أكيد أن ملامح قيادات الحركة التقدمية تغيرت بل شاخت، لكن من المؤكد اأضا أن الخصوم السياسيين، سواء كانوا في سدة الحكم أو خارجها يعانون من ازمة تجديد اسباب الكينونة والاستمرارية، التي لم تعد مضمونة بالشرعيات المتلاشية، فمطلب الديموقراطية وإقرار الحقوق الإنسانية يفرض ذاته أمام فشل ثنائية التحول والتكيف، التي تتذرع وراءها أنظمة الحكم الفردي المطلق، مما يستدعي إعادة النظر في جميع التسويات السابقة، بعد تفعيل الإيجابي منها والمهكيل لكل شروط بناء دولة المجتمع والمؤسسات والقانون، هذه الشروط التي تؤطرها إرادة العيش المشترك والدفاع عن السيادة الوطنية، التي تخلت عنها الدول العالمثالثية، عبر بوابة المساعدات الدولية وإملاءات المؤسسات المالية المتعدية الجنسيات، مما يستوجب تحرير السياسات العمومية من أخطبوط اشتراطاتها الحاطة بالكرامة، في العلاقة مع المجالات الحيوية والاجتماعية من التشغيل إلى الصحة ثم التربية والتعليم. وأن شروط البناء الديمقراطي غير ناضجة، لارتباط التحول المعاق بالوعي والتمثل؛ فإنه يجب اعتبار مطلب إصلاح المنظومة التربوية، في جميع تقاطعاتها التشريعية والثفافية والاجتماعية والحقوقية، سواء داخل الاسرة أو المدرسة أو الفضاء العمومي، قضية مجتمعية، لا تدخل فقط ضمن الشأن الحكومي العابر، وإنما ضمن الخيارات الاستراتيجية للوطن كشان سيادي.
من هنا تأتي أهمية العمل على اعتبار هذا الورش الاصلاحي ذو أولوية وطنية، فهو كالقضايا المصيرية المماثلة لا يعقل تفويض تدبير مقتضياته إلى حكومات عابرة غير متحررة من التمثل السلبي لحرية الاعتقاد والتأويل المنحرف للحق في الاختلاف.