هذا نموذج واحد من مئات النماذج الدالة في تاريخ بلادنا ، قبل الإستقلال و بعده ، عن نضال شعبنا و تقديمه آلاف الشهداء و المعتقلين و المنفيين و المقموعين ، لا لشيء إلا لكونهم طالبوا بالحرية و الكرامة ، في ظل نظام ديمقراطي تكون فيه الدولة و مؤسساتها و إداراتها في خدمة الوطن و المواطنين - لأن هذه في الأصل هي وظيفتها - و ليس العكس كما عشنا و لا زلنا نعيش اليوم ، حيث فئات قليلة تحتكر - و لا أقول تتحكم لأن عبارة التحكم أصبحت بدورها تستعمل من طرف بعض المستفيدين من هذه الأوضاع - السلطة و المال ، و تترك للشعب الفتات . اليوم ، و نحن نعيش ما نعيش من بؤس على مستوى الخطاب و الممارسة السياسية ، و من غياب شبه تام للنضال السياسي المرتبط بقضايا شعبنا الجوهرية ، و بمباديء و قيم التضامن و التضحية و المقاومة ، ما أحوجنا إلى قراءة تاريخ شعبنا الكفاحي المليء بالتضحيات و البطولات التي يجب أن تجعلنا نشعر كشعب بالفخر و ليس الذل و الجبن و الإنهزامية كما نلاحظ الآن . لنرفع رأسنا عاليا ، و لنفتخر بكوننا ننتمي إلى هذا الشعب الذي أعطى الالآف من الشهداء ، نساء و رجالا ، و في فترة زمنية قصيرة ، و لنعلم أبناءنا تاريخ كفاح هذا الشعب العظيم ، و الذي لن يتعلموه في مدارسهم ، حتى لا نقضي بصفة نهائية على شعلة الأمل التي ما تزال تنير بالرغم من كل شيء ، بالرغم من التضبيع و التضييع ، بالرغم من الجهل و التخلف ، بالرغم من القمع و التعسف ... أختم بعبارة لها دلالتها وردت في كتاب الصديق الصحفي عبد الرزاق السنوسي معنى " مسارات مائة شخصية فاعلة في تاريخ المغرب " و هي للشهيد عبد اللطيف زروال ( 1951 - 1974 ) أحد قياديي "إلى الأمام " الذي استشهد تحت التعذيب بالمعتقل السري بدرب مولاي الشريف و عمره 23 سنة ، حيث بعث برسالة إلى والده جاء فيها : " أعذرني يا والدي العزيز لقد صنعتني ثوريا و ثائرا ... وضعية بلادي لم تتركني أساعد الوالدين و الأسرة و الإخوة للرفع من مستواهم المعيشي ، صنعتني ثائرا ... " أعذروني ... لكي لا ننسى ...