"التربية المدنية" السؤال الأكبر التي تقدمه لنا قضية ما أصبح يعرف بـ "دونيا بوتازوت" و"خولة" فالمشكل في الأصل انطلق بسبب سلوك للتربية المدنية٬ من خلال سؤال "شكون للي ما حتارمش الصف" في مؤسسة إدارية عمومية. والنتيجة أن هناك مواطنة أنفها مكسور ومواطنة ليس بها أي خدش٬ بل واعترفت أنها فعلا ضربت المواطنة الأخرى. ثم هناك شهود إثبات على كل الواقعة. تحركت المسطرة القانونية العادية٬ ضحية في المستشفى٬ شهادة طبية رسمية٬ واعتقال لمن استعمل العنف الجسدي المفضي لكسر. ودائما ضمن سؤال التربية المدنية٬ انطلق تقاطب على المواقع الإجتماعية٬ من مع المواطنة دونيا ومن مع المواطنة خولة. هنا سقط الكثيرون في الإمتحان٬ وظل السؤال هل سيسقط القضاء في فخ ذلك التقاطب. ومع توالي الخرجات اتضح أنه تم تسييس ذلك التقاطب٬ بل تم تجييش جهة سياسية لما وفرته من مواقع وعناوين إلكترونية٬ فقط لأن من اعتقل محسوب عليه. هنا أصبح أمر "التربية المدنية" في موضع امتحان حقيقي. هل نقبل الحق أم يجب أن نتعامى عليه٬ والحق هو ترك القانون أن يقول كلمته٬ فقط كلمته المنصفة٬ لا أقل ولا أكثر. فجأة وأصبح جسد المواطنة بوتازوت مجالا للسلخ من هذا المغني ومن ذاك الكوميدي٬ ومن هذا الموقع أو ذاك (جديا٬ مثير كيف بقي أولئك الفنانون خرسا لزمان٬ حتى خرجوا للحديث اليوم. كان سيحترمهم المرء أكيد لو تحدثوا بشجاعة حين وقع لهم ما وقع في لحظتها٬ أما أن يستأسدوا على أنف زميلتهم فهذا له عنوان واحد هو الوضاعة للأسف). مثلما استدرج والد المواطنة خولة ليأكل الكثيرون الثوم بفمه٬ في استغلال لقلقه الطبيعي كأب على فلذة كبده وابنته٬ وأصبح يفتي في القانون٬ بمن يجب أن يعتقل ومن يجب أن لا يعتقل٬ والجميع للأسف يتناسى أن هناك ضربا وهناك ضحية واحدة. والحال أن الطبيعي في حادث عرضي تافه مماثل٬ هو أن يضبط كل واحد نفسه ولا يصل إلى الإعتداء الجسدي٬ لأن من يقوم بذلك عليه أن يتحمل نتائج خطئه. ستنتهي القضية أكيد٬ ربما بتنازل كريم من المواطنة بوتازوت للمواطنة خولة.
لكن للأسف ما لن ينتهي بسهولة هو شكل صورتنا جميعا أمام أنفسنا وأمام مرآة الحقيقة في امتحان "التربية المدنية". فهي صورة مقرفة حقا. فاللهم لا تجعل لي زملاء تحركهم الضغينة مثل الذين فضحتهم قضية "بوتازوت وخولة"٬ واللهم لا تجعلني ابدا في طريق من له سند سياسي بمنطق القبيلة٬ لا بمنطق المواطنة. جديا٬ أتمنى أن تطوى هذه الصفحة بسرعة٬ كي تعود بوتازوت إلى الأهم وهو فنها٬ وأن تعود خولة إلى حضن والدها وأهلها ومستقبلها الدراسي٬ وأن يعود الجميع إلى ضميره٬ ذاك الذي مفروض أنه يحاسب المرء حين يضع رأسه على مخدة المساء. لأنه غير ذلك٬ مرعب أن نرى٬ أننا مغربيا في خصومة مع سؤال "التربية المدنية" وأننا للأسف أقرب لمنطق الغاب.