أظن ان تسمية مرافق عمومية وشوارع ومعلمات بأسماء مقاومين وأعضاء جيش التحرير ومناضلين ووطنيين هو التفاتة من المجتمع والشعب أو الوطن في حق كل من أسدى خدمة للوطن والمواطنين، والحديث هنا بصيغة الجمع والنوع أيضا، وينبغي أن ندرج الاحتفاء ضمن واجب رد الاعتبار والاعتراف بالتضحية والعطاء فداء والتزاما بقيم المقاومة والكفاح والتحرير، ونحن في المنتدى المغربي للحقيقة والانصاف نؤكد على ضرورة تأطير هذه التمرينات والتوشيحات ضمن إطارها الصحيح وسياقاتها الحقوقية كوسيلة لجبر الضرر وحفظ الذاكرة والاعتذار، وفق ما جاءت به توصيات هياة الانصاف والمصالحة، فكل المغاربة يستحقون التكريم ولكن ما دامت المناسبة شرط؛ فإن اسم عبد الرحمان اليوسفي يختزل كل الإشارات التي تطلقها الدولة، فهو رجل دولة، مهندس دولة في التحرير والديموقراطية وانقاذ البلاد ، ولا يمكن تجاهل لمسات إجراءاته القانونية والحقوقية التي يسرت مناخ ومخاض الحقيقة والانصاف وسلاسة الانتقال، لسنا بصدد التمييز ولكن نحن بصدد التذكير على انه لا تماثل بين البشر.
حقا إن الدولة تختار كل سنة وحسب المناسبة والسياق الوطني شخصية أو شخصيات معينة لتمرير رسائل إلي من يهمهم الأمر، ونحن ما يهمنا كمنشغلين بالرأي العام الوطني وتدبير الشأن العمومي لا يسعنا إلا نعتبر أنه لكل تكريم وقعه الإنساني ينبغي استثماره في اتجاه تكريس ثقافة الاعتراف ليس إلا. فهل من خلف يستثمر هذا النفس الذي يمر كالومض من أجل ان تمطر الغيمة المنشودة.
من هنا علينا أن نعالج الأمور بنسبية شديدة في المكان والزمان، ضمن تحليل جدلي يقدر التحولات والتململات، ولا داعي للانفعال والافتعال، فالمطلوب هو التفاعل ايجابيا مع كل جذوة ممكنة وتوسيع دائرة الضوء، لا شيء تغير صحيح، لكن لا شيء سيتغير بنفس الأدوات.
ثم إن تحوير الخلفية النبيلة المفترضة من أي تكريم يصب في الفخ الذي قد ينصبه من له مصلحة في تفسير كل شيء بنظرية المؤامرة، فعوض أن ننغمس في نقاش مغلوط يجرنا إلى حرب كلامية / سجالية مغلوطة، علينا أن نجعل من المحطة فرصة فرصة لرد الاعتبار للحوار والنقد الذاتي من أجل التقييم في أفق التقويم. وحتى نكون منصفين مع أنفسنا ومع الغير لابد أن نعترف لبعضنا البعض بكل منجز مفيد للقضية المشتركة وللوطن، وليس بالضرورة أن نجلد ذواتنا من خلال النق وتبخيس تضحيات بعضنا، فالثمن واضح وكل واحد منا أدى نصيبه التاريخي الواجب، ولكن مهما كانت النتيجة فالمسؤولية تضامنية ، وإذا كان لابد من إقرار بما جرى في شارع عبد الرحمان اليوسفي بمدينة طنجة هو أن الملك ساهم في إطلاق النقاش حول ذاكرتنا الجماعية الوطنية، وفي ذلك الاعتراف كل الفضيلة، وليبقي التأويل شأن المؤخرين بعد عام وجيل وحقيقة، فمهما كانت الوسائل ومهما كانت المحاكمات فإن التاريخ بجانب الشرفاء.