في ربيع 1980 نظمنا كتعاضدية كلية الحقوق بالبيضاء في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، أسبوعا ثقافيا بالكنيسة الكائنة بحديقة جامعة الدول العربية وكانت أهم فقراته ،،،موضوع التعليم في برامج الأحزاب السياسية وموضوع الحركة النقابية والصراع الطبقي بالمغرب بالإضافة إلى موضوع الوضع الحقوقي بالمغرب وأمسية شعرية وغنائية من توقيع الفنان الفقيد اسماعيل وسعيد المغربي ،،،،هذه الكنيسة سلمتها سلطة البابا بالفاتيكان للمغرب لفائدة التحصيل المعرفي الجامعي ، وبعد النجاح المنقطع النظير للتظاهرة التي كان لها صدى جماهيري واسع ، بادرت وزارة الداخلية ، على عهد إدريس البصري ، إلى المنع لاحقا لكل الأنشطة الأوطمية ، وسلمت الكاتدرائية لعمالة الدارالبيضاء كمقر لحفظ الصحة ، وأية صحة ؟؟؟؟
خضنا نضالات ضد المراسيم التطبيقية ورفضنا مشروع إصلاح التعليم التصفوي وواجهنا إرهاصات مخطط التقويم الهيكلي الذي كان يشترط على الحكومات تقليص الانفاق الاجتماعي و تدخل الدولة ثم خوصصة القطاع العام ،،،،لذلك ضاع التعليم والصحة والشغل كحقوق وصارت يومه في الدستور مجرد التزامات لدى الدولة ببذل عناية عوض تحقيق نتيجة ، ولقد استعانت الدولة ،على العهد البائد ، بكل خصوم الديمقراطيين والتقدميين من اجل إخلاء الجامعة من الفكر النقدي وحامليه ، وأذكر أنه في 24 ابريل من سنة 1981 ; بكلية الحقوق وفي إطار أوطم ، كنا بصدد تخليد الذكرى الثانية لاستشهاد محمد كرينة ، عمدت ادارة الحي الجامعي إلى إيواء وإطعام ما يزيد عن أربعين فردا ، أغلبهم ينتمون لنقابة طلابية حزبية مدعومين من قبل فلول الشبيبة الاسلامية وعناصر الآمن السري و"الأواكس" ، عمدوا إلى الهجوم على مناضلي "أوط م" بالعصي والأسلحة البيضاء ممزقين ملصقات التعاضدية وصور الشهيد وأقاموا محلها صورا لفقيد حزب الاستقلال عبد العزيز بن دريس المتوفى في نفس التاريخ منذ الستينيات ، وقد أصبنا جميعا بجروح وكسور ، ولولا طلبة الفوج الأول /السنة الأولى قانون الذي يفوق عددهم الخمسمائة وطلبة السنة الثانية قانون ، أغلبهم من أصدقاء الدراسة الثانوية والحركة التلاميذية والذين كنت ممثلهم في التعاضدية وفي لجنة القسم ، والذين طردوهم من الكلية ، لأزهقت الأرواح ، وقررنا الا نتقدم بأية شكاية ، وعلى عكس ذلك نشرت جريدة العلم بالبند العريض ،،،،حرية الفكر تتعرض للقمع بكلية الحقوق ،،،،ويا للمفارقة لأول تنشر عبارة قمع ، في ذلك التاريخ ، على صفحات تلك الجريدة الغراء ، لقد كنا واعين بخطورة الاستفزاز وعواقب التجاوب السلبي معه ، وفوتنا فرصة الإجهاز على المكتسبات بتفادي الانجرار نحو الفخاخ ، وإصدرنا بيانا ندين فيه تواطئ التحالف الطبقي الحاكم آنذاك اليمين الإداري وحزب عزالدين العراقي وزير التعليم وعرابهم جميعا الصدر الآعظم ،أليس التاريخ يكرر نفسه في شكل مهزلة ؟؟
أخليت الكليات والمعاهد الجامعية من أطر ومناضلي أ و ط م ، خلال أواسط الثمانينات ، بالتشريد والاعتقال والمحاكمات الصورية والأحكام القاسية ، فخلا الجو للأصوليين والانتهازيين ، جرت مياه كثيرة تحت الجسر ، سقط جدار برلين وتحطمت تماثيل الزعماء في بغداد و القاهرة وتونس وصنعاء وظلت سوريا رهينة اللا استقرار ، فزاعة لتخويف قدماء « الحلفاء » ، وتفرغت الامبريالية لتصفية ديونها مع « صمود » شعوب شمال إفريقيا ، مستعملة ورقة الاسلاميين المعتدلين ، بعدما كانت في الماضي تستعمل ورقة الإخوان المتشددين . فعلى من يأتي الدور بعد كل هذه التجارب ؟؟ وما العمل في ظل تحول الدولة إلى ضحية ؟
هو ورش يفتح من جديد ، وفرصة تاريخية لرد الاعتبار لمطلب استكمال التحرير الوطني ، لكن دون أن نقايض اللحظة الديموقراطية باللحظة الوطنية ، ودون الرهان على فلول اليسار المنهك بانسداد الأفق والتيه والتجريبية ، و كذا قدماء خلفاء الحركة الوطنية .