الأمير هشام العلوي.. الثوري المزعوم
كان الأمير هشام أحد كبار موقعي وثيقة البيعة غداة وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. لقد بدا في الصورة إلى جانب نعش عمه الراحل، وإلى جانب الملك الجديد في تلك المراسيم التي اتبعها المغاربة، وهو حزين على صفحة طويت، ومترقب لما سيأتي من الأيام. كانت الصورة تبعث على الأمل الكبير في استمرار وحدة الأسرة العلوية المعززة بإجماع الشعب ونخبه السياسية والعلمية والفكرية والاقتصادية..
لكن لم يمر وقت طويل حتى غير الأمير بوصلته بادعاءات مختلفة سرب بعضها إلى الصحف الدولية، وتقوم على إعلانه اختلاف وجهة نظره مع ابن عمه حول مشروع الحكم القادم؟! وصار يتنقل عبر محور الولايات المتحدة وفرنسا، محاضرا حول التغيير الجذري المرتقب في المغرب، وحول وجوب «دمقرطة» المجتمع والدولة، ومستشارا دوليافي بعض نزاعات العالم.
ثم صار يعمق طروحاته تلك بالحديث مرة عن ضرورة قيام مجلس البيعة في المغرب كما في بلدان الخليج ليخلق موطئ قدم له. وحين قامت حركة 20 فبراير بشر بـ«الثورة» من جديد، ورأى أن الوقت قد حان لتفجيرها على يد الشباب. ولتحقيق ذلك سعى إلى أن يؤلف من حوله مجموعة من الكتبة والجامعيين، يدعوهم إلى محاضرات في جامعة «برينستون» أو في منتديات غرناطة، أو غيرها. كما ربط الجسور مع بعض الإعلاميين الذين صار يتوسط لهم بـ «عمولات» لحل مشاكل مقاولاتهم، أو لتسيير سبل عيشهم اليومي لهم ولأسرهم.
لكن الذين يتتبعون سيرة الأمير لابد أن يقفوا عند التناقضات الصارخة في هذه السيرة، تناقضات سبق أن عبرنا عنها في سياق مشابه باعتبارها «مفارقات الشيء وضده». إنه مع الحداثة وضدها حين يروج للنموذج الخليجي الغارق في التقليدانية، وهو مع دمقرطة الدولة والمجتمع وضدها حين يحتفظ بالثروة الريعية التي تملكها، ويصرفها بتبني منهج الريع ذاته حين يوزع جزءا منه كإكراميات على حوارييه، وهو مع استمرار الملكية دون أن يحرجه التشويش على طموحاته الجدية في التناغم مع نبض الشارع، أو يزعجه أن يتناغم نشاطه مع مشاريع الخارج المهددة لتماسكنا الوطني، ولذلك يطرح الجميع السؤال: ماذا يريد الأمير هشام، ثورة أم إصلاحا أم الحكم، أم أن الأمر مجرد تعبير عن صيغ جديدة للابتزاز، طمعا في تنمية ثرواته الشخصية، وفي إرضاء نزواته اللامحدودة في اكتساب مساحات سلطوية لا حدود لها. ولذلك أيضا يطرح سؤال آخر: لماذا لا يعطي هذا «الثوري» النموذج من ذاته فيقوم بتسخير ما رزقه الإرث الملكي في خدمة مشاريع حقيقية لفائدة مقهوري هذا البلد.
«الثورة» المزعومة قد تبدأ من هنا.
رضى بنشمسي.. الصحافي «الباير»
من أكبر الظواهر الإعلامية التي رافقت عملية «تحرير» الصحافة المكتوبة من هيمنة الصحافة الحزبية بروز نوع من الصحافيين الذين اقتحموا مهنة المتاعب، قادمين إليها، لا من مخاض التحولات السياسية والاجتماعية التي طبعت مغرب الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، ولا من سلالات الصحافيين الذين أسسوا الصحافة المغربية بخليط مر من الاعتقال والمتابعات والاحتجازات، ولكنها قادمة أساسا من مجرات «برانية»، فرانكفونية في الغالب، ومن فكر الاستثمار المقاولاتي القائم على ما يقتضيه ذلك من صفقات وعمليات بيع وشراء في كل شيء. وهذا ما يعني أنهم دخلوا المجال مثلما يدخل المستثمرون «رحبة» السوق.
ولأن قطاعا من مسؤولي الدولة كان يبحث عن منافذ للتشويش على صحافة الأحزاب، وأساسا للتشوش على تجربة التناوب التي قادها عبد الرحمان اليوسفي، فقد جعل تلك المقاولات تستفيد بسخاء من الريع، الأمر الذي كان يجعل بعض الصحف «المستقلة» تظهر بعناوين متشابهة كما لو أملاها رئيس تحرير واحد. الصحافة المعنية في هذا السياق أعلنت خطا تحريريا واحدا: الإجهاز على مشروع التناوب، وتبخيس العمل السياسي والحزبي النبيل مقابل إدعاء الانفتاح على المجتمع والعلمانية المفترى عليها، بما فيه مناصرة خط مناهضة الوحدة الترابية ودعم الانفصال، وتضخيم حالات الشذوذ بدءا من المثليين وآكلي رمضان، وتأليه الغرب...
وحين وجدت هذه الصحافة أن الطريق عبدت لها لتكتسح سوق القراء بـ«الدوباج» تضخمت أناها لتمارس الابتزاز على «مموليها» و«رعاتها» الأولين. في هذا الإطار انقلب السحر على الساحر، فرأينا ذلك الصنف يصطدم مع خيارات الدولة المركزية، ويفتح له قنوات الخارج، طمعا في ريع دولي آخر.
رضى بنشمسي أبرز هؤلاء الذين قدم إلى المهنة من المجهول. ثم أصبح بقدرة قادر مسؤول التحرير عن «تيل كيل» الفرنسية وطبعتها العربية «نيشان»، ثم محللا للشؤون الدولية. وحين بارت سلعته اختار في الأخير أن يصير اليوم مسؤول التواصل بمنظمة «هيومن راتش ووتش». وإذن، عاد الماء إلى مجراه الطبيعي.
كريم التازي.. الملياردير «البزناس»
يعتبر كريم التازي من رجال الأعمال الذين راكموا الثروات في زمن سنوات الرصاص، أي في الحقبة التي كانت فيها قطاعات واسعة من المغاربة تحترق من أجل أن تتحقق للمغرب اللحظة السياسية الراهنة حيث الفضاء أكثر انفتاحا وأوسع مساحة للكرامة والحريات. ولأن كل شيء في نظر الرجل يخضع لقيم السوق، ولمنطق الاستثمار والبيع والشراء فقد ارتأى أن يتحول من الملياردير «البزناس» إلى «الثائر»، ولم لا مادامت «المعارضة» في الوقت الحاضر صارت طريقا سهلا لبناء الشهرة وللانخراط في صف «الديموقراطيين الجدد»، ولإطلاق التصريحات في المنابر الإعلامية الدولية بعد أن كانت للمعارضة، في زمن سابق، طريق واحد هي السجن، أو الإعدام أو المنفى.
فهل كان تحول كريم تعبيرا عن وعيه بضرورة «الانتحار الطبقي» نكاية في البرجوازية الرثة والإقطاع و«الكومبرادور»؟ أم أن الأمر مجرد عمل بهلواني انتهازي رخيص؟
كل الحيثيات تفيد صواب الافتراض الثاني بدليل أنه ما انطلقت حركة 20 فبراير تفاعلا مع ما سمي «الربيع العربي» حتى قرر أن يخرج إلى التظاهر في الشارع؟ وما أن انطلق الاستحقاق التشريعي لسنة 2011 حتى صرح بدعمه للأصوليين. ثم سرعان ما «قلب» عليهم بحثا عن مشاجب أخرى. البهلوان وحده من يقدر أن يتحول من 20 فبراير إلى العدالة والتنمية، ثم إلى المجهول حيث يكتفي اليوم بإلقاء محاضرات حول «الديمقراطية في المغرب»؟ !، وبالإدلاء بتصريحات للإعلام الدولي «المخدوم» كما تم ذلك في برنامج القناة الثالثة الأخير.
يقول عنه الذين يعرفونه جيدا «حبذا لو بدأ كريم التازي «الثورة» من شركاته ليقتسم مع عماله وموظفيه الثروات المتحصل عليها منذ عقود، أو على الأقل ليصرف لهم حقوقهم المستحقة، وضمنها حقهم في التنظيم النقابي.
أميناتو حيدر.. سفيرة «النوايا الخبيثة»
في سنة 1999 تقدمت أميناتو حيدر إلى هيئة الإنصاف والمصالحة بالرباط بغرض طلب التعويض وجبر الضرر عن سنوات الرصاص، وككل المغاربة ضحايا ماضي الانتهاكانت الأليمة حصلت أميناتو على تعويض يبلغ 48 مليون سنتيم.
إضافة إلى ذلك ظلت دائما تتمتع بوظيفة داخل الإدارة المغربية تتقاضى عنها راتبا شهريا. ومع ذلك اختارت أن تكون ممثلة البوليساريو من داخل رحم الوطن. ومع ذلك أيضا منحها المغرب الهامش المطلوب حتى يقطع الطريق على خصومنا ويمنع عنهم الذارئع من أجل تضخيم ملفات الإجهاز المزعوم حقوق الإنسان، وإقبار الحق في التعبير داخل الأقاليم الصحراوية. بهذا المنطق الخياني صارت أميناتو سفيرة هذا الحق المزعوم.
في سنة 2009 سلمت سلطات المطار بطاقة تشير في خانة العنوان إلى أن وطنها هو «الصحراء الغربية»، الأمر الذي لم تستسغه السلطات المعنية فقامت بطردها إلى إسبانيا. وهناك دخلت في إضراب عن الطعام ضخمه الإعلام الأجنبي.
أميناتو التي تنصب نفسها ناطقة باسم «شعب محتل» لم نسمع عنها في يوم من الأيام تنديدها بالأوضاع اللاإنسانية التي يعيشها الصحراويون المحتجزون في منطقة تندوف؟
لم نسمع عنها في يوم من الأيام إدانتها لواقع حقوق الإنسان المهضومة هناك؟
لم نسمع عنها في أي يوم من الأيام مناهضتها للاستبداد السياسي، ولتغييب الديموقراطية في «المناطق المحررة»، أو تنديدها بتنامي مظاهر الارتشاء والفساد، وضمنها التلاعب في المساعدات الدولية لللاجئين من طرف مافيات الجزائر والبوليساريو. لسان أميناتو يصير مقطوعا كلما تعلق الأمر بأوضاع حقوق الإنسان هناك..
زكريا المومني.. بطلٌ في «النصب» و«الاحتيال»
لن ينسى المغاربة الاستعراض الفج الذي بدا خلاله زكريا المومني، وهو يمزق جواز سفره المغربي على شاشة القناة الفرنسية، بعد أن كان قد أعلن من قبل عن تخليه عن الجنسية المغربية. سلوك غير مسبوق في تاريخ المغرب المعاصر، ولم يقم به أي من الذين اكتووا حقيقة بسنوات الرصاص، وحوكموا بالمنافي والإعدام. لسبب بسيط أنهم كانوا يميزون بين العداء الممكن للنظام، ومعنى استحالة العداء مع الوطن.
أما الذي مزق الجواز فدافعه كما صرح بذلك شخصيا هو «الاحتجاج على المخزن»، وادعاؤه تعرضه للتعذيب والظلم، وهو ما التقطته رادارات خصوم المغرب ليجعلوا منه «معارضا» للمغرب الحديث. والحقيقة أن لا علاقة للملاكم زكريا بشيء اسمه تفاصيل السياسة. لقد كان الرجل مقترف عمليات نصب واحتيال قادته إلى حكم الإدانة بثلاث سنوات، وتحولت في مرحلة الاستئناف إلى 20 شهرا، قضى منها خمسة وأربعين يوما ليستعيد حريته بعدها إثر عفو ملكي وكانت أقصى أمانيه بعد ذلك الاستفادة من ريع ما لم يتحقق له ببساطة.
إن الذين يعرفون جيدا سيرة زكريا المومني يؤكدون بأنها مبنية أصلا على النصب، بدءا من ادعاء حصوله على بطولة العالم في رياضة الفول كونتاكت، وهو الأمر الذي كذبه بلاغ سابق للجامعة الملكية المغربية المختصة في ذلك النوع من الرياضات مبرزة أنها رياضة استعراضية وليست رياضة معترف بها في الملتقيات الرسمية الدولية، وانتهاء بمتابعته في قضية شكاية مواطنين تلاعب بهم في مسألة وساطة مفترضة من أجل تهجيرهم إلى الخارج.
مصطفى أديب.. الضابط العسكري «الخائن»
بدأت قصة هذا الضابط العسكري سنة 1999 حين وجه، عبر الصحافة الدولية، نقدا لما اعتبرها مظاهر الفساد داخل الجيش المغربي. الأمر الذي أخضعه للمحاكمة بتهمة «النيل من سمعة المؤسسة العسكرية ومخالفة نظامها الأساسي». وقد أدين إثرها بخمس سنوات، تحولت إلى سنتين ونصف مع تجريده من الانتماء إلى أسلاك الجيش.
وحين غادر المغرب في مارس 2002 تحول إلى بطل مدجج بالدعاية السياسية المعادية إلى المغرب، ولذلك لم يتردد في التناغم مع هذه الدعاية بتصعيد الخطاب حول واقع الفساد في المغرب، وبالدعوة إلى«دمقرطة المغرب»؟!
الأكثر من ذلك أنه تقدم بدعوى قضائية ضد المغرب بناء على ادعائه أنه تعرض إلى التعذيب المنهجي، وفي تاريخ 18 يونيو 2014 قام بزيارة استفزازية إلى غرفة الجنرال بناني بمستشفى فال دوغراس الفرنسي حيث ترك له رسالة يصفه فيها بالمجرم مع باقة ورد رخيص.