"حللت في المركز الرابع في السباحة الحرة، لكن هذه المرتبة ليست مهمة، بل الأهم هو قدومي إلى هنا ومشاركتي في هذه الألعاب"، تقول فاطمة، الرياضية القادمة من عاصمة المملكة.
فاطمة من ذوي الاحتياجات الخاصة، شاركت رفقة العشرات من أقرانها في فعاليات الدورة التاسعة من ألعاب الأولمبياد الخاص المغربي، التي ستختتم مساء هذا اليوم 27 ماي بمدينة إفران، حيث طغت قيم الافتخار والشجاعة والتنافس والالتقاء على أجواء الأيام الثلاثة من هذه الألعاب، تحت شعار "دعني أفوز، فإن لم أستطع، فدعني أكون شجاعا في المحاولة".. وقد استمتع 2000 رياضي بمتعة اللعب وتجاوز الذات وممارسة الرياضة خلال هذه الألعاب، التي شملت 16 صنفا رياضيا تم التباري خلالها، وهي ألعاب البادمنتون وكرة المضرب وكرة القدم وكرة اليد والهوكي والجمباز وألعاب القوى والبوتشي ورفع الأثقال والسباحة وسباق الدراجات وتنس الطاولة والكرة الطائرة إلى جانب الفروسية..
وتم توزيع الميداليات على الأبطال الفائزين والذين تناوبوا على الصعود إلى منصة التتويج تحت أنظار آبائهم ومؤطريهم وكذا أصدقائهم الفخورين بهم.
وترتكز فلسفة الألعاب على إشراك كافة الرياضيين مهما كانت قدراتهم، إذ إن مجرد المشاركة في هذه الألعاب يساهم في تثمين مجهوداتهم وتفتحهم، وهو الأمر الذي استوعبه الرياضيون بشكل جيد، بحيث مهما كانت النتيجة المحصلة، فإنهم شاركوا جميعا في فوز أصدقائهم وقاسموهم فرحتهم.
ولا يقلّ البرنامج الصحي أهمية عن البرنامج الرياضي، ذلك أنه من أجل ضمان التتبع الطبي للرياضيين، تم وضع وسائل طبية هامة رهن إشارة الرياضيين تشتمل على زيارات للطبيب العام وتخصصات أخرى.
وبالموازاة مع ذلك، تم وضع سيارات إسعاف طبية على متنها أطباء وممرضون ومسعفون على مستوى كافة مواقع المنافسات. وقد تم تجنيد أطباء وممرضين ومساعدين شبه طبيين طوال أيام الألعاب. ويضطلع الطاقم الطبي بمهمة علاجية بالدرجة الأولى من خلال تقديم الإسعافات الأولية في حالة وقوع إصابات خلال المسابقات كما يقوم بمعالجة الإصابات الجارية. كما يلعب المعالجون دورا استباقيا من خلال اكتشاف الأمراض التي قد تصيب الرياضيين.
ويشتغل الطاقم الطبي للأولمبياد الخاص المغربي في تعاون وثيق مع وزارة الصحة في إطار التتبع الطبي والتحسيس. وفي هذه الإطار، صرحت الدكتورة وافية لعنتري، المسؤولة عن اللجنة الصحية أن "البرنامج الصحي ضروري بالنسبة للأولمبياد الخاص المغربي كما أن المرافقة الطبية ضرورية أيضا بالنسبة للرياضيين وأسرهم"، مضيفة أن "عملية التحسيس هذه يجب أن تستهدف اليوم فاعلين آخرين".
كما استفادوا من نصائح وزيارات الأطباء والممرضين الحاضرين في عين المكان. أما الأسر، فقد طوّروا معارفهم أكثر خلال الورشات والنقاشات المفيدة التي جرت خلال مؤتمرات الأسر.
يهدف الأولمبياد الخاص إلى تشجيع الاندماج الاجتماعي، إذ تخلق الرياضة الموحدة رابطا اجتماعيا وتهدم الأفكار النمطية بفضل تقاسم الأنشطة والأحاسيس، وذلك من خلال الجمع بين رياضيين أسوياء وآخرين في وضعية إعاقة في نفس الفريق. كما تشكل الرياضة الموحدة فرصة لكافة الرياضيين من أجل المشاركة في حياة الجماعة وخلق صداقات جديدة وتطوير مهاراتهم الرياضية.
ومن هذا المنطلق، فإن النتيجة لا تشكل الهدف الأول للرياضيين. وفي هذا الإطار، يقول منير سحنون، المسؤول عن برمجة الألعاب الرياضية إن "الغاية لا تكمن في الفوز بقدر ما تتمثل في المشاركة وفقا لفلسفة الأولمبياد الخاص، لأن مجرد المشاركة في الألعاب يساهم في تثمين مجهودات الرياضيين في وضعية إعاقة وتفتحهم".