هل يعقل أن يبقى أهم مرفق استراتيجي بالمغرب تحت رحمة مسؤول فشل في ضمان الحد الأدنى من الخدمة العمومية، فأحرى أن يفلح في إدخال المغرب في رادار الملاحة الدولية؟
القناعة بفشل زهير العوفير، المدير العام للمكتب الوطني للمطارات، في تدبير القطاع العام توفرت منذ زمن لدى الوسط المالي والنقابي والإعلامي، ولم يكن ينقص سوى أن تحصل صحوة لدى صانعي القرار للتدخل لتدارك الأمر وتصحيح الخطأ المرتكب حين تم تسليم «باب المغرب» للعوفير.
فيوم السبت 23 دجنبر 2017 حصلت فضيحة بروتوكولية بمطار محمد الخامس الدولي نسفت أفراح المغرب بنجاح مهمة رئيس الغرفة الأولى الحبيب المالكي بالفيتنام، وما أعقب تلك الزيارة من اختراق لنمور آسيا التي بدأت تنفض اليد عن أطروحة الجزائر في قضية الصحراء. إذ لدى العودة من الفيتنام، ظل الوفد المغربي ينتظر مدة طويلة بمدرج مطار محمد الخامس إلى حين استقدام سيارة تقل رئيس الوفد الذي لم يكن سوى الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب. ولما تم إحضار سيارة، فوجئ الوفد بـ «برويطة» متهالكة و«مقزدرة» تشبه السيارات «المقاتلة» التي يستعملها مهربو البنزين بشرق المملكة!
والأفظع أن الوفد لما دخل للقاعة الشرفية بمطار محمد الخامس صدم للحالة الكارثية للصالة التي كانت تشبه «خما للدجاج»: روائح كريهة، زرابي متسخة وقذرة، طاولات «مدرحة»، وكأن الأمر يتعلق بمطار موقاديشو، وليس مطار محمد الخامس الذي قررت الأجهزة العمومية المركزية جعله منصة العالم (Hub) للولوج إلى إفريقيا عبر المغرب!
ففي هذا العمود كتبنا عدة مرات، أن تراخي المسؤولين المركزيين في التعامل الحازم مع فظاعات التدبير بالمكتب الوطني للمطارات من شأنه أن يقوض كل الجهود المبذولة والخاصة بالمشاريع المهيكلة الكبرى بالدار البيضاء، وبالتحديد الفشل في إخراج المحطة الجوية لحيز الوجود.
وها هم كبار مسؤولي الدولة يقفون بأم عينهم على أن الاستهتار بالمسؤولية لم يشمل فقط مشروع المحطة الجوية بالمطار، بل وطال أيضا حتى المسائل البروتوكولية التي تمثل وجه المغرب وتهم الاحترام الواجب للمؤسسات وللدستور الذي أطر العلاقة بين كل السلط.
فمن يدري، قد يواجه المغرب غدا أو بعد غد فضيحة دبلوماسية بحلول رئيس دولة أو مدير منظمة أممية أو رئيس برلمان أجنبي إلى مطار محمد الخامس الدولي ويجد «الفراشة» في المدرج على عتبة الطائرة، و«الخطافة» يتصارعون فيما بينهم حول من له الأحقية لنقل ضيف المغرب الكبير!
ها هو رئيس مجلس النواب يتعرض للبهدلة على يد مدير المكتب الوطني للمطارات، وهي «بهدلة» لا تحتاج إلى تقارير المفتشية العامة للمالية أو لتقارير قضاة المجلس الأعلى للحسابات لتأكيدها.
إن رئيس الوفد المغربي الذي نجحت زيارته إلى آسيا في نزع مخالب نمورها من جسد الصحراء، عليه أن يفعل سلطاته الرقابية والنيابية لنزع مخالب نمور الفساد من المطارات وينزعها من هذه المؤسسة الاستراتيجية بالمغرب.
الملك محمد السادس زلزل وزراء وولاة وعمال ورجال سلطة، فهل سيزلزل المالكي مدير المطارات ويحمي سمعة المؤسسات، وبالتالي حماية سمعة المغرب، أم سيترك العوفير يستأسد في المطارات؟