أما ما تم الالتزام به ، فهو مفصل في التصريح الحكومي ، والذي هو نتيجة توافقات الفريق الأغلبي ، بما فيه الوزراء غير الحزبيين ، حتى لا نقول السياديين . فماذا أنجزت الحكومة وأغلبيتها البرلمانية باعتبار دور التشريع والمصادقة عليه ؟ في الردود لا نسمع سوى خطابا يبرر للعجز ، كمن يلتمس من الناخبين تطبيق ظروف التخفيف ، خطاب مكرور يعتمد أمورا ومعطيات كانت معروفة قبل تحمل المسؤولية ، على سبيل المثال أن الحكومة ورثت الدين العمومي والتزامات الدولة مع الخارج ، والوضع الاجتماعي الكارثي ، والحال أنها ورثت مقتضيات دستورية تميز صلاحيات الوزير الأول كرئيس للحكومة وهي واضحة ، ولأن الحديث ، ضمن هذا الخطاب التبريري ، عن حياد الدولة وتحكمها لا يتميز بالنسبية ، مادام أن الحزب كان واعيا بأن للملك ومجلس الوزراء الذي يترأسه ومن خلاله يمارس سلطاته الدستورية ، صلاحيات أكبر من صلاحيات مجلس الحكومة ، بغض النظر عن تنازل رئيس الحكومة عن صلاحياته الدستورية ، وهي حق عام ومجتمعي ، لا يملك فيه حق التنازل ، إذن الحزب الأغلبي ، ومعه مكونات الحكومة قبلوا بما جاء في دفتر التحملات ، ليبقى السؤال لماذا بادرت الحكومة أولا بالمصادقة على قانون حماية العسكر ، قبل أن تصادق على مشروع قانون ما للملك للملك وما لرئيس الحكومة له ؟ وقس على ذلك ؟ ألم يكن يخفي إرادة لفسخ تسوية هيأة الإنصاف والمصالحة ، بشرعنة إفلات الجناة المفترضين من العقاب ؟ فالحزب الذي يترأس أمينه العام الحكومة ، لم يستوعب بعد أن الخريطة ومن هندسها سنح له بهذه الفرصة التاريخية ، مما جعله مترددا وسلوكاته متماهية بين المعارضة والموالاة ، وظل الوزراء يتصرفون كحزبيين ، وحتى لا نغبن الدور الدعوي حقه في التأثير والتأطير ، فعقدة تبادل الثقة أو افتعالها لم تتجه تجاه المجتمع أو المواطنين ، بل كل المجهود صرف في كسب ثقة الملك وفي التماس الهدنة مع الخصوم المفترضين داخل دواليب الدولة حتى يستأنسوا التطبع أو التطبيع ، والحال أن طست الولادة من معدات المطبخ ، فعندما نسمع رئيس الحكومة يصيح ملئ فمه « نادوا على الدولة » ، فهو يقصد ، والدته المجازية ومن خلالها أولئك الذين تعاقد معهم على تحمل مسؤولية تدبير الشأن الحكومي ، شريطة جعل القضايا الحقوقية والمسألة الإجتماعية في ذيل أولوياته ، ولذلك وضعها في أخر المخطط التشريعي ، إضافة كل ما يتعلق بالحكامة الأمنية والسياسة الخارجية ، التي يعتبرها ضمن المجال المحفوظ للملك ، ما عدا الشأن الديني الذي ترك بشأنه الغموض متطاوسا لخلفيات ذات صلة بالحق في الاختلاف ، فقط ، حول الشرعية الدينية.