يذكر الرفاق الماركسيون صخب النقاش الذي كان محتدا خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حول جدل مبدأي التناقضين الرئيسي والثانوي، ومدى مستلزمات أسبقية الواحد على الآخر في تقييم الصراع مع الخصوم الطبقيين على الصعيد الوطني والأممي. يفيدنا هذا الاسترجاع اليوم على هامش الخرجات الإعلامية للرفيقة نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد التي يبدو أنها تخصصت في شحذ سهامها نحو أسماء محدودة من تلك التي تعتلي المشهد السياسي في أفق الانتخابات التشريعية القادمة، وضمنها إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، وإلياس العماري أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، متهمة إياهما بأسفل الاتهامات، من "بيع الماتش" والارتماء في أحضان المخزن إلى الأمية والجهل والتحكم...
هذا الأمر يجعلنا نتساءل مع المناضلة اليسارية حول ما إذا كانت فعلا قد أخطأت العنوان، وأخطأت العدو بالتالي؟ وحول ما إذا لم تهضم جدل الرئيسي والثانوي، أو لنقل بلغة اليوم: جدل الاستراتيجي والظرفي؟
إننا إذ نطرح هذا السؤال فلأننا نعي أن المرحلة السياسية المغربية الراهنة تشهد هجمة أصولية غير مسبوقة يقودها الحزب الحاكم الذي لا يهدد فقط البناء الديموقراطي، لكنه يهدد كيان الدولة برمته، ومن ثم فإذا كان من خصم للبلاد وللديموقراطية ولليسار، فلا يمكن أن يكون موضوعيا في هذه المرحلة ماقبل الانتخابات، هو لشكر أو العماري أو شباط أو غيرهم، مهما كان تقديرنا لمكتسباتهم أو لأخطائهم المرحلية والتاريخية. ولكنه حزب العدالة والتنمية الأصولي. إذ يرى مراقبون أن سلوك الرفيقة نبيلة أنها، وبدون أن تستحضر درس التاريخ والجغرافيا وحساب الاستراتيجية والتكتيك، لا يخدم بسلوكها الحالي سوى أفق بنكيران الظلامي.
لنعد إلى الأساسي والثانوي، ولنجدد التأكيد على أن كثيرا من الانتقادات الموجهة لإدريس لشكر حول تقاعسه من عدم تقاعسه في تدبير قوة اليسار، ولنتفق أو نختلف مع آلية التحكم التي يمثلها أو لا يمثلها حزب "البام". لكن ما ينبغي التأكيد عليه، بمنطق الأساسي في الصراع، هو أولوية وأساسية المعركة مع "البيجيدي" الذي يبشرنا بيوم النفير، الذي هو السابع من أكتوبر 2016، مسلحا بفلول الجهاديين التكفيريين، وبكل الأصوليين من مختلف المرجعيات، أما الصراع الثانوي فيقتضي أن نستهدي بالمعلمين التاريخيين لحركات اليسار في العالم ليتم تأجيل الصراع الثانوي حتى النصر على الأعداء الطبقيين، الفكريين والماديين. فهل يتحد أهل اليسار في هذه المرحلة الشرسة التي تشهد اندحار اليسار؟.