هيئة أطباء الأسنان: أكثر من نصف قالعي الأسنان ميكانيكيون

هيئة أطباء الأسنان: أكثر من نصف قالعي الأسنان ميكانيكيون

تشكل الممارسة غير القانونية لطب الأسنان، من طرف أشخاص لا يتوفرون على المؤهلات والمعارف العلمية اللازمة للقيام بها ولا على التقنيات الضرورية التي تتطلبها شروط الأهلية القانونية لممارسة المهنة، تهديدا خطيرا وجديا على حياة المواطنين. وفي هذا الصدد، حذرت هيئة أطباء الأسنان الوطنية من الخطر المحدق الذي تمثله هذه الممارسات التدليسية، وما يترتب عنها من أضرار جسيمة بصحة المواطنين، إذ تتسبب في إعاقات وأمراض ووفيات وسط المواطنين الذين يلجؤون إليها.

وحسب بلاغ توصل موقع "أنفاس بريس"، بنسخة منه، فإن مهمة هيئة أطباء الأسنان الوطنية، لا تنحصر فقط على السهر على الممارسة القانونية للمهنة، ولكن أيضا على تحذير الرأي العام من كل ما يمكن أن يشكل مسا بالسلامة الجسدية للمواطنين ويلحق الضرر بصحتهم. مرحبة بمصادقة مجلس النواب على مشروع القانون رقم 14-25، الهادف إلى تنظيم و تأطير وحماية الممارسة القانونية لمهن مناولي ومستعملي المنتجات الصحية ومن بينهم مهنة صانع رمامات الأسنان في المغرب. وتدعو الهيئة أعضاء مجلس المستشارين، الذين يعرض عليهم حاليا هذا المشروع لتداوله، أن يحذوا حذو مجلس النواب في المصادقة على مقتضياته.

ورغم أن طب الأسنان يخضع، باعتباره تخصصا علميا، لمعيار ثلاثي: التكوين الجامعي المتوج بالحصول على شهادة عليا، التأهيل العلمي والفني المستمر، واحترام الضوابط المهنية والقانونية لممارسته، فإن الوضع خطير مع صناع الأسنان الذين يزاولون مهنة طب الأسنان بشكل غير قانوني، وهذا ما أكده وزير الداخلية أمام نواب الأمة، عندما أشار إلى وجود زهاء 3300 صانع أسنان من هذا الصنف، وكشف أيضا أن اكثر من نصف هؤلاء (تحديدا 1790) لا يتوفرون على أية رخصة، مع العلم أن صانع رمامات الأسنان لا يمكن أن يمارس مهام طبيب الأسنان، وإنما عليه أن يشتغل على أساس وصفات هذا الأخير.

وتتجلى خطورة هذا الوضع جليا عند الاطلاع على نتائج دراسات وطنية قامت بها كليتي طب الأسنان بكل من الرباط والدار البيضاء، والتي تبين بالملموس مدى جسامة الأضرار التي تتسبب فيها هاته الممارسات الغير القانونية لطب الأسنان بالنسبة للمواطنين، حيث كشفت أن 56 في المائة من الممارسين عبارة عن ميكانيكيي أسنان، و10 في المائة مقتلعي أسنان، و7 في المائة يحترفون الحجامة، و26 في المائة من زبائنهم خرجوا بأسنان مكسورة، و15 في المائة يعانون من تعفنات الفم والأسنان.. وهي أرقام مروعة تبين مدى الخطورة الناجمة عن هذه الممارسات غير القانونية وغير الطبية لأمراض الأسنان.

ونتيجة لذلك، أدى المغاربة ثمنا باهظا، كما يتضح من عدد الوفيات التي حدثت في مناطق مختلفة من البلاد (بما في ذلك مدن سلا، أكادير، الشاون، سيدي بنور، بن جرير، الناضور...) وعدد القضايا المعروضة أمام المحاكم من جراء نتائج هذه الممارسات نجد على سبيل الذكر لا الحصر مدن الدار البيضاء، فاس، مكناس، سلا، تطوان، تازة، آسفي، خنيفرة، تيط مليل، كلميم، بن جرير،الشاون… وترجع هذه الوفيات والمتابعات القضائية إلى تدخلات على مستوى الأسنان قام بها أشخاص غير مؤهلون ضاربين بعرض الحائط القوانين والأخلاق والأعراف المهنية، بل أكثر من ذلك مستهترين بحياة المواطنين.

وتأمل هيئة أطباء الأسنان الوطنية أن يحظى النص الذي تمت المصادقة عليه في مجلس النواب، بنفس الانخراط والتبني من طرف مجلس المستشارين، حتى يتمكن المغرب من إحراز تقدم ملموس في المجال الصحي، من خلال ضمان حماية أكبر للمواطنين في مواجهة الممارسات غير القانونية والتدليسية التي تهدد صحتهم وحياتهم.