لا أحد، كان رجلا أو امرأة من درجة مواطن يتحفظ على أن يعيش بين أحضان المدينة الفاضلة التي لا يأتيها الشر من أي صوب. لكن وبما أن الأمر غاية لا تدرك كان لابد من التسليم بضرورة انتظار المأمول وغير المرغوب حتى أن الإجماع تم من قبل فلاسفة العالم على قاعدة عدمية معنى الحياة دون ثنائية المتناقضات. ومن ثمة، الاعتراف بأنه وكما يوجد أخيار هناك أشرار يكيدون إن في العلن أو الخفاء، ولا يتركون فرصة إلا وأبانوا عن خبث نواياهم وكأنها رسالة يتحملون مسؤولية تأديتها كل حسب قدرة استطاعته.
غير أنه إذا كان من المستساغ تقبل افتراض مجيء تلك المناورات من طرف الأغيار الأجانب، فإن الموضوع يصير عكس ذلك تمام حين مصدر العداء داخلي ونابع من أبناء الوطن الذي تربوا على أرضه ويحيون بتنفس هوائه. للأسف، ذلك ما يستشف من خلال الحملة الأخيرة التي عنونت بـ"زيرو كريساج"، بعد أن ظهر جليا كونها تبطن مساعي غير بريئة وتحبل بأهداف منقطعة الصلة عما تدعيه ظاهريا. ولعل أقوى ما يثبت ذلك الخلاصات التي توصلت إليها تحريات مصالح الأمن الوطني بشأن بعض الأشرطة سواء المفبركة أو الموثقة بتواريخ مضى عليها شهور وأحيانا سنين. فنشرت تجنيا على أساس أنها تخص المغرب وفي الآونة الأخيرة.
وبعيدا عما تفضي إليه مثل هذه الادعاءات المزيفة من ضرب صريح للنشاط السياحي، وتعطيل موجع لعجلة الاستثمار، فضلا عن تقديم أفضل هدية لأعداء البلد لتبني دعاية سلبية له. فإنها ترخي موجة من الترهيب وعدم الاطمئنان النفسي على المواطن بشكل عام، وتسكنه ترويعا كلما أجبرته الضرورة على ممارسة حقه في حرية التنقل، مع ما لذلك من تداعيات.
وفي هذا الصدد قال محمد أكضيض، عميد أمن ممتاز سابق وخبير في القضايا الأمنية، بأن كل ما يشاع من أكاذيب مغرضة كان عن سابق إصرار، ويظهر بأن الغرض منها هو الإحساس بانعدام الأمن. وثانيا زرع الشك لدى الأسر المغربية سواء القاطنة بالبلد أو جاليتنا في الخارج أو السياح الاجانب الذين يتقون في أمن واستقرار الوطن وشعبه.
وخاطب محمد أكضيض كل الشباب الغيور على مسقط رأسه، وخاصة "الفايسبوكيون" قائلا بأن للإشاعة اليوم دورها القوي في رسم صور الفرد والجماعة والدولة نفسها. ملفتنا إلى أنه يجب العلم بأن حساد المغرب كثر ممن لا يريدون له خيرا، وعليه يلزم مواجهتهم بالثقة في مؤسستنا الوطنية الأمنية ورجالها الذين يوفرون الأمان والأمن للمغاربة كافة إن في سكناتهم أو تحركاتهم، بكل المناطق وعلى مدار أيام السنة.