مسيرة الدار البيضاء ضد أخونة الدولة، هراء وعبث واصطياد في الماء العكر من طرف منظميها، مسيرة أقل ما يمكن أن نصفها بها أنها بلهاء وبليدة، إذ كيف يقضى على مشروع أخونة الدولة والمجتمع بمجرد جرجرة مواطنين لاهم في العير ولا هم في النفير.. إن تراخي الداخلية أو ليونتها مهما كان لها من مبرر، كمسألة الزمن السياسي الانتخابي إلخ... غير مفهومة، فتسييد القانون يجب أن يبقى الفيصل في مثل هذه الحالات وإلا سوف يفتح بابا لا يمكن لأحد أن يغلقه بعدئذ.. أما مجابهة المشروع الإخواني والوهابي لن يكون إلا برهان الدولة، الآن وليس غدا، على تعليم تنويري عقلاني لكل أبناء الشعب المغربي ولتحمل كل المثقفين الحقيقيين مسؤولية حمل القنديل الحقيقي: قنديل المعرفة مهما كلف ذلك من تضحيات، والنأي بالنفس عن المهامز والتسلق الاجتماعي غير المستحق والتزلف إلى السلطة عوض أن يكونوا هم سلطة قائمة الأركان، مهيبة الجانب، تنور للحاكم الطريق وللمواطن سبيل الحرية والانعتاق من التخلف بكل تجلياته، لتخرجه من ظلمات الخرافة إلى نور المعرفة الساطع.
خروج الدار البيضاء مغامرة/مقامرة بسذاجة مواطنين جروا كمثل القطعان.. بنكيران ومشروعه السياسي لا يمكن قبره إلا بإعمال العقل السياسي الناضج، وذلك بعودة الأحزاب إلى السياسة عوض الشياشة، بعودة الأحزاب إلى لغة ورؤية فصيحتين يفهمها المواطنون.. اليوم لابد من الفرز بين الغث والسمين، لابد من حماية السيادة الحزبية من أي اختراق، والابتعاد عن منهجية الـأثيث التي ابتليت بها جل الأحزاب المغربية كتوزيع الوجوه السلفية فيما بينها إدماجا و"إخماجا" لا فرق ما بين يساري ولا يميني لبيرالي.. إنه العبث السريالي مما ينفر من الانتماء الجاد للتحزب وبالتالي لإضفاء المعنى على الفعل السياسي.