البرلمانية بن عمر: قانون هيئة المناصفة ومكافحة أشكال التمييز مجرد تأويل جديد للصياغة الذكورية

البرلمانية بن عمر: قانون هيئة المناصفة ومكافحة أشكال التمييز مجرد تأويل جديد للصياغة الذكورية

طرحت " الوطن الآن " ثلاثة أسئلة على البرلمانية والفاعلة الحقوقية الأستاذة نبيلة بن عمر عن حزب الأصالة والمعاصرة، بخصوص ما يعرفه ملف هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز من غليان جراء انتفاضة الحركة النسائية ضد التراجعات التي طالت "المرجعية الحقوقية" على مستوى صياغة القانون الخاص بذات الهيئة التي تضمنها دستور 2011. الوطن الآن تقدم لقرائها نص الحوار:

ـ كيف تقرئين بصفتك برلمانية وفاعلة حقوقية اشتغال وزيرة الأسرة والتضامن والشؤون الاجتماعية بسيمة الحقاوي على الملفات "القانونية" ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في علاقتها مع التزامات المملكة المغربية دوليا بالعهود والمواثيق التي صادق عليها؟

فيما يخص مشروع قانون رقم 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، شكليا يلاحظ جليا أن صياغته ذكورية بامتياز، لا تحترم النوع الذي أسس من أجله، ضمنيا لم يحترم أحكام الدستور في اختصاصاتها وخاصة الفصل 19 والفصل 164، إذ اعتمد على الخلط بين هيئات فصل فيها الدستور المغربي في بابه الثالث، حيث أدرج هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ضمن هيئات الحماية والنهوض بحقوق الإنسان، غير أن مشروع قانون79.14 أفرغ من محتواه وقدم في صيغة مجلس استشاري على شاكلة مجلس الأسرة والطفولة، كما يلاحظ غياب الالتزام بمبادئ باريس المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها،

ـ نعتت الحركة النسائية بالمغرب قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز الذي أعدته وزارة بسيمة الحقاوي بـ "الرديء والمتكلس" ، هل تشاطرون النسيج الجمعوي النسائي هذا الرأي؟ ولماذا؟

بالفعل، النص المطروح الآن أول ما يفتقر له هو روح دستور 2011 الذي حدد مهمة هذه الهيئة وهي الحماية و مكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة، غير أن الملاحظ هو السطو على الهيئة من آلية خاصة إلى آلية عامة، فمن المفروض أن تكون آلية لحماية حقوق النساء، غير أننا فوجئنا بتأويل جديد للتمييز يشمل كل أنواع التمييز ضد المعاقين والتمييز العرقي الخ....هناك أيضا غياب للتعريف والمعايير المرجعية الضرورية لكي تمارس الهيئة مهامها، ومن يرفض التعريفات يرفض المساواة.

في المادة الثانية التي تحدد الصلاحيات نرى توجها نحو صلاحيات النهوض حلى حساب الحماية في مهمة استقبال الشكاية و معالجتها وتتبعها. إن مشروع القانون لم يعط للهيئة سلطات شبه قضائية لما تتطلب من صلاحيات التحقيق والتحري والفصل في الشكايات المقدمة أو في الخروقات التي تقف عليها والتدخل للوساطة أو المتابعة أو الزجر أو التقديم للمتابعة القضائية والمؤسساتية، كما أنه لا يقر لها بوسائل تسمح بالتقويم الفعلي للسياسات العمومية والتشريعات، وبذلك ينتفي عمليا دورها الرقابي والحمائي ليصبح شكليا تماما، علاوة على ذلك هناك عدم وضوح في اختصاص الهيئة في مجال ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع أحكام الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها.

فبدل القطع مع التمركز، جاء مشروع القانون ليستوطن الهيئة بالرباط بدل إنشاء تمثيليات جهوية انسجاما مع أهداف ومؤسسات وآليات الجهوية المتقدمة كما هي منصوص عليها في الدستور، وخدمة لكل النساء المغربيات عبر تراب المملكة بالإضافة إلى أن التركيبة أيضا أفرغت من الحياد نظرا لتركيبتها من القطاعات الحكومية والتعيينات من طرف رئيس الحكومة (10/16) كلهم معينين من طرفه، ما يعيق إمكانية مراقبة المؤسسات الحكومية.

ـ ما هو السبيل لإقرار قانون تنظيمي متكامل البنيان، ينظم بموجبه هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز في ظل توجه حكومي "محافظ" يناقض ويعاكس التزامات المغرب في انخراطه ضمن قافلة الدول المؤمنة بالحقوق والقيم الكونية؟

في الحقيقة وأثناء تقديم التعديلات فوجئنا برفض تام لتعديلات المعارضة التي صيغت بمرجعية قانونية وحقوقية تحترم التزامات المغرب الدولية وتنسجم مع المسار الديمقراطي الذي نهجه المغرب. الأغلبية العددية ستصوت عليه، لكن إلى ذلك الحين سنستعمل كل الطرق المشروعة إلى جانب القوى المدنية لتجويد النص من أجل مغرب الديمقراطية و المساواة.