إن الظروف الداخلية، الإقليمية، والدولية، تقتضي، أن يسارع النظام السياسي المغربي، إلى اتخاذ تدابير، ووضع آليات وميكانيزمات، من أجل إصلاح عطل الماكينة الديمقراطية المغربية(إلى بغاو)، وقد تكون من بين تلك الآليات، مثلا، إجبار الأحزاب على إعلان تحالفاتها قبل الإنتخابات، تفاديا لتصدعها، خلال ولايتها، وتقديم برامجها مكتوبة ومسطرة وقابلة للتنفيذ، لجلالة الملك، للنظر والبث فيها، قبل الانتخابات، ثم عرضها على الشعب المغربي، في حملاتها الإنتخابية، لتكون بمثابة "مخطط خماسي" أو "Contrat Programme"، تتحمل الأحزاب المتحالفة المتوافقة عليه، مسؤولية تنزيل البرنامج على أرض الواقع.. أمام الملك والشعب المغربي، وفي هذه الحالة، سيكون دور الملك، ضمانا ومحددا رئيسيا، لإصلاح عطل هذه الماكينة الديمقراطية المغربية. وذلك حتى لا تروج نظريات سياسية أخرى.. من قبيل أن ليس في السياسة ثوابت أو نهائيات وأن كل شيء قابل للتحول والتسييل وتدوير الزوايا توسلاً لتحصيل الأهداف والطموحات و أن السياسة بلا أخلاق وأن سياسيين كثر قادرون على توسل القذارة وارتكاب الموبقات للوصول إلى ما خططوا له. الوضع السياسي الراهن بالمغرب: - يبدو أن القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية و المتعلق بتخفيض العتبة، ستكون له تداعيات كبرى على المشهد السياسي و سيطيح بقوى سياسية نهائيا أو على الأقل تقزيمها و يعيد الأمور إلى نصابها وتعود بعض قوى الظلام والاستبداد والتحكم إلى حجمها الحقيقي الطبيعي وأقصد هنا حزبي الأصالة و المعاصرة و العدالة و التنمية، وبهذا يكون المغرب قد سار.. عكس الدول الديمقراطية و التي تختار رفع العتبة من أجل أن يعاقب الشعب الحزب الذي لم يلتزم بقراراته كما حدث مع حزب FDP في ألمانيا بعد أن رماه الشعب خارج البرلمان كعقاب. أما في السابع من أكتوبر المقبل... كل المؤشرات تشير إلى أن المرتبة الأولى ستكون من نصيب حزب الأصالة و المعاصرة، أما حزب العدالة و التنمية فـ سيحصل على المرتبة الثانية، وهو الشيء الذي قد يسبب أزمة سياسية في المغرب، حيث سيحصلان على عدد متقارب من المقاعد، بعد ذلك سيتدخل الملك لحل الأزمة السياسية.. و سيشكل العماري حكومته الجديدة مع البيجيدي. و بهذا سيكون المغرب قد سار مرة أخرى على مقولة تاريخية تقول بأن السياسة هي فن الممكن.. هذه النظرية التي تمت صياغتها على قاعدة أن السياسي لا يمكن أن يتجاوز الوقائع القائمة وبالتالي عليه أن يحصّل ما أمكن الحصول عليه وخسارة ما يمكن خسارته. أما بالنسبة للمواطن الذي ملَّ من اسطوانة التحالفات التوافقية وماكياج الديمقراطية المزيفة، فإن الربح والخسارة يقاسان بمقدار استفادته من العمل السياسي والتنافس حول الافضل بغض النظر عن وصول هذا وذاك، وهذا يفترض بان يكون الصراع بين الاحزاب صراعا حول برامج مختلفة وقابلة للتنفيذ ومتفاضلة في القيمة والفائدة، اما ان يكون العمل الحزبي غير هادف ولا مفيد ولا يعدو ان يكون تلاعبا بالشعارات وترويج الوهم فسواء وصل هذا او ذاك فنفس الشيء. لكن عليكم أيها المغاربة أن تعلموا أنه ما لم تنخرط الاغلبية الصامتة في اللعبة السياسية فلن تكون هناك احزاب قوية تجسد ارادة معظم المغاربة..اما الاحزاب الحالية فهي احزاب تقليدية مازالت تعمل بالطريقة العتيقة، وأغلبيتها انفض الناس من حولها ولم تعد قادرة على تلبية تطلعات الشباب المغربي ولا على اي انجازات استراتيجية مهمة تهم البلد.. لن يقنعنا بنكيران أو العماري هذه المرة ولن يضحكوا على ذقوننا.. فقد انكشفت لعبة البام وانكشف القناع الديني للبيجيدي... و نحن في حاجة لأطر حزببة طموحة مخلصة وديمقراطية.. اما هذه الديناصورات و العفاريت و التماسيح... وبرامجها وكلامها الفارغ... فـ الى مزبلة التاريخ.