"نعم، سيدي أعزك الله..
إن القطار الجهوي السريع RER الرابط بين المحمدية ومطار محمد الخامس عبر الدار البيضاء سيلعب دورا كبيرا في تخفيف أزمة التنقل بالعاصمة الاقتصادية. فبعد أن يغادر القطار الجهوي السريع محطة الميناء البيضاء سيعبر وسط المدينة عبر نفق، مرورا بزنقة هوفويت بوانيي، وزنقة الجزائر ثم شارع إبراهيم الروداني فشارع يعقوب المنصور ثم القطب الحضري أنفا فمدرسة الحسنية، وصولا إلى محطة الكليات، قبل أن يكمل المسار نحو مطار محمد الخامس عبر سيدي معروف وبوسكورة.
وبحلول عام 2013 سيركب أول مواطن عربة القطار الجهوي السريع بعد أن تنتهي أشغال بناء محطات الوقوف في الأماكن التالية: ساحة فيردان وأمام مقر التجاري وفابنك وتقاطع شارع الزرقطوني مع الروداني وتقاطع شارع يعقوب المنصور مع بئر انزران وفي زنقة سقراط ومدار والماس (شارع غاندي) وقرب أسيما (بجوار قطب أنفا) وبمحطة الكليات".
هذا ما التزمت به السلطات العمومية أمام الملك محمد السادس لدى استقباله لعمدة الدار البيضاء محمد ساجد والوالي محمد القباج يوم 21 أكتوبر2008، لدى تقديم المخطط المديري للتهيئة الحضرية. وهو المخطط الذي التزمت فيه السلطات بإنجاز المشاريع الكبرى المهيكلة للدار البيضاء بين 2008 و2013 بغلاف مالي قدره 30 مليار درهم، منها 11 مليار درهم للخط الجهوي السريع والباقي موزعة على الخط الأول للترامواي وقناة بوسكورة لمحاربة الفيضان ومحطة المعالجة بسيدي البرنوصي والملعب الكبير وبنيات تحتية أخرى.
لكن ها نحن في مارس 2018، دون أن تنجز السلطات ما التزمت به، ولم نر لا قطارا جهويا سريعا ولا هم يحزنون، علما بأن الدار البيضاء عرفت بين 2008 و2018 انتفاخا ديمغرافيا وعمرانيا، وتمططت بحوالي 5000 هكتار، مع ما يصاحب ذلك من تعذيب يومي للمواطنين في التنقل. الحاجة الوحيدة «للي تبدلات» تتجلى في أن العمدة ساجد «ترقى» وأصبح وزيرا في حكومة العثماني!.
في حمأة هذه الفضيحة التي تورطت فيها الحكومة والمكتب الوطني للسكك الحديدية وبلدية الدار البيضاء وولاية العاصمة الاقتصادية أمام ملك البلاد، يقوم رئيس جهة الرباط عبد الصمد السكال بخطوة لا يمكن أن تصنف إلا في خانة «الضحك على الذقون».
ففي لقاء رسمي مخطط للتغطية على فشل مشروع مدينة «تامسنا»، أخذ عبد الصمد السكال الكلمة يوم الجمعة 16 مارس 2018، وخاطب الرأي العام بلغة تحتقر ذكاء الحاضرين قائلا، إن الخط الجهوي السريع RER بين الرباط ومدينة تامسنا (عبر تمارة) لم يعد «حلما»، بل هو «حقيقة» ستتجسد على الأرض «فور أن ننهي الدراسات»!
إن رئيس جهة الرباط الذي أخلف الموعد مع تامسنا حتى في تلبية الحاجيات الدنيا الموكول إنجازها إلى مؤسسته، لم يجد من سبيل للتغطية على تقاعس الجهة في إنجاز واجباتها تجاه تامسنا سوى أن «يمسح السما بليكَا» وينوم الرأي العام بقرب «إنجاز» الخط الجهوي السريع، وهو الرئيس الذي لم يمدد حتى كيلومتر واحد من الزفت لفك العزلة عن تامسنا، فأحرى تمتيعها بأحد أهم الأوراش المهيكلة.
إن أحد أعطاب تدبير الشأن العام ببلادنا هو إسهال المسؤولين (سواء في الحكومة أو بالجهات أو بالجماعات أو بالولايات أو بالمكاتب العمومية) في الكذب وإطلاق الوعود دون الوفاء بالتزاماتهم.
لكن أنى لهم الوفاء بما التزموا به، وهم يعرفون أننا في بلد لا يحاسب ولا يراقب المسؤولين عما التزموا به!
وفي انتظار أن نتوفر على سلالة صافية من السياسيين والمدبرين «كد فمهم كد دراعهم»، لا نملك إلا أن نقول: «الله ينعل للي ما يحشم ويرمّش»!