات مثلا (الطلابية) ستتعجب، إذ توضح أن «أولوية السياسيي» هو الحضور، فقد لاحظنا لأنه لما كانت الأحزاب الإدارية تدبر الشأن السياسي كان هناك بصيص من الأمل وهامش ولو بسيط من الحقوق، لكن اليوم الأبواب موصودة، وحتى الجمعيات التي تشتغل قطعوا عليها الدعم ويمنحونه فقط للجمعيات التابعة لهم، في التوظيف ليس هناك تكافؤ فرص، وحتى من لهم كفاءة مهمة، يتم إقصائهم ويتم التضييق على اليساريين ويمنحون المسؤولية لأشخاص دون كفاءة ودون تجربة، وعلى ضوء كل هذه الأوضاع والاعتبارات سنخوض معركة قوية0 الآن هناك إجماع من كل الإخوان في «سيدي مومن» و«البرنوصي» على الترشيح في قطاعات مختلفة، هناك شباب من شبيبتنا ومن أحزاب الفيدرالية، ومن خارج هذه الأحزاب، سنشتغل جميعا، لقيادة حملة نظيفة حملة برامج وتصور، ستعطي للمغاربة الأمل، وساكنة «البرنوصي» و«سيدي مومن» على الأخص هم في حاجة إلى مثل هذه المبادرات وفي حاجة للأمل، على اعتبار خصوصيات الوضع الاجتماعي بهذه المنطقة، وأكيد أنك تعلم جيدا الوضعية بهذه الأحياء، ونأمل أن تشكل التجربة نموذجا ناجحا لكل المناطق المغربية التي تتميز بنفس الوضعية الاجتماعية.
نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد
قطبية «البيجيدي» و«البام» مخدومة فهما وجهان لعملة مخزنية
* هناك توجه يريد أن يوهم الرأي العام بأن حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة هما الوحيدان المتواجدان بقوة في الساحة السياسية مما يولد انطباعا بأن البلاد ليس فيها عائلات فكرية أخرى.. هل هذا انطباع حقيقي أم وهمي؟
- الإعلان عن هذه الانتخابات تم في فبراير الماضي ومنذ تلك الفترة زادت وتيرة محاولة ترويج نموذج وتقديمه كقطبية ثنائية سياسية وهي قطبية زائفة لتغليط الرأي العام، لقد كان النظام دائما يقول بأنه يجب تكوين أقطاب سياسية لكن عَمل في نفس الوقت على أن يكون الحقل السياسي مفككا، فكيفما كانت الانتخابات لا يمكن لأي حزب أن يحصل على الأغلبية، ولكي يشكل هذا الحزب أو ذاك حكومة منسجمة، لابد أن يكمل بالأحزاب الإدارية، وهو ما يسمح بالتحكم في الخريطة السياسية، لذلك فنحن نقول ما يقدم اليوم للشعب المغربي على أساس أنه قطبية سياسية، يعني أن القطب الأول في البلاد هو التيار المحافظ والذي سيَّر الشأن السياسي طيلة خمس سنوات وأغرق البلاد في المديونية، إذن يجب معاقبته ولابد من بديل له، لقد قام هذا الحزب بإصلاحات ضد الإصلاحات التي يحتاجها المغاربة، وقدم حصيلة فاشلة ولكم البديل الآخر الذي يقدمه النظام المخزني على أساس أنه قطب حديث وقد سمي زورا قطبا حداثيا، لأنه غير مستقل أولا، ومن صنع النظام، وجاء في صيرورة خلق الأحزاب الإدارية التي برزت منذ جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، مرورا بالإتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار، وصولا إلى حزب الأصالة والمعاصرة الذي أراد أن يبين للشعب المغربي بأن القطب الحداثي يتمحور حوله، ومن كان يريد الحداثة يجب أن يدخل في هذا القطب، وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بالمؤسسة المخزنية، لأنه من صنعها. في الحقيقة هذان القطبان، الأول الذي يقال عنه محافظ هو رجعي لا يمكن تسميته محافظا، وهو حزب بين خلال الخمس السنوات الماضية، كما قلت، أنه غير قادر على تسيير الشأن العام، وأتحقيق ما يطمح له المغاربة أي التقدم نحو الدولة الحديثة، إذن خلاصة القول : ليس هناك من أقطاب هناك 35 من الأحزاب أغلبيتها الساحقة مغلوب على أمرها، ومطروح أمامها أن تصطف إما إلى جانب الوجه الأول للعملة المخزنية، أو الوجه الثاني منها وهما وجهان لعملة واحدة، وبهذه الطريقة يريد المخزن أن يدق آخر مسمار في نعش الكتلة الديمقراطية التي تفرقت، علما أن حزب الإتحاد الإشتراكي يتوجه للاقتراب من حزب الأصالة والمعاصرة، ولا ندري إلى أي حد سيصل هذا الاقتراب، وما إذا كان تحالفا حقيقيا أم وهميا، ونرى كيف أن حزب التقدم والاشتراكية أصبح حليفا للقطب المحافظ وأن ما تبقى من اليسار يتم إضعافه في كل محطة انتخابية.
* لماذا تتبنون خطاب المظلومية في «اليسار» وأن الآخر هو من يحاربكم والآخر وهو من يتحمل المسؤولية بينما مكونات اليسار تركن إلى الصف دون اعتماد خطة هجومية؟
- لقد عبَّرنا على هذا الأمر مرارا، كما عبَّر عنه الرفيق «بنسعيد»، لا يكفي أن نقول أن النظام المخزني هاجمنا ورمانا، سنوات الرجم والرصاص والجمر هي حقيقة، وأن ذلك يستقطب في الانتخابات، وكان لابد أن نتحمل المسؤولية في الفرص الضائعة التي أضعناها على أنفسنا كيسار لكي نتوحد ونكون رقما وازنا في الحقل السياسي، وعلى الوطن الذي يتقدم نحو الديمقراطية، يعني نحن ارتكبنا أخطاء.
*(مقاطعا) ماهي الفرص التي أضاعها اليسار مثلا؟
- أضاع اليسار للأسف فرصة الكتلة الديمقراطية، إذ بعد سنوات مريرة وبعد الاستدراج لتشكيل إجماع وطني في سنة 1975 إلى غير ذلك من المحطات، ضعُف اليسار والقوى الديمقراطية والتقدمية0فالكتلة أتت بميثاق قوي وإصلاحات سياسية ودستورية لوضع البلاد على سكة التنمية الديمقراطية الشاملة، ومع كل الأسف كنا في المغرب في مرحلة تم وصفها بالسكتة القلبية، وكان الراحل الحسن الثاني مريضا، يعني كان بالإمكان الضغط الكافي، والقيام بالإضرابات العامة، فالضغط كان من شأنه أن يجبر المؤسسة الملكية على أن تستجيب لمشاركة الكتلة في الحكومة لوحدها، بدون «الوزير البصري» ورأينا كيف أن الملك خرج آنذاك للدفاع عن وزيره واعتبره من المقدسات، كان بالإمكان القيام بالانتفاضة وهذه فرصة كبيرة ضائعة، أما الفرصة الثانية هي ما يُعرف بالتناوب التوافقي الذي لم يكن لينتقل لتناوب ديمقراطي لأنه لم يستطع خلاله حزب الإتحاد الاشتراكي الذي كان قويا آنذاك، ضمن المجموعة اليسارية في البلاد وكان له رصيد من الشعبية والمصداقية وتعاطف العمال والطلبة والفئات الواسعة من أساتذة وتلاميذ، لم يستطع أن ينتزع الضمانات والشروع في الإصلاحات الدستورية والسياسية، لتحقيق فصل السلط، لكي تكون حكومة سي عبد الرحمان اليوسفي تحكم بالفعل. اليسار مرتبط مكوناته ويجب أن تكون في أوصاله وفي دروبه وفي عمقه، العالم لايسير في خط مستقيم هناك دورات، كان اليسار في بعض الأوقات منتعشا في العالم وفي المغرب أيضا، وصل إلى المدرسة والثانوية والجامعة المغربية التي كانت مزدهرة ومتحررة، وبعدها ظهرت التيارات الإسلاموية ونتساءل هل هي فعلا ردة فعل للإهانة المزدوجة: إهانة الاستعمار القديم والجديد، وعدم توفر على المواطنة الكاملة والديمقراطية على اعتبار أن هذه التيارات دخلت في نفس الوقت للجامعة المصرية والتونسية إذ أن هناك مصالح جيواستراتيجية وهناك من يدبرها ويستبلد شعوبنا خصوصا عندما تكون الأنظمة مستبدة تساعد على كل ذلك، وفي هذا الإطار يتم ضرب المدرسة المغربية حتى لا يبقى الفكر القديم داخل هذا المخطط، وصولا إلى تجفيف منابع اليسار والعقلانية من الجامعة وهي أمور مخطط لها لأن الإمبريالية كانت تهاب اليسار ونجحت في مواجهته بزرع التيارات الإسلامية.
* والآن ..لوقف هذا المد الذي تسمينه مخزنيا أو أصوليا، كيف السبيل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
- السبيل هو تشكيل جبهة ديمقراطية واسعة قوية للضغط وتغيير موازين القوى لصالح التغيير الديمقراطي.. كيف؟ باعتماد برنامج الحد الأدنى، ومع من؟ مع من يستطيع القراءة النقدية وأن يجلس على الأرض ويتواضع لكي نوحد جهود اليسار وكل الشرفاء والحقوقيين والحركات النسائية وجمعيات مجتمع مدني وشباب..
* لكن من سيقرع الجرس؟ الكل يقول يجب أن نتوحد لكن اليسار ترك الشعب بدون سند وبدون ظل يحتمي به..
- يجب أن تكون الجبهة التي تحدثت عنها قوية، من ناحيتين أولا: قوية بارتباطها مع النخب النزيهة الموجودة مع الطاقات الكامنة في المجتمع، إذ يجب أن ننفتح عليها ويجب أن نفتح حوارات ديمقراطية وتقول بأن بلدنا ديمقراطي، لديه المناعة ضد الإرهاب وضد الفوضى وضد تقسيمه على نصفين، هذا المغرب ممكن، لكن الانفتاح على هذه الجبهة يجب أن يكون مستمرا وبالكثير من التواضع ومن تحليل الأوضاع الدولية والإقليمية وكذلك الأوضاع الوطنية ويجب أولا: أن نفهم جيدا إلى أين تتجه بلدنا. وثانيا بالانفتاح على الجبهة العريضة بالانغراس داخل الوطن داخل الفئات الشعبية، وهذا يتطلب أن يستعيد اليسار المبادرة في تأطير المواطنات والمواطنات وأن تستعيد النقابات تأطير العمال، لم يعد هناك تأطير، هناك فئات نفعية ظرفية تحل مشاكلها الخاصة وتنصرف عنك ولا تنخرط في السياسة يجب أن ننخرط فيها وأن نعيد لها نبلها وشرفها، ويجب أن نعيد الاعتبار للعديد من الكفاءات الموجودة في بلادنا نساء ورجال وعليهم أن ينخرطوا في السياسة، نحن نقول أنه يجب أن نكون مبادرين وبادرنا، ويجب أن نجتهد ونتواضع أكثر ونربط جسور التواصل مع كل أطراف اليسار الديمقراطي، وأن لا ندع أي طرف منا يصطف مع الرجعية أو المخزن.
* هناك مفارقة محزنة وهي أنه في ألمانيا نجد أي ديمقراطي أو مسيحي يستحيل عليه التصويت على النازية .. في فرنسا أيضا اليسار لا يصوت على حزب جون ماري لوبان، لكن في المغرب نسمع بعض الأصوات اليسارية تقول بوجوب التصويت على العدالة والتنمية .. هل يدخل هذا الأمر في إطار السكيزوفرينية؟
- نحن مجتمعات سكيزوفرينية، نحن بحاجة إلى ثقافة تنويرية، نحن بحاجة إلى إعادة قراءة تراثنا الحضاري والإسلامي، قراءة متنورة، نحن بحاجة إلى تحرر الإنسان من الخرافة، وأن يدخل إلى عالم العلم والمعرفة كل هذا غاية. كارل ماركس كان يقول : «الفقر لا يصنع الثورة ولكن وعي الفقير هو الذي يصنع الثورة»، الطاغية يعمل على أن يجعلك فقيرا وكاهن الطاغية يعمل على جعل وعيك غائبا ومغيبا، إذن اليوم يجب أن ننتفض ضد الجهل الديني والجهل العام، وأن ننتفض ضد العبودية التي نقبل بها وضد سياسة الخوف والتخويف، نحن أمام معركة يجب أن نقودها ولا يمكن لأي أحد أن يقودها بدلا عنا، هناك تحركات اجتماعية بالمجتمع تفتقد للجواب والجواب لا يمكن إلا أن يكون يساريا، ولكن على اليسار أن يأخذ بيد نفسه، أن ينهض من كبوته، وأن يتوحد ويضمد الجروح، على اليسار أن يتحمل مسؤوليته.أما ما عانيناه من الآخر، فهذا كان منتظرا، أما ما نعانيه من أنفسنا ومن تشرذمنا، ومن الزعامات المزيفة أو الحقيقية كل هذا يجب أن ينتهي. إذن الجواب على الأزمة المركبة التي يعرفها المغرب لا يمكن أن يكون إلا يساريا، لكن اليسار يجب أن يتوحد على قاعدة برنامج، انطلاقا من نقد قوي من أجل النهوض وانطلاقا من التواضع الكبير وانطلاقا من وضع برنامج يحقق العدالة الاجتماعية لأن فيها تلميع للوطن ولا يمكن أن تتحقق إلا بالإصلاحات السياسية العميقة والدستورية كفصل السلط، لكي تأتي بعد ذلك الإصلاحات الاقتصادية والثقافية والبيئية والاجتماعية، هناك مداخيل لا يمكن أن يفرط فيها اليسار، وهي المدرسة العمومية بالمجان التي تحقق تكافؤ الفرص. اليسار اليوم له برنامج واقعي بأولويات هناك أمور مستعجلة لإنقاذ المدرسة المغربية بما فيها الجامعات، وهي أولوية الأولويات لأن تنمية الإنسان هي تنمية الوطن ولكي ننمي الإنسان نعطيه المعارف وسلاح الثقافة العامة وسلاح الفكر التنويري، والحس الوطني لكي لا ينخرط ضد بلده وكي يساهم في البناء، وهذا الأمر يمكن أن يحققه اليسار لكن يحتاج إلى وقته، ونحن كفدرالية أسسنا لبنة ولا نقول أننا وصلنا، بل بالعكس نحن نضع الحجر الأساس ونريد من يؤسس معنا لذلك نقول الفدرالية منفتحة، لا نؤمن بثقافة نحن في الأمام والآخرون وراءنا، نريد أن نسير صفا واحدا ومتراصا كصف يمكن أن يخلق الضغط الكافي، لأنه لا يمكن لنظامنا أن لا يقبل بالإصلاحات الحقيقية، فحتى استمرار الملكية المغربية مرتبط بجهود حقيقية (la survie de la monarchie marocaine dépends des vrais efforts)
بخصوص الملكية البرلمانية يجب على الناس المحيطين والذين يأخذون الاستشارة من الخارج ومن الداخل أن يعلموا أنهم أمام تغيرات دولية وأمام الهمجية التي تطبع محيطنا يجب أن يكون المغرب نموذجا في إفريقيا بوضع الأسس الديمقراطية الحقيقية، الملكية المغربية تتطور نحو ملكية برلمانية وتفتح المجال للسيادة الشعبية .
* لكن في ظل هذا الوضع المحافظ الأصولي والوضع المزري. لمن سيتم منح هذه الملكية البرلمانية، هل نمنحها للأصوليين؟
- هذا السؤال دائما يُطرح، أولا يجب أن نعلم أن بناء الديمقراطية ليس سهلا، الديمقراطية هي التي تغربل، الآن بنكيران ظهر على حقيقته، والناس الذين يودون الحلول محله معرفون، والشعب يميز الآن، بعدما تأكد أن 80 في المائة عازفين عن المشاركة، والشباب راجع للسياسة ويحضرون لندواتنا ومحاضراتنا بعدما كان يحضر لها 10 من الناس الآن يحضر مائة وألف، والناس الذين هم في الجبال يسمعوننا ويفهمون خطابنا، نحن لا نقول أننا قادمون بل التيار الديمقراطي قادم، فلا أحد يقبل بالردة الفكرية ولا أحد يقبل بجرائم الشرف، تدخل لقانون الجنائي، لا أحد يقبل بضرب الحريات والمكتسبات، والعمال أيضا وعوا، قاموا بتدريس أبنائهم لكنهم لم يحصلوا على فرص شغل، شباب حصلوا على الدكتوراه دون أن يتمكنوا من العمل، المخدرات تغزو أرضنا «القرقوبي».. البطالة وصلت 40 في المائة هذه كلها قنابل موقوتة، نحن نؤمن بذكاء هذا الشعب الذي واجه المستعمر، أن يقوم وينهض ويأخذ بزمام أمره، لأن المسؤولية مسؤولية جماعية وليس مسؤولية الأحزاب فقط، أنا أثق في هذا الشعب لأني ألاحظ فقط طلبتي، فإذا وجد من يأخذ بيده ينهي مساره متفوقا، ويأخذ الكلمة إذا نظرة إليه نظرة تشجيع، أنا أومن أن العديد من المغاربة صامتين لأن الكفة تميل للجهة التي تحمل «الزرواطة» لكن المغاربة أذكياء، نساء ورجال، في كل المجالات، وقاعة الانتظار مليئة بالمثقفين نريد أن يساهموا معنا في النقاش،ن ريد أن نفتح النقاش المتقدم المتحضر لكي نرفع من هذا الوعي، لنرى التغيير الذي نسير نحوه ليس تغييرا بالفوضى، التغيير بالبناء والمنهجية، وبالاستماتة والاستمرار.
ترشيحي ليس ريعا
* ترشيحك للانتخابات لم يخلو من توجيه سهام النقد نحوه. كيف قرأت هذه الانتقادات؟ ولماذا الإصرار على الترشح في هذه الانتخابات؟.
- أولا: أنا ترشحت للانتخابات التشريعية لسنة 1997، وترشحت في انتخابات 2007، وفي السنة الماضية ترشحت في دائرة سيدي بليوط، وهذه هي المرة الرابعة التي أترشح، هذه السنة اقترح على رفاقي في الهيئة التنفيذية للفيدرالية أن أترشح في دائرة أنفا، وأن أجتهد، فاستغل رفاقي حضوري في ندوة دولية في فرنسا حول أي عالم جديد، فاقترحوا أن أكون على رأس اللائحة الوطنية، وقالوا لي: «لا يمكن أن تجرَّ اللائحة نحو العتبة غيرك»، ليس لسبب عدم وجود مناضلات، فهن موجودات ومعروفات ولهن رصيد تعاطف داخل الجامعة والنقابة والوطن بأكمله، ورأوا أني سأكون دعما للوائح المحلية، أما الذين انتقدوا ترشيحي وقالوا أنه ريع وأني يجب أن أنزل للدوائر وأن لا أترشح، المهم أنا أقول أن اللائحة الوطنية لم يفتح عليها نقاش، لأن في العالم بأسره النساء لا يصلن لمراكز القرار إلا إذا تم الاحتكام إلى معايير تمييزية أو الكوطا، حتى في إيزلندا والكثير من الدول، والآن أصبحوا وصلت النسبة إلى 50 في المائة، لدينا في المغرب مجتمع بطريكي ويوزع الأدوار بهذا الشكل : المرأة داخل البيت والرجل في الفضاء الخارجي، لا يمكن أن تصل النساء عندنا إلى هذه النسبة، كان لدينا (2) اثنتين، وكان يلزمنا مدة طويلة لكي نرى أكبر من هذا العدد 5 أو أكثر، مع حكومة «سي عبد الرحمن اليوسفي» تحققت هذه الآلية مع الحركة النسائية المغربية، ووصلت النسبة لـ 10 في المائة، وهذا أعطى سمعة جيدة للمغرب ومنحنا تلك النساء اللواتي تكونَّ في البرلمان وأصبحن قياديات مهمات، بما أن الدستور ينصُّ على 50 في المائة، أنا كنت أنتظر تحقيق هذه النسبة، لكن كان علينا أن نستعين بآلية لتحقيق ذلك وأن نجد طريقة ما، علما أننا نقترح اعتماد دائرة وطنية واحدة، ترتكز على كون البرلمان يضم 395 عضوا إذن على كل حزب أن يقدم 395 للتصويت وعندها لن يبقى أثر للرشوة ولا لتوزيع المال، وكل سيحصل على ما يستحقه0 إذن الذين يقولوا بأن ترشيحي ريع، فأقول أنه لكي أضمن نجاح اللائحة الوطنية يجب أن أحصل على 300 ألف صوت في كل الدوائر الانتخابية، حصلنا في الانتخابات السابقة - رغم عدم تغطية كل الدوائر - على 100 ألف، إذن يجب أن «أشمر على ذراعي» لكي أرفع 100 ألف إلى 300 ألف، ورفاقي وضعوا في الثقة ويعقدون العزم علي كي أرفع هذه النسبة وقد ضغطوا علي كي أقبل0 أنا أعمل حاليا كي أقود حملة من الطراز العالي، لكي أساند اللوائح المحلية وأملي ليس فقط إنجاح اللائحة الوطنية، وقد وضعت فيها ترتيبا خاصا بالاتفاق مع رفيقاتي ورفاقي في الفيدرالية، كي إذا نجح واحد من الحزب الاشتراكي الموحد سينجح واحد من الطليعة وآخر من المؤتمر، لم أضع في اللائحة نفسي وصديقاتي، نحن لا نتبنى هذا المنطق، أملنا كبير0 نحن نريد أن تنجح البلاد لدينا مشروع كبير، الأمل هو أن نصل لفريق برلماني، إذن هذا ليس ريعا هذا عمل كبير، وأذكر القراء الكرام أن في سنة 2007 في الانتخابات لما تم وضعي على رأس التحالف، أخذت سلفا من البنك لكي أمول حملتي في المغرب بأكمله ورغم ذلك لم أنجح لكني كنت ولاأزال سعيدة بلقائي بالمغاربة وتكلمت معهم كثيرا ويتذكرونني جيدا، وهكذا يكون البناء ولا بأس في سبيل التضحية.
عبد المقصود الراشدي، وكيل لائحة الاتحاد الاشتراكي بدائرة عين السبع الحي المحمدي
رهان الاتحاد هو استعادة الجدار الواقي ضد التطرف والفساد
* تقدمت لانتخابات 7 أكتوبر بمدينة الدار البيضاء. ما الذي جعلك تترشح لهذه الاستحقاقات علما أنه يُقال بأن حزب الوردة مات في العاصمة الاقتصادية؟
- أولا: ترشيحي جاء تلبية لرغبة قواعد الحزب في إقليم عين السبع الحي المحمدي، وأيضا برغبة القيادة الحزبية وإلحاحها على هذا الأمر، المسألة وطنية بالنسبة لي، إذ لا يُمكن أن نترك الساحة فارغة أما للتطرف أو للفساد المالي. وللأسف هذا ما بصم الساحة الحزبية في مدينة الدار البيضاء، لذلك أنا فخور بوضع ملف ترشيحي ورقمه 3، بعد الحزبين الآخرين. الرغبة الأكيدة من وراء ترشيحي هي المساهمة الوطنية في تخليق الحياة السياسية وفي خدمة المشروع السياسي الاجتماعي والاقتصادي والديمقراطي الحداثي وبالأساس إعطاء أمل للأجيال الصاعدة في سبيل السياسة، نحن واعون أن الإتحاد الاشتراكي هو اليوم يسير في إطار التحسن، كصورة لدى الرأي العام، خاصة بعد أن هدأت الحروب المُصطنعة ضد حزبنا، وقد كان الثمن الذي أداه الحزب بعد حكومة التناوب التوافقي باهظا جدا، والآن بعد المؤتمر التاسع للحزب، خُلقت دينامية من أجل انبعاث الحزب وإعطاء نفس جديد للتنظيمات، التي لا تنبني على الشعارات ولكن على مشروع مجتمعي حقيقي، كأداة للاستفادة من المبادرات داخل الأحياء والدروب، للارتباط بالجماهير الشعبية وصنع كوادر حزبية مرتبطة بأحيائها ومشاكل المواطنين. أملي هو أن يعود الإتحاد الاشتراكي في هذه المرحلة للدار البيضاء من الناحية الانتخابية، علما أنه تمت صناعة وخلق كائنات في فترة معينة ضد الحزب مع احترامي للبعض، وهذه الكائنات هي التي تجذرت وترسخت في المشهد السياسي بالبيضاء وأصبحت خطرا على السلطة التي خلقتها.
* بعض القيادات داخل الإتحاد الاشتراكي هي التي كانت تحمل «المعاول» ضد حزبكم.. ما هي الأطراف التي حركت الحروب التي أشرت أنها استهدفت حزب «الوردة»؟
- لقد أجريت معك حوارات عديدة سابقة، في هذا الموضوع على امتداد سنوات، وكنتُ دائما أستحضر أن الرأي العام لا يعرف الحسابات السياسية الموجودة داخل حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كان الصراع يدور بين الدولة والحزب، اليوم انتهى هذا الأمر، بقرار سياسي من سي عبد الرحمن اليوسفي، ومنذ ذلك الحين والحزب يعيش مخاضات داخلية خطيرة، منها ما هو ذاتي وهو قليل، لكن هناك جهات أخرى ربما فكرت في أنه لم يعد من الأجدى وجوب حزب يذكرنا دائما بتاريخه وماضيه النضالي. اليوم أنا مقتنع أن المشروع السياسي للإتحاد الاشتراكي يجب أن يتغير، وهذا ما حصل الآن، خاصة بعد المؤتمر التاسع، بعد تراكمات خيبة الأمل في إعطاء نفس جديد للسياسة وانبعاث الحزب والانخراط في البناء الديمقراطي الذي ناضلنا من أجله وأدينا ثمنه لسنوات، لكن هذه المرة من جانب التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية مع الارتباط بالمواطنين ألح على أخواتي وإخواني في الحزب وتنظيماته لخلق نخبة أو فتح المجال أمام نخب جديدة متشبعة بالمشروع الاتحادي لكي تساهم بطريقتها في البناء وأعتقد أنه من الصعب أن نمحي فكرة الإتحاد كقضية ومشروع سياسي ولمصلحة الوطن لابد من وجود حزب الإتحاد الاشتراكي، لا ينبغي أن نترك الساحة فارغة للتطرف والفساد المالي ونرى نتائج ذلك التي أضحت خطيرة.
* نجد الآن بالساحة مدا أصوليا طاغيا في المجتمع، لدرجة أن البعض يقول : «الانتخابات الآن تحمل شرط وجود»، أي أننا لسنا أمام تنازع برامج انتخابية بل تنازع مشروعين : إما مشروع الردة والنكوص وإما حماية المغرب من وجود هؤلاء الأصوليين.. ما هو رأيك؟
- القراءة السياسية لهذا المشهد تجعلنا نركز على نقطتين:
أولا: يجب أن نكون حذرين في مسألة حصر المشهد الحزبي في «أسطوانتين»، وهي مسألة انطلقت مع بداية هذه الألفية وكنا متحفظين عليها ورافضين لها، لأن نتائجها اليوم هي صناعة رأي عام يجب أن يختار بين تطرف وتطرف، وبين أن نختار مدا لا يمكن أن يكون دون وجود الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
ثانيا : ينبغي أن نستحضر النضالات التي قمنا بها وقام بها الشعب المغربي بالأساس من أجل ترسيخ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وكرامة المواطنات والمواطنين. فبالرغم من صدور الدستور الجديد فقد ظل حبرا على ورق لأن الحكومة لم تسع إلى تفعيله رغم أنها استفادت من كل الآليات القانونية التي منحتها قوة لتفعيل كل المبادرات السياسية. ولا حظنا للأسف الشديد أن المد الأصولي يشكل خطرا على المغرب، فهناك الظاهر منه والباطن وفي القراءات السوسيولوجية التي تمتعنا بدراستها للاحتراز من التطرف كيفما كان نوعه لضرورة التوازنات والإستقرار لضمان مستقبل ينخرط فيه الجميع.
* هذا المد الأصولي كان يستهدف حزب الاتحاد الاشتراكي، كي يخلو له المجال، لدرجة أن حزب «البيجيدي» يُتهم باستغلال بعض الاتحاديين وتسخيرهم لنسف الحزب.. كيف يمكن الاحتياط من هذا التطرف؟
- الإتحاد الاشتراكي سيظل عصيا على «الاستعمال» لمثل هذا الغرض، من طرف أي جهة وأنتَ تعلم تاريخ الحزب والحرب الشرسة التي استهدفت الحزب منذ عقد وما يزيد، وكانت تهدف إلى ترك فراغ في الساحة ونحن نرفض ذلك ونرفض ترك الدولة في مواجهة مثل هذه المخاطر، إذ كما ضحينا من أجل الديمقراطية نحن مستعدون للتضحية من أجل الوطن والاستقرار. في سياق الحديث عن «البيجيدي» أو غيره، يجب على المغاربة اليوم أن يختاروا ما يريدون بشكل ديمقراطي، بعد خمس سنوات من تحمل المسؤولية من طرف الحزب الحاكم، ونرى ما وقع على مستوى الخدمات الاجتماعية والتعليم وما يقع على مستوى التشغيل والسياسات العمومية التي ثم إعدادها للشباب، وماذا قمنا به اليوم من أجل الأجيال القادمة والأطفال!؟ وما هي القيمة المضافة بالنسبة للمغرب في العلاقات الدولية بالنسبة لمسألة المديونية!؟ وماهي القيمة السياسية لخدمة القضايا الإستراتيجية للبلاد!؟ الحكومة لم ترق إلى مستوى تطلعات وانتظارات الهيئة الناخبة، التي صوتت عليها في 2011، بما فيها النخب التي يئست من الحركة الديمقراطية وصوتت على حزب العدالة والتنمية لتجريبه، وأدعو اليوم كل النخب الاقتصادية والاجتماعية والإدارية أن تتحمل مسؤوليتها. لقد وقفنا على التجربة اليوم ونتائجها، ويجب أن نعود إلى ضمائرنا.
* في ألمانيا، لا يُستساغ أن يصوَّت «الديمقراطيون المسيحيون» على النازيين وأن يصوِّت اليساريون واليمينيون على اليمين المتطرف بفرنسا. لماذا بدأت أصوات تطالب الديمقراطيين اليساريين في المغرب بالتصويت على «البيجيدي»، علما بأنه تنظيم أصولي؟!
- أحيانا يكون الضغط النفسي، أو بالدارجة المغربية «لـَغْنَانْ»، على ضوء عبارة: «عليَّ وعلى أعدائي»، بمعنى أن يكون أي حزب آخر ولا يكون حزب الإتحاد الاشتراكي، وهذا موضوع سنعود له بعد الانتخابات. يجب أن لا نغفل خصوصيات الزمن الديمقراطي، فهو لم يرشد بعد وما زال يبحث عن نفسه. هناك ضبابية خطيرة وخلط بين الانتخابات الجماعية والتشريعية واستغلال لبؤس الناس وأحزمة الفقر. أدعو الأخوات والإخوان في الحركة الديمقراطية لكي نتحمل مسؤوليتنا اليوم، فلا يُمكن أن نحمل مشروعا سياسيا ونصوِّت ضده، لأن الأمور لا تدبَّرُ بهذا الانتقام، فالخاسر الأكبر هو الوطن، لذلك أدعو الجميع إلى التصويت على الحركة الديمقراطية والتصويت على الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأدعو إلى إعطاء فرصة جديدة للحزب ليصحح التراكمات الإيجابيات لحكومة التوافق التي قادها الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي ويطبق جزءا من برنامجه على الأقل اليوم، الذي سيجيب عن العديد من الأسئلة في مختلف المجالات وفي منطلقها الاستقرار أولا، الأمن ثانيا وثالثا المسألة الاجتماعية وكلها رهانات ينبغي أن نعتبرها أساس كل تنمية ديمقراطية ببلدنا.
* عدَّدْت (تسونامي) من الإخفاقات التنموية، في المجال الاجتماعي والإحباطات التي عرفها الشعب المغربي، لكن المثير هو أنه لا يُصرَّفُ في صوت انتخابي. بالنسبة لحزبكم وغيره.. ما السبب الذي يحول دون دفع الناس للمشاركة واستقطابهم لصناديق الاقتراع؟
l- لا ننسى أن هناك حربا ضد حزب الإتحاد الاشتراكي، حاصرته وجعلت صورته وصورة قياداته سلبية أمام الرأي العام بشكل مغلوط تماما، علما أن الذي حمل المشروع المجتمعي منذ الاستقلال إلى اليوم هو الحزب بشكل عام وحاول تطبيقه سي عبد الرحمن اليوسفي، لذلك اليوم مع هذا الهدوء النسبي الذي حظينا به في المدة الأخيرة، سيؤكد أننا في الطريق الصحيح لاستعادة المبادرة، من الناحية التنظيمية داخليا، والانفتاح على المجتمع واستعادة الثقة، نحن الآن في حاجة إلى استعادة الثقة، واستعادة «البارشوك»، أي الجدار الواقي، كي لا نترك الوطن أسير رهانات لتصورات متطرفة أو فاسدة، لا ننسى اليوم أنه مع الاستعداد للحملة الانتخابية لاحظنا بؤس الفساد المالي الخطير، الذي ينبغي أن يجعلنا نؤكد قد تكون غدا أي قوة موجودة صغيرة أو متوسطة أو كبيرة توفر الإمكانيات المادية لهذه الكائنات الانتخابية، لاستغلال البؤس ويمكنها أن تشكل خطرا كبيرا، على بلادنا ومستقبل بلادنا، لذلك أدعو كل المواطنات والمواطنين كل مع نفسه، لكي يضع أمام أعينه تقييما للسنوات الأخيرة، وقد شاهدنا ما وقع في ميادين عديدة مرورا بالتعليم و«البوطاغاز» والصحة، يجب أن نصوِّت أولا، ويجب أن نصوِّت على الخيار الديمقراطي الإشتراكي.
* أنت مسؤول وطني في حزب الإتحاد الاشتراكي، كان بإمكانك أن تترشح في أي دائرة بالمغرب. علما أن القيادة كلها لم تترشح باستثنائك أنت واثنين من زملائك من الحزب. لماذا اخترت بالذات منطقة (عين السبع - الحي المحمدي) بالبيضاء؟
- في الواقع لم أكن أحتاج للترشيح، لكن المسؤولية الوطنية تقتضي أن نتحمل المسؤولية، اختياري نابع من قناعة المساهمة في التنمية في بلادنا والتي ناضلنا من أجلها، واختياري لدائرة (عين السبع الحي المحمدي - الصخور السوداء)، نابع من كوني من أبناء المنطقة. هناك جيل يعرف من هو (عبد المقصود) وماضيه وقناعاته في المجال السياسي والحزبي والجمعوي، محليا ووطنيا ودوليا، وهناك جيل لايعرفني، لكن لدي ثقة في الساكنة بعين السبع والحي المحمدي و«روش نوار» كي أحظى بثقتهم في هذه الأنتخابات المقبلة، وأنا أعدهم بأنني كما عرفوا عني سأكون في مستوى هذه اللحظة، من حيث خدمة االتجربة التشريعية في بلادنا، ومن حيث الدفاع عن كل القضايا التي تهم هذا الإقليم، من حيث البنيات التحتية الأساسية والتعليم والصحة وإعطاء نفس جديد في مجال الرياضة، بالنسبة لـ «الإتحاد البيضاوي» وإحياء «دفاع عين السبع»، أو التعجيل باستعادة «حديقة الحيوان» التي كانت منتزها كبيرا، أو للفعل الثقافي الذي يجب أن نعممه من خلال «الخزانات»، ومن خلال القاعات السينمائية التي نناضل من أجل الحفاظ عليها، سينما «السعادة» و«شريف» وبالأساس الاهتمام بالفنانين والمُبدعين والرياضيين الذين يشكلون نخبة أساسية في تاريخ هذه المنطقة، فهي رأس مال رمزي، مثل قدماء جيش التحرير وقدماء الحركة الوطنية وقدماء المعتقلين الموجودين بهذه المنطقة، لذلك يجب أن نضع جميعا يدنا في يد بعضنا بخدمة المنطقة وخدمة الوطن عموما.
أحمد الحبشي: الجزء الهام من مسافة توحيد قوى اليسار تم إنجازه
تميزت تجربة اليسار المغربي، منذ نهاية الوجود الاستعماري المباشر بالبلاد إلى اليوم، بعملية تفكيك مستمرة ومتواترة، تمظهرت في شكل انشقاقات وانسحابات فردية وجماعية، كان لها الأثر البالغ على مكانة اليسار ودوره في الواقع السياسي العام. وإن اعتبر هذا التفكك موضوعيا في سياق تطور التجربة اليسارية وما أفرزته من تباين فكري وتباعد في الاختيارات السياسية والاجتماعية، فإن السعي ظل مستمرا لتجاوز شروط هذا التفكك واستعادة قوة الفعل السياسي اليساري وتقوية مواقعه السياسية والاجتماعية، وذلك من خلال محاولات التجميع وحل الخلافات في صفوف اليساريين، بخلق إطارات موازية للتنسيق وتوفير شروط الحوار المستمر من أجل تجاوز واقع تضرر منه الجميع. غير أن الانشغال ظل قائما لإيجاد سبل كفيلة بتقريب وجهات النظر، من أجل تجاوز التفكك وتوفير شروط العمل المشترك بأفق دمج مختلف البنيات التنظيمية في إطار متعدد يتسع لممارسة الوحدة والاختلاف. ودون تبخيس أو التقليل من قيمة كل المبادرات التي جربت لتحقيق وحدة اليسار، فإن ما ميزها حتى الآن هو غياب قنوات لتصريف الاختلاف واستيعاب كل الآراء والتعبيرات اليسارية، بحيث ظلت كل كثلة تحافظ على بنياتها وعلاقاتها، مما أثر سلبا على استثمار كل المجهودات التي بدلت لتجميع قوى اليسار وتحقيق وحدته. ما هو مطلوب اليوم في تقديري الخاص، هو إيجاد صيغة تنظيمية تستوعب مختلف التصورات، وتحتكم إلى ما هو مشترك بأهداف واضحة ومحددة، بعيدا عن كل تفكير في الإلحاق والدفع إلى الانصهار الغير مؤسس على قاعدة الانسجام الفكري والتقارب في التقديرات السياسية للواقع ومتطلباته، من ذلك صيغة التيارات المتفاعلة داخل نفس الإطار وبآليات فاعلة وحاضنة للاختلاف، مؤهلة لفسح المجال لكل التعبيرات اليسارية لتوحيد فعلها على قاعدة الحد الأدنى المشترك. وتبقى المبادرة مفتوحة في وجه كل المناضلين الجادين، دون الاعتماد على القرارات القيادية، التي لم تتجاوز دعواتها للتوحيد، حدود التعبير عن الحاجة أو ضرورة توحيد قوى اليسار، دون اتخاذ الخطوات العملية المؤدية إلى خلق إطار فعلي مقبول ويمكن من تجاوز التفكك.
في تجربة فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي جمعت ثلاثة مكونات سياسية يسارية، حزب المؤتمر الاتحادي، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب الاشتراكي الموحد، تمكنت هذه المكونات من تجاوز بعض العوائق، بالحسم في القضايا الأساسية التي اعتبروها قاعدة لأي عمل مشترك أو أساس أي تحالف أو اندماج مأمول، فكان الاتفاق على شكل النظام السياسي، والموقف من الوحدة الوطنية وقضايا الدستور. ما عدا ذلك اعتبرت تفاصيل تناقش في حينها، وان كل خلاف حول هذه القضايا الثلاث يمكن لأي طرف أن يتخذ الموقف الذي يراه مناسبا وينسجم واختياراته. ومنذ تشكل هذا الإطار الوحدوي، تمكنت مكونات التحالف من تحقيق نوعا من التقدم في تطوير العلاقات بين القيادات من جهة وبين المناضلين في قواعد هذه الأحزاب من جهة ثانية، مما سهل عملية العمل المشترك على أكثر من مستوى، خصوصا في الانخراط المشترك في الاستحقاقات الانتخابية، بحيث تم التغلب على كل ما كان من شأنه أن يعرقل العمل ويحسر الفعل المشترك، بحيث توزيع الدوائر الانتخابية اعتمادا على معايير محددة وواضحة تم القبول بها، وعلى أساسها أسندت مسؤولية تشكيل اللوائح الانتخابية لكل مكون من المكونات. كما تم العمل بشكل جماعي، بانتداب أطر من كل حزب، بإعداد البرنامج الانتخابي وتحديد محاور القضايا الأساسية التي تقتضي المرحلة بلورتها وإبرازها، كقضايا أساسية تقتضي النضال على أكثر من مستوى لتحقيقها كأهداف وغايات. هذا لا يعني أن ليس هناك صعوبات وموانع، ولكن الأكيد أن الجزء الهام من مسافة التوحيد قد تم قطعها بقليل من الأضرار.
الكاتب الجهوي للحزب الاشتراكي الموحد بالبيضاء
عبد الرحمان بنعمرو، عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي
المفاجأة التي نتمناها هو أن تذهب غالبية الفئات المسجلة في اللوائح الانتخابية
للتصويت على المعارضة الحقيقية
* بدأت بعض الأصوات ترتفع الآن متنبئة بوفاة اليسار يوم 7 أكتوبر. وتستند هذه الأصوات إلى هيمنة خطاب قطبين اثنين هما «البيجيدي» و»البام». هل فعلا هذا التنبؤ له ما يسنده أم هو مجرد مغالطة؟
- أولا يجب التذكير أو التنبيه بأن الانتخابات في الدول غير الديمقراطية، وضمنها المغرب، والتي لا تتوفر فيها الشروط القانونية الكافية لضمان نزاهة الانتخابات ومصداقيتها وحياد الدولة.. إن عدم توفر هذه الشروط في المغرب لا يمكن أن تسمح لنا بكون الانتخابات سواء كانت محلية أو جهوية أو إقليمية أو تشريعية برلمانية، أن تكون هي المحدد أو المعيار لتقييم أو للحكم على حزب معين بأنه موجود وسط الجماهير ومؤثر في فيها.. ومن المعلوم أن الانتخابات في المغرب والذي يحكمه نظام مخزني غير ديمقراطي حقا وحقيقة لم يسمح منذ الاستقلال حتى الآن، سواء من الناحية القانونية أو من ناحية الضمانات القانونية أو من ناحية الواقعية، بأن تكون الانتخابات هي مقياس لقياس تواجد حزب من الأحزاب وسط الجماهير ومؤثر فيها.. وبالتالي لا يمكن أن نعتبر نتائج الانتخابات التي تمت في المغرب حتى الآن بأنها معيار لتحديد حجم الأحزاب ومدى تأثيرها في الساحة.. الذي يتحكم في الانتخابات منذ الاستقلال حتى الآن هو العديد من المؤشرات والعوامل التي من ضمنها استعمال المال، ترشيح الأعيان، تدخل السلطة أحيانا بكيفية مباشرة وأحيانا بكيفية غير مباشرة، دفع السلطة الجماهير إلى اليأس من الانتخابات، وبالتالي عزوف الكثير من فئات الشباب والعمال والموظفين الواعيون. إذن بصفة عامة لا يمكن أن نعتبر انتخابات 7 أكتوبر كذلك، والنتائج التي ستسفر عنها، سواء على مستوى عدد الأصوات أو على مستوى المقاعد، مؤشرا على حزب من الأحزاب بأنه متواجد وسط الجماهير ومؤثر فيها أو أنه غير متواجد. وبالتالي فإن القطبين المشار إليهما اللذين احتلا «الصفوف الأولى» سواء في الانتخابات الجماعية ومن ضمنها انتخابات 2007 و2009 أو في اقتراع 4 شتنبر 2015 تحكمت فيهما عوامل محددة. فعلى كل حال بالنسبة لحزب العدالة والتنمية تحكمت فيه عوامل معينه نعرفها، وهي حركة 20 فبراير ونتائجها، وتحكمت فيها كذلك عزوف عدد من الفئات التي من المفروض أن تكون منحازة لليسار وللحركات التقدمية الحقيقية.. أما بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة فإن الذي تحكم فيه، كما نعلم، هو أنه وجد سندا من السلطة منذ نشوئه عن طريق مساندته ماليا بصفة غير مباشرة، وانضمام الأعيان إليه.. فإذن الفضل في كونه احتل «الصفوف الأمامية» في انتخابات شتنبر هو السلطة، وقد تواجد بالخصوص في البادية حيث تتحكم السلطة غبر المقدمين والشيوخ والأعيان في توجيه النتائج. وتبعا لهذه المعطيات يمكن الجواب عن سؤالك بأنه لحد الآن، ما لم تكن هناك مفاجآت استثنائية تتدخل فيها معطيات وظروف دولية وداخلية، فإنه من المنتظر، أمام المعطيات التي نتوفر عليها سواء على مستوى المقيدين في اللوائح الانتخابية ورغم الضجة التي قام بها النظام ظاهريا من أجل دفع الناس للتسجيل في اللوائح الانتخابية، فقد بقي عدد المسجلين في اللوائح هو 15 مليون بينما العدد الذي من المفروض أن يكون مسجلا في اللوائح الانتخابية العامة هو ضعف هذا العدد. إذن ما زال العزوف مستمرا، وما زال العزوف ممتدا داخل الفئات الواعية من شباب وموظفين الذين من المحتمل أن يكون لهم تأثير في الانتخابات المقبلة وأن يكونوا منحازين إلى جانب المعارضة الحقيقية (اليسار الحقيقي والمناضل)... أمام هذا الوضع من المحتمل، إذا بقي الحال كما هو عليه بالنسبة للانتخابات السابقة ومنها 14 شتنبر، من المنتظر أن هذين الحزبين قد يحتلان مرتبة متقدمة في نتائج انتخابات 7 أكتوبر... والمفاجأة التي نتمناها، والتي هي مبنية على المنطق، هي أن تكون تلك الفئات المسجلة في اللوائح الانتخابية، وعددها 15 مليون، أن تذهب أغلبيتها إلى صناديق الاقتراع، إذ قد تتغير النتائج خلافا لما وقع في 14 شتنبر، وتكون هناك مفاجأة.. أما إذا بقي الحال كما كان عليه من مساهمة القلة القليلة والتي تتحكم في بعضها السلطة، وبعضها تتحكم فيه عوامل أخرى، إذا بقي الحال هكذا فإن الوضع سيبقى كما كان، إلا أنه ستكون هناك تغييرات نسبية في نسبة النتائج التي سيحرز عليها «البام» أو «البيجيدي».
* الانتخابات هي في الأصل مكافأة وتتويج لحضور الحزب مع المواطنين والمجتمع خلال كل المحطات. وما يعاب على أحزاب اليسار أنها قطعت الجسور مع المجتمع ولم تعد أرجلها في الوحل، ففقدت التواصل. هل والحالة هاته يمكن لليسار أن يحقق نتائج مشرفة؟
- كما دأبت ودأب العديد من المحللين على القول: ما هي أولا الشروط والمعايير لتحديد اليسار ولتحديد كذلك مناضلي اليسار.. هناك شروط ومقاييس معينة نظرية وعملية وواقعية، فاليساري الحقيقي الذي يستحق لفظة اليسار هو الذي يجب أن تتوفر فيه العديد من المواصفات والشروط، من بينها الإيمان بحقوق الإنسان، الإيمان بالديمقراطية، الإيمان بالاشتراكية وما تفرضه هذه الأخيرة من إيمان بالحق في توزيع الثروة بكيفية عادلة. هذا شرط نظري ومبدئي. الشرط الثاني هو الإيمان بهذه المبادئ بما يقتضيه هذا الإيمان وينتج عنه من الدفاع عن الديمقراطية بالملموس سواء بالمواقف أو بفضح أنصاف الديمقراطيين ومضللي الديمقراطية بما يفرضه هذا الإيمان من مواقف شجاعة وصريحة لفضح الفساد، لفضح المضللين، لفضح كذلك أعداء الديمقراطية بالمواجهة وبما يترتب عن هذه المواقف من تضحيات على مستوى المصالح أو على مستوى حرية المناضل... إذن هناك شرطان متلازمان لا يغني تحقق أحدهما عن تحقق الآخر. شرط نظري يتعلق بالأهداف والمبادئ وشرط عملي هو الدفاع والنضال والتضحية من أجل تحقيق هذه المبادئ وهذه الأهداف. لذلك فاليسار الحقيقي، بهذه المواصفات السابقة، لم يمت ولن يموت... وبالرغم من التضحيات الجسيمة التي نالها من الحكم المخزني عبر المضايقات والاعتقالات والمحاكمات، فإنها ما زال حيا، وهو الآن ينبعث من جديد لأنه كما يقال: القمع يقوي المناضلين ويقوي صمودهم ويوسع من حجم التعاطف معهم على المستوى الجماهيري، سواء على مستوى الداخل أو الخارج. تبعا لهذا المفهوم، فاليسار، وأتكلم بالخصوص عن فيدرالية اليسار الديمقراطي المكونة من حزب الطليعة الديمقراطي والاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الاشتراكي الموحد، إن هذا اليسار لا تجمعه فقط أهداف واحدة ولا مبادئ واحدة ولا برنامج واحد سواء كان انتخابيا أو استراتيجيا، إنما تجمعه كذلك ماض من النضال، ماض من المواجهة مع النظام، ماض من التضحيات والتجارب... هذا الماضي هو الذي أعطاهم ثقة في أنفسهم وثقة الجماهير بهم. تبعا لذلك فإن الحكم ماضيا وحاضرا لن يسمح من خلال الانتخابات بأن يكون لليسار مركز أو نتائج تتجاوز مخطط الحكم، الذي يحدد لكل فريق حجمه وأفقه، وبالتالي لا يمكن أن يسمح لليسار أن يحوز على أغلبية مشرفة. ونحن سنعمل على أن يكون لنا مركز مشرف في نتائج الانتخابات سواء على مستوى الأصوات أو على مستوى المقاعد، وأن نلج إلى البرلمان، نتمنى أن نصل إلى فريق برلماني ليكون صوتنا معبرا عن صوت الجماهير، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.. لكن نؤكد من جديد بأنه إذا كانت لهذه الانتخابات أهمية بالنسبة للعلاقة مع الجماهير والاتصال بهم وتوعيتهم وتعبئتهم، فإن الانتخابات بالنسبة إلينا في فيدرالية اليسار ليس هو الساحة الوحيدة للتواصل مع الجماهير.. فهناك عدة قنوات كنا نشتغل فيها وما زلنا نشتغل فيها وسنظل نشتغل فيها في علاقتنا مع الجماهير عبر الجمعيات والنقابات وفي مختلف الأنشطة الجماهيرية من وقفات ومسيرات، إلخ.. فالعلاقة بالجماهير ليست محصورة في الانتخابات ولا في البرلمان ولا في المجالس البلدية، وإن كنا نعمل على أن يكون لنا مركز محترم في هذه المؤسسات.
* من المفارقات أن الحكومة الحالية أنتجت كل الشروط لردمها ردمة نهائية بسبب السياسات اللاشعبية والتفقير الذي مارسته ضد الطبقة المتوسطة. لكن للأسف هذا الاحتقان لم يتم استغلاله من طرف المعارضة لتوجيه الناس نحو التسجيل في الانتخابات، وبالتالي المشاركة في الاقتراع. لماذا تركن المعارضة إلى اعتماد خطاب المظلومية، بل أن تكون «عدوانية» وحاضرة في التعبئة لقيادة التغيير؟
- يجب أن نؤكد من جديد بأن الحكومة الحالية وكسابقاتها ليست حكومات معبرة حقيقة عن إرادة الشعب، لأنه تحكمت في وجودها وفي تخطيطها وفي حجمها وفي اختياراتها، تحكم فيها النظام السياسي المخزني في المغرب. وقد أكدنا على هذا مرارا وتكرارا بأن مختلف الحكومات التي عاصرها المغرب، كانت مختلطة على مستوى التكوين، ووجدت ولم يسمح لها النظام إلا بتنفيذ اختياراته اللاشعبية واللاديمقراطية في ميدان إدارة الشأن العام، في الميدان الاقتصادي، في الصحة، وفي التعليم... حكومة عبد الله إبراهيم على كل حال حاولت أن تخرج عن الدائرة التي كان يرغب النظام السياسي في المغرب إذاك في الستينات أن يفرضه عليها، لم تمتثل إلى حد ما إلى توجيهاته وإلى اختياراته، فكان مصيرها أن أقيلت بعد حوالي سنة ونصف من وجودها. وهذا ما نراه كذلك حتى بالنسبة للحكومات المتوالية.. حكومات تحكم فيها المخزن وجودا وتسييرا واختيارا وتوجيها، ولم تكن تطبق سواء عن رضى أو عدم رضى إلا اختيارات الحكم. فالدستور على كل حال الذي أتى بعد 20 فبراير تحكم فيه الحكم عن طريق اختيار لجنة استشارية هو الذي اختارها.. فأتى هذا الدستور رغم أنه تقدمي لكن ما زالت فيه ثغرات. ومن ناحية أخرى فإن النظام المخزني يتحكم حتى في مقتضيات هذا الدستور في العديد من الاختصاصات المعطاة للحكومة في شخص رئيسها.. المؤسسة الملكية امتدت إلى هذه الاختصاصات. ومن ناحية أخرى هناك مشكل في المغرب هو أنه لا تكفي الضمانات المسطرة في الدستور ولا في قوانين الحريات ولا في القوانين المطبقة في الدستور، فهناك العديد من المقتضيات الدستورية والتي على كل حال مريحة وأحيانا منسجمة ومتماشية مع العديد من مبادئ حقوق الإنسان... ولكن من الناحية العملية والواقعية فهي لا تطبق. تلك الحقوق الموجودة في الدستور والتي من المفروض أن تطبق، أفرغت من محتواها وأبعدت عن التطبيق، لأن الدستور عند تناوله للسلط (السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والقضائية) أعطى للمؤسسة الملكية الهيمنة التامة على هذه السلط، بالإضافة إلى هيمنة المؤسسة الملكية على العديد من الحقول التي وردت في الدستور: الحقل الديني، الحقل التشريعي، الجيش، الحقل الاستخباراتي والأمني، وهيمنتها كذلك على الاستراتيجية الاقتصادية وعلى سلط الباشوات والقياد... فالسؤال: هل اليسار الحقيقي، وأنا دائما أقول اليسار الحقيقي بالشروط التي ذكرتها لك سابقا (النظرية والعملية).. واجهنا نقدا مقتضيات الدستور وما زلنا بل قاطعناه برغم تقدمه على مستوى المبادئ.. واجهنا كذلك الفساد، واجهنا اختيارات النظام السياسية وفضحناها على المستوى الاقتصادي والسياسي، واجهنا عجز الحكومة عن تنفيذ البرامج (التعليم، مجال حقوق الإنسان) وهذه الحكومة لا يمكن إلا أن تكون عاجزة لأنها مشكلة من أحزاب متناقضة إيديولوجيا وسياسيا ومتناقضة كذلك في برامجها. نحن في اليسار الحقيقي نحمل المسؤولية الأولى للنظام في اختياراته المختلفة، نحمل المسؤولية للحكومة لأنها من ناحية تنفد اختيارات الحكم، ومن ناحية أخرى عجزت عن تنفيد حتى البرامج التي وعدت بها سواء المتعلقة بالقضاء على الفساد أو في ميدان التعليم أو في مجال حقوق الإنسان، في ميدان التشغيل إذ ما زالت البطالة تتوسع... ولا يمكن أن نعفي الحكومة من هذه المسؤولية بادعاء أنها غير قادرة أو هناك من يعرقلها من عفاريت وشياطين وتماسيح... والحكومة أيضا تخلت عن اختصاصاتها المنصوصة عليها في الدستور من جهة أخرى.
نحن نتعشم في اليسار إذا وصلنا إلى البرلمان، ولن تكون لنا أكثرية مريحة، سنكون، كما قلت، صوت الشعب نفضح الفساد، ولا نفضحه فقط من خلال قبة البرلمان، وإنما سنفضحه في الشارع وفي البادية وفي المؤسسات والجمعيات والنقابات...
* تجربتكم في فيدرالية اليسار هي الوحيدة في الحقل السياسي.. كيف تخطيتم العراقيل في تحديد برنامج واحد ومرشح واحد، وما هي المشاكل التي ما زالت تعترضكم؟
- كنا، الأحزاب الثلاثة الموجودة في الفيدرالية، في تحالف ولكن هذا التحالف لديه صبغة تنسيقية، بمعنى أنه أي قرار يتخذ في إطار التحالف كان يحتاج إلى توافق جماعي من هؤلاء الأحزاب الثلاثة. انتقلنا من هذه المرحلة لأنها استنفدت وقتها، إلى مرحلة متقدمة لم تصل إلى حد الآن إلى الاندماج، وبالتالي لم تظل في مرحلة التنسيق، بحيث أصبحت الأغلبية هي التي تتحكم في اتخاذ القرارات داخل الفيدرالية... وليس الأغلبية بالنسبة لكل حزب، إنما لكل فرد من الأفراد، إذ يقع التصويت بين ممثلي هذه الأحزاب (لدينا جهاز تقريري وجهاز تنفيذي).. فقد يكون عضوا من حزب معين ويصوت مع حزب آخر من مكونات الفيدرالية. إذن فقد ارتفعنا إلى مستوى أعلى من التنسيق إلى اتخاذ القرارات بالأغلبية، ولم يعد ممكنا أن نختلف على مسائل معينة (الانتخابات، الدستور، والوحدة الوطنية). بطبيعة الحال الفيدرالية لديها ورقة سياسية وأهداف مسطرة على المستوى السياسي والاقتصادي وعلى المستوى الديمقراطي وتعبئة الشعب من أجل تحقيق التوزيع العادل للثروة، وعندنا كدلك تصور واضح على مستوى الصحة والتعليم (مجانية التعليم وإشعاعه وتعميه)... وقد أقمنا أجهزة معينة لتنفيذ هذه الأهداف وهذه المبادئ من خلال الجهاز التقريري والجهاز التنفيذي ومن خلال الأمانة العامة.. ونعمل على أن يكون لنا هيآت تنفيذية مشتركة بين هذه المكونات الثلاثة في مختلف الجهات وفي مختلف الفروع.. هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فالفيدرالية شاركت في عدد من الوقفات والمسيرات واتخذت مواقف سياسية تتعلق بالمغرب وبالعالم العربي والوضع الدولي.. وتقدمنا كذلك في الفيدرالية بطلبات من أجل ضمانات حقيقية حتى لا يكون هناك التفاف على الانتخابات ونتائجها، ولكن مع الأسف استجيب لبعضها فقط... وقد طالبنا بهيأة وطنية للإشراف على الانتخابات تكون هي الموجهة لوزارة الداخلية، طالبنا كذلك بأن يكون التسجيل في اللوائح الانتخابية بكيفية مباشرة وبصفة تلقائية بدون طلب.. لأننا نعتقد أنه كلما ازداد التعميم وارتفع عدد المسجلين في اللوائح إلا وفرص التحايل على نتائج الانتخابات والتزوير تقل...
ولا يمكننا داخل الفيدرالية أن نضم إلينا أي انتهازي أو الرحل الذين اعتادوا الرحيل من حزب لآخر. نرفض كذلك أن يكون من بين مرشحينا الأعيان.. ففي انتخابات 14 شتنبر قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن الفيدرالية تعتبر الأولى من ناحية النزاهة وعدم استعمال المال والأعيان وعدم استخدام الأطفال... ونرفض كذلك أن يكون من بين مرشحينا أي واحد فيه شبهة (الانتهازية والانحراف الأخلاقي) ويحق لكل مكون من مكونات الفيدرالية أن يعترض على أي مرشح يكون منسوبا إلى حزب معين. في هذا الإطار اتفقنا على مقاييس الترشيح على توزيع الدوائر بيننا (جميع الدوائر تقدم باسم الفيدرالية) مع تقديم برنامج واحد وموحد، مع إمكانية إضافة بعض الخصوصيات الخاصة بكل دائرة في المدن والبوادي على أن تظل القبعة موسومة باسم الفيدرالية. إذن ما نتوقعه ليس فقط الحصول على نتائج مشرفة، إذا سمح لنا النظام بذلك، وواقع الانتخابات لا يسمح بذلك.. ولكن نتوقع تعبئة الجماهير والتوعية حتى تستطيع هذه الأخيرة أن تميز بين الغث والسمين.. من هو الذي يعمل لصالحها، ومن هو الذي يقف ضدها، ليس فقط عن طريق الوعود الخلابة والشعارات الفارغة، وإنما بتذكيرها بمواقف اليسار الحقيقي ماضيا وحاضرا...