وجه موقع "أنفاس بريس" أسئلة إلى الفاعل السياسي والنقابي الأستاذ محمد الصديقي بخصوص فضيحة كوبل "البحر فجرا" فاطمة النجار وعمر بن حماد ، القياديان البارزان في حركة التوحيد والإصلاح والتي ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي، وأصابت حزب العدالة والتنمية بالخرس، والتمسنا من ذات الأستاذ تقديم قراءة لتداعيات الفضيحة على الحزب وعلى ذراعه الدعوي: حركة التوحيد والإصلاح، فكان جوابه هو:
"لنتفق أولا أن القضية ذات بعدين ، بعد حقوقي وبعد سياسي، فالأول يفضي بنا إلى الحديث عن حق إنساني خاص، لا يمكن لأي كان التدخل فيه إلا الشخصين فقط، وينبغي تأطيره ضمن مجال الحريات الفردية، ومن هذا الباب ينبغي أن نحاجج جميع الأطراف بمرجعيتنا الحقوقية القائمة على احترام الحريات الفردية لا سيما أنه فعْلٌ يمكن أن يصدر عن أي كان، ومن هنا ينبغي تقنينه قانونيا بما يراعي الحفاظ على حقوق الناس وحرياتهم، ويحافظ على أعراضهم ويضمن تماسك أسرهم، وبالتالي فإن المحاججة بالإيديولوجية الإسلاموية لا يمكن إلا أن يسقطنا في التناقض مع مبادئ حقوق الإنسان التي ندعي تبنيها وندعو إلى تطبيقها، وسنمارس من حيث ندري أو لا ندري جلدا للذات، ومازوشية مرضية بتأويل سلوك يعد مرفوضا من وجهة نظر مرتكبيه وليس من وجهة نظر المنتقِد.
أما الثاني فهو بعد سياسي، وهنا بالضبط يحق لكل المواطنين أن يكشفوا ويفضحوا منطق ازدواجية الخطاب والنفاق الذي ينهجه أصحاب هذا التوجه، وبيان أن الخلاف بيننا وبينهم ليس دينيا بل هو أيديولوجي وسياسي، كما ينبغي الإقرار أن الخلفية المحركة لهؤلاء ليست إسلامية، بل هي مصلحية وحزبية محضة.
فالخطاب لا تعكسه الممارسة، وهذا المنطق لا يظهر فقط في ما سمي "بالفضيحة الأخلاقية" ولكن يظهر بوصفه نهجا يؤسس للرؤية التدبيرية والسياسية للحزب وللحركة معا؛ وتبدى ذلك لدى الحركة من خلال تبريرها للفعل المرتكب من العشيقين ببحث تخريجات / فتاوى تبرئ أو تقترب من تبرئة الشخصين المعنيين، في إطار ما عبر عنه بعض المتتبعين بشعار "انصر أخاك ناكحا أو منكوحا"، وتبدى سياسيا من خلال كل الوعود التي قدمها الحزب بمفرده خلال الحملة الانتخابية ولاسيما محاربة الفساد والاستبداد والرفع من نسبة النمو الاقتصادي والتشغيل... أو من خلال البرنامج الذي تم تقديمه مباشرة بعد تقلد كراسي الحكومة أمام البرلمان والذي لم يتحقق منه غير ترسيخ الاستبداد وتوسيع دائرة الفساد... وبالتالي فإن مناقشة القضية/الفضيحة يجب أن يتم في إطار عام هو ازدواجية الخطاب وتناقضه مع الممارسة كنهج أيديولوجي (التقية) يتبناه الحزب وجناحه الدعوي.
ولعل صمت الحزب عن هذه الواقعة فيه سعي لإيهامنا بالفاصل القائم بين الحركة والحزب، وكأن الحزب غير معني بالحركة وأعضائها، كما هي سعي لتجنيب الحزب الدخول في السجال الفقهي والمواجهة القيمية مع الشعب في قضية تعتبر لدى غالبية الشعب محسومة أخلاقيا وقانونيا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلا أعتقد أن الحزب له الجرأة أن يواجه الدولة وبدون إذن منها في قضية تمسك الدولة نفسها بخيوطها، وإلا فإذا كان الحزب قد حافظ على جزء من استقلاليته فلماذا لم يقم بذلك بدافع مرجعيته "الإسلامية" و "الأخلاقية" بالوقوف ضد مهرجان موازين، وتداول الخمور في البلاد، ومنع السياحة الجنسية، والأبناك الربوية، ومنع إشهار الميسر على صفحات الجرائد التي أقام بسببها الدنيا ولم يقعدها أحد برلمانييه خلال فترة معارضته في إحدى جلسات البرلمان عندما أحضر جريدة الاتحاد الاشتراكي آنذاك وبها صفحة إشهار لمسابقة يانصيب (اللوطو)...؟؟؟
لقد عالج الحزب بصمته والحركة بتبريرها هذه القضية بنوع من التقية والانتهازية، كمن برر الحرام بالمكروه، واسمحوا لي أن أسوق قصة يمكن قياسها على موقفهما السالفين: فقد حكى ابن قتيبة الدينوري في "عيون الأخبار" أن رجلا جاء يستفتي شيخا في نازلة فقال: يا شيخ لقد أتيتُ فاحشة الزنا بامرأة وحملتْ مني، فأجابه الشيح: ويحك، لماذا لم تعزل عنها حتى لا تضيف إثم الزنا على إثم الحمل، فقال الزاني: بلغني أن العزل مكروه، فرد الشيخ: بلغك أن العزل مكروه ولم يبلغك أن الزنا حرام."