لا تختلف خطابات وتصرفات "البيجيديين" اليوم، وهم يتهيأون للإستحقاق التشريعي القادم، عن خطابات وتصرفات باقي الأصوليين في العالم العربي الإسلامي، خاصة بالمقارنة مع تجربة الإخوان المسلمين في مصر في السنوات الأخيرة. ويقوم الجذع المشترك هنا وهناك على ثلاثة أركان:
1 - ادعاؤهم بأنهم يمارسون السياسة على الأرض بانتداب من الله عز وجل، ولذلك يردد عبد الإلاه بنكيران دائما بما يفيد "أن الله هو الذي اختارنا، وهو الذي يقرر إن كنا نواصل أم ننصرف".
2 - تبني مبدإ المظلومية الذي يؤكدون من خلاله أنهم المعذبون وحدهم في الأرض، والمتآمر عليهم من طرف الجميع، وأنهم حتى وإن تولوا المسؤولية الحكومية لمدة خمس سنوات، فإنهم كانوا محاصرين بآلية التحكم، وبالعفاريت والتماسيح والدولة العميقة.... الأمر الذي يحول دون نجاح كل برنامجهم الإنتخابي الذي أعدوه لـ"تخليص المسلمين". هذه المظلومية هي التي ستجعلهم في الحملة الإنتخابية القادمة سيتصرفون كما لو لم يكونوا هم المسؤولون عن العمل الحكومي خلال السنوات الخمس الأخيرة.
3 - أما الركن الثالث فهو المزاوجة في السلوك والخطاب بين الترغيب والترهيب حين يقولون أن مغرب ما بعد 7 أكتوبر هو مغرب الإستقرار أو مغرب الخراب، بمعنى أتركونا نحكم أو الخروج إلى الشارع، أو بمعنى مغربي أدق "خليونا نلعبو، ولا ما كاينة كرة، ما كاين ماتش". وفي هذا السياق نستحضر النشاط المكثف لكتائبهم الإعلامية، والتصريحات الإرهابية الملوحة بقطع أعناق الخصوم والمعارضين...
هذا بالضبط ما يعيد إلى الأذهان تجربة إخوان مصر الذين تقدموا إلى انتخابات 2012 إثر سقوط حكم حسني مبارك بنفس ثوابت الخطاب والتصرفات. وعشية الاقتراع، وفيما كان الشعب المصري ينتظر النتائج بادروا، هم أنفسهم، لإعلان تصدرهم النتائج قبل أن يصدر بيان لجنة الإنتخابات. وحين انتفض عليهم الشارع، بعد سنة من الحكم الفاشل لمحمد مرسي، برزت كل التهديدات المادية والرمزية، من الإعتصام المسلح بساحتي رابعة والنهضة، إلى التواطؤ مع الخلايا الإرهابية في سيناء لإحراق مصر... إلى آخر المسلسل الذي أبطله المصريون.
لأجل ذلك من حق الديموقراطيين وكل المعنيين بتطورات الحقل السياسي المغربي أن ينشغلوا بيوم سابع أكتوبر، وألا يطمئنوا لسلوك البيجيديين"، ولا لتصرفاتهم لأن عمقهم اللاديموقراطي يجعلهم لا يقبلون الديموقراطية إلا حين تكون إلى صالحهم، وإلا فهم مستعدون لإحراق الصناديق، وللإنقلاب على الديموقراطية. ولأجل ذلك فالحذر مطلوب من الدولة والمجتمع، ومن كل الديموقراطيين لقطع الطريق على كل المناورات التي تريد أن تفرض علينا "الأمر الواقع الإخواني"، حتى يكون السابع من أكتوبر فصلا جديدا في توطيد بنائنا الديموقراطي، لا كابوسا دمويا كما يتصور ذلك الإخوان وغيرهم من الأصوليين.