قبل الخوض في مناقشة قضية الطلبة الأساتذة، لابد من التذكير أن سبب الخلاف بين طرفي المشكلة، يعود لإصدار حكومة السيد عبد الإله بنكيران لمرسومين، الأول، يتعلق بفصل التكوين عن التوظيف، أما الثاني، فيتعلق بتقليص منحة الطلبة إلى النصف. إصدار هاذين المرسومين كان كفيلا بخروج فريق كبير من هؤلاء الطلبة للشارع للتعبير عن سخطهم، وذلك لإعتبارهم أنه تم مس حقوقهم المكتسبة. وبالتالي، فإنه لا مناص من إلغاء المرسومين. لفهم دوافع كل طرف، و أخد موقف متضامن مع هذا أو ذاك، وجب عرض وجهتي نظر الطلبة الأساتذة و الحكومة، كل على حدة.
الطلبة يعتبرون أن اجتيازهم لاختبار ولوج مراكز التكوين، هو بمثابة مباراة، وبالتالي، فإن توظيفهم مباشرة مع استكمالهم فترة التكوين، أمر محسوم؛ الطلبة يعتبرون أن مرسوم فصل التكوين عن التوظيف، صدر بالجريدة الرسمية، بعيد إصدار إعلان مباراة الالتحاق بمراكز التكوين، و عليه، فإنه قانونيا، على الأقل هاته الدفعة غير معنية بالمرسوم المذكور.
ما يجعلني أفكر في التضامن مع الطلبة،ثلاثة عناصر أولا، العنف الذي تقابل به الوقفات الاحتجاجية السلمية، غير مبرر إطلاقا، و حكومة السيد بنكيران تتحمل فيه المسؤولية كاملة. ثانيا، رئيس الحكومة، مافتئ يذكرنا بأن التوظيف المباشر، قد انتهى، لكن، أليس التعيين في المناصب السامية توظيف مباشر، كلنا يعرف كيف يتم تفصيل المناصب، على هذا أو ذاك، لا لشيء، سوى القرب من الوزير الفلاني أو الوزير الفلاني. ثالثا، لماذا التراجع عن مشروع قانون الخدمة الإجبارية المدنية للأطباء، و الحلف بأغلظ الإيمان، باللا تراجع عن المرسومين.
بالمقابل، ما يجعلني أفكر في التضامن مع الحكومة، ثلاثة عناصر كذلك، أولاً، شئنا أم أبينا، الطلبة الأساتذة كانوا على علم بمضمون المرسوم رغم تأخر إصداره بالجريدة الرسمية. وعليه، فقبولهم الترشح لمباراة الولوج، هو تعبير بحد ذاته عن القبول بفصل التكوين عن التوظيف. ثانيا، لا يمكن التفرقة بين المهن، فالمهندس أو الطبيب، ليست له أية ضمانة للتوظيف بالقطاع العمومي، مباشرة بعد إنهائه فترة الدراسة، وعليه، لا يمكن إعطاء رجال التعليم مال ا يمكن إعطائه للمهندس و الطبيب و التقني... ثالثا، شجاعة الحكومة في فتح هذا الملف الحساس، رغم ما قد يترتب عليه من نتائج سلبية في الانتخابات القادمة.
لكل ما سبق، فإنني أجد نفسي متخندقا و متضامنا مع المواطن البسيط، الذي سيتحمل لوحده عواقب وخيمة لهذا المشكل، كيف ما كانت النتيجة. لأنه يظل الخاسر الأكبر. إن حلت الحكومة المشكل مع الطلبة، فذلك المواطن، سيضطر لمنح ابنه لأستاذ غير مؤهل بشكل كافي، إذ انه أمضى أكثر من نصف فترة تدريبه يتظاهر بالشارع. و إن لم تحل الحكومة هذا المشكل، فالمصيبة أعظم، إذ أن ذلك المواطن البسيط الذي يعيش في قمم الأطلس، لن يجد الأستاذ أصلا.