كيف أغرقت الجزائر «رسل» الأمم المتحدة في أوحال الصحراء

كيف أغرقت الجزائر «رسل» الأمم المتحدة في أوحال الصحراء

تطرح الأزمة التي تسبب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، في اندلاعها مع المغرب بخصوص قضية الصحراء، دراسة الجدوى من بعثاتها إلى المنطقة، خاصة أن تاريخ مبعوثيها إلى الصحراء يرتبط، أساسا، باقتضاءات الباب المسدود، حيث لا تجتمع الأطراف المتنازعة على شيء سوى الجلوس إلى طاولة منزوعة المفاصل والأركان.  فإذا كان الأمين العام نفسه لم يستطع أن يبقي لسانه على الحياد، فماذا ننتظر من مبعوثه الشخصي، كريستوفر روس، الذي تربطه علاقة ود مع الجزائر؟
لقد نظرت الرباط، دائما، ومنذ أول وهلة، لتعيين كريستوفر روس مبعوثا أمميا إلى الصحراء بتوجس كبير. وبالفعل، لقد تأكد بالملموس أن روس، الذي يحظى بدعم مطلق من جنرالات قصر المرادية، سائر في محاولة فسح الطريق أمام البوليساريو لكسب مساحات جديدة، وليس أدل على ذلك من تلك الزيارة التي قام بها في نهاية نونبر 2015، والتي تزامنت مع ذكرى تأسيس ما يسمى «البرلمان الشعبي الصحراوي»، فضلا عن التصرفات المعادية والمتحيزة للخصم، والتي وصفها بلاغ لوزير الاتصال بالتراجع عن المحددات التفاوضية التي سطرتها قرارات مجلس الأمن وسلوكه لأسلوب غير متوازن ومنحاز في حالات عديدة؛ وهو ما أدى إلى سحب الثقة منه، والرجوع إلى «الأمين العام ليتخذ القرارات المناسبة للدفع بمسلسل المفاوضات». غير أن بان كيمون أعلن دعمه المطلق لمبعوثه الشخصي وثقته التامة في المسلسل التفاوضي الذي أطلقه، مما يؤكد أن الأمين والمبعوث يعزفان اللحن نفسه ويرقصان حول المائدة نفسها التي تجعل منهما طرفا في تأجيج الصراع، وليس في حلحلته.
إن التطورات الأخيرة لملف نزاع الصحراء لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك جماعة ضاغطة «تمولها» الجزائر من أجل إزاحة مخطط الحكم الذاتي، وتكريس واقع جديد، لا يبتعد كثيرا عن الاختبار الحربي. ذلك أن البوليساريو كانت دائما تفاوض بسلاحها الموضوع على طاولة المفاوضات، بينما كانت القوى الكبرى تشجع الحل السياسي وتطمح بالذهاب به إلى أبعد مداه. فمنذ 1990، أي قبل تاريخ وقف إطلاق النار (1991)، حاولت الأمم المتحدة، على عهد الأمين العام الأممي خافيي ردي كويلار، إيجاد صيغة سلمية للصراع والتجييش التي ترعاه المخابرات الجزائرية، وذلك بتعيين الدبلوماسي السويسري جوهانس مانس مبعوثا خاصا في الصحراء من 29 أبريل 1990 إلى دجنبر 1991. وقد أعقبه في هذه المهمة الباكستاني، صاحب زاده يعقوب خان، الذي عينه الأمين العام الأممي بطرس غالي في مارس 1992، وانتهت مهمته في غشت 1994. ثم جاء الدور على إيريك جونسن الذي تم تعيينه ممثلا خاصا بالنيابة من 1994 وحتى 1997، وشهدت فترته بداية عملية «تحديد الهوية». إلا أن خلافات كبيرة، بين أطراف النزاع، على تفسير الشروط المطلوب توفرها في الناخبين، أدت إلى تجميد العملية التي أصبحت الآن في حكم المستحيل.
وبمجيء الأمريكي جميس بيكر في مارس 1997 دخل نزاع الصحراء مرحلة دقيقة أدرك معها المبعوث الأممي، بعد أن وضع مخططين للتسوية،  أن اسمه لن يرتبط بـ «حل النزاع»، لأن ما اتخذ بشأنه من قرارات وما وضع له من مخططات للتسوية، لم تكن تتسم بالكثير من الغموض فحسب، (وهو غموض يُـتـيح لكل طرف أن يلعب على الألفاظ ليحسن وضعه التفاوضي)، إلا أن الأهم أن القرارات المرجعية تضع كل طرف بوجه معادلة مستعصية: إما ربح كل شيء أو خسارة كل شيء، إما الانتصار الشامل أو الانكسار الكامل، وفي مثل هذه القرارات يكون التنازل شبه مستحيل، والحذر هو المهيمن، خاصة بعد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجمهورية الجزائرية في العام 1999، وهو المسؤول الجزائري الذي ارتبط اسمه كثيرا بسياسة العداء ضد المغرب.
وقد تميز مخططا بيكر، الأول والثاني، بعدم قابليتهما للتحقق ورفض طرف من الطرفين لبنودهما. فالبوليساريو والجزائر رفضا المخطط الأول (الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية لمدة 5 سنوات يعقبها استفتاء تقرير المصير) كأساس للتفاوض. أما المخطط الثاني، فرفضه المغرب رفضا مطلقا، حيث أعلن عن «رفضه لأي توجه يستهدف تقسيم الصحراء. وأن موضوع التقسيم غير قابل للمناقشة مهما كانت الظروف».
وبعد استقالة جيمس بيكر في يونيو من سنة 2004 ـ تم تعيين ألفارو دي سوتو خلفا له من أجل مواصلة العمل مع الأطراف بغية التوصل إلى حل سياسي توافقي، غير أن الجزائر رفضت أي تعاون مع المبعوث الأممي الجديد وألحت على استبداله، مما أدى إلى تعيين الهولندي بيتر فان فالسوم، الذي كلفه الأمين العام كوفي عنان في يناير 2005 بـ «تقييم الوضع وبحث السبل المثلى للخروج من المأزق السياسي الحالي مع الطرفين، والدول المجاورة والأطراف المعنية الأخرى».
وقد انتهى فان فالسوم إلى أن خيار الاستقلال الذي تطالب به البوليساريو «خيار غير واقعي»، وإن خيار استفتاء تقرير المصير الذي طـُرح سابقا «أمر تجاوزه الزمن».

 

محطات في تاريخ بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء

 

- 1976: اندلاع الحرب العسكرية بين المغرب من جهة وقوات البوليساريو مدعومة من الجزائر من جهة ثانية
- 1985: إطلاق مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية بإرسال بعثة للمساعي الحميدة لوضع حد للنزاع العسكري في الصحراء.
- 1988: قبول مقترحات التسوية بين المغرب وجبهة البوليساريو.
- 1990: اعتماد مجلس الأمن لتقرير الأمين العام بشأن وقف إطلاق النار، وتنظيم استفتاء في الصحراء، تسهر على تنظيمه بعثة أممية.
- 1991: قبول  المغرب وجبهة البوليساريو وقف إطلاق النار في السادس من شتنبر، وتوزيع 100 مراقب عسكري لتقفي إطلاق النار، ليرتفع العدد فيما بعد إلى 228 عنصرا، ضمن بعثة «مينورسو»، وأنشئ مقر البعثة في العيون ومكتب اتصال أيضا في تندوف لمواصلة الاتصال مع السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو.
- 1993: إنشاء لجنة تحقيق الهوية التابعة لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء.
- 1994: البعثة الأممية تقف على صعوبات إجرائية وعملياتية لم تسمح إلا بتقدم بطء في عملية تحديد هوية الناخبين.
- 1996: الأمين العام يعلق عمل عملية التحقق وتم سحب معظم الموظفين المدنيين التابعين لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء بما في ذلك عناصر الشرطة المدنية، والاحتفاظ بالعناصر العسكرية للمراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار.
- شتنبر 1997: الشروع في سلسلة من المحادثات بين المغرب وجبهة البوليساريو أجريت تحت إشراف الممثل الخاص للأمين العام.
- دجنبر 1997: إطلاق عملية التحقق من الهوية  من قبل الأمين العام للأمم المتحدة.
1998: عدم وصول الطرفين  إلى توافق في الرأي حول كيفية التعامل مع المتقدمين من ثلاث مجموعات قبلية ضمن تحديد الهوية.
- مارس 1999: الأمين العام يقدم مجموعة من التدابير للطرفين تضمنت بروتوكولا للتحقق من الهوية، وآخر حول عملية الطعون، لقي قبولا من الطرفين.
- يونيو 1999: استئناف عمليات التحقق من هوية الأفراد الباقين من ثلاث مجموعات قبلية. ليتوقف هذا المسلسل فيما بعد نتيجة عدد من الطعون من الطرفين، واستحالة تنظيم استفتاء.
- غشت 2007: البدء في إجراء عدد من جولات المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو، برعاية الأمم المتحدة في ضواحي نيويورك.
- فبراير 2010: توقف المفاوضات المباشرة والاجتماعات غير الرسمية بين الطرفين دون  أن تثمر أي تقدم في القضايا الأساسية الجوهرية.

 

قوات «مينورسو»: من هم؟ ما هي مهامهم؟ من يمولهم؟ ما هي جنسياتهم؟

 

أنشئت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء ومخيمات تندوف بقرار مجلس الأمن رقم 690 (1991) المؤرخ 29 أبريل 1991، وفقا لمقترحات التسوية التي قُبلت في 30 غشت 1988 من جانب المغرب وجبهة البوليساريو. ونصت خطة التنفيذ التي طرحها الأمين العام واعتمدها مجلس الأمن على فترة انتقالية يكون للممثل الخاص للأمين العام فيها المسؤولية المنفردة والخالصة على كل المسائل المتعلقة بالاستفتاء، والذي سيختار فيه الصحراويون بين الاستقلال والاندماج مع المغرب. ويساعد الممثل الخاص في مهامه نائب الممثل الخاص ومجموعة متكاملة من موظفي الأمم المتحدة المدنيين والعسكريين والشرطة المدنية وتعرف باسم مهمة الأمم المتحدة للاستفتاء «مينورسو»، ويوجد مقرها الرئيسي بمدينة العيون، وتنتشر في مدن الداخلة وبوجدور والسمارة، وكذا المناطق العازلة..
ويعد الكندي «كيم لولدوك»، الممثل الخاص للأمين العام، خلفا للألمانية «وولفغانغ فايسبرود - فيبر».

 

462 موظفا أمميا في المغرب والجزائر

 

تضم تشكيلة بعثة الأمم المتحدة المنتشرة في الأقاليم الجنوبية ومخيمات تندوف، 462 عنصرا موزعين على الشكل التالي:
210 بما في ذلك الأفراد النظاميون، من بينهم:
- 26 أفراد العسكريين - 6 من ضباط الشرطة - 178 مراقبا عسكريا ثم 84 موظفا من موظفين مدنيين دوليين
162 موظفا من موظفين مدنين محليين
12 متطوعا من متطوعي الأمم المتحدة

 

قرابة 56 مليون دولار لاعتمادات بعثة «مينورسو»

 

فاقت الاعتمادات المالية المخصصة لبعثة «مينورسو» الأممية نظيرتها المخصصة لحفظ السلام في لبنان، حيث بلغت في المجموع 55990080 دولار، كما كشفت وثيقة للأمم المتحدة برسم يونيو 2015، وتنال تكاليف الموظفين المدنيين، نسبة كبيرة تصل لقرابة 23 مليون دولار، فيما تنقلات أعضاء البعثة 12 مليون دولار، برا وجوا، أما تكاليف الأفراد العسكريين وأفراد الشرطة نحو 7 ملايين دولار، أما بالنسبة للتبرعات العينية المدرجة في الميزانية، فبلغت برسم نفس المدة، 2071680 دولار.

 

مهام بعثة الأمم المتحدة

 

- مراقبة وقف إطلاق النار؛
- التحقق من تخفيض عدد القوات المغربية في المنطقة
- رصد مرابطة القوات المغربية وقوات جبهة بوليساريو في المواقع المحددة؛
- بذل الجهود اللازمة مع الطرفين للإفراج عن كل الأسرى والمحتجزين السياسيين في الصحراء
- الإشراف على تبادل أسرى الحرب (لجنة الصليب الأحمر الدولية)؛
- تنفيذ برنامج الإعادة إلى الوطن (مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين)؛
- تحديد هوية الناخبين المؤهلين وتسجيلهم؛
- تنظيم استفتاء حر ونزيه وكفالة إجرائه وإعلان نتائجه.
وبما أن تنظيم الاستفتاء لم يكن ممكنا حتى الآن، جرت متابعة أداء مهام أخرى، هي:
- مراقبة وقف إطلاق النار؛
- الحد من خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة؛
- دعم تدابير بناء الثقة.

 

كريم مولاي، ضابط سابق بالمخابرات الجزائرية

 

الجزء الأكبر من ميزانية وزارة الدفاع الجزائرية يرصد لإنهاك المغرب

 

- بثت قناة «ميدي 1تي في» ليلة 20 مارس 2016 تسجيلا صوتيا للجنيرال سعيد شنقريحة وصف فيه المغرب بأنه عدو للجزائر، وذلك في تجمع للبوليزاريو بتندوف. وهو تصريح يناقض ما تصرح به الدبلوماسية الجزائرية من كونها تؤيد القرارات الأممية بخصوص قضية الصحراء، وبأن لا دخل لها في النزاع بين المغرب والبوليزاريو. كيف تقرأ تصريح هذا الجنيرال؟ وهل ينطق بلسانه أم هو وحي أوحي إليه من طرف السلطات الجزائرية؟
+  لا يمكن الحديث عن عداوة بين المغرب والجزائر على الإطلاق، فلم يكن المغرب في أي يوم عدوا للجزائر، لا أيام الاستعمار الفرنسي ولا بعد التحرير.
أما الذين يؤيدون جبهة البوليساريو في النظام الجزائري ويتحدثون عن تقرير المصير ويؤيدون قرارات الأمم المتحدة، ومنهم هذا الجنرال الذي تحدث في تجمع للبوليساريو عن عداوة بين المغرب والجزائر، فهم أقلية عسكرية مسيطرة على القرار، وليس لها أي صدى شعبي.
أما من الناحية السياسية، فمما لا شك فيه أن تصريحا من هذا القبيل يكشف بالملموس أن النظام الجزائري طرف أساسي في استمرار النزاع حول مصير الصحراء.
ولا شك أن حديثا من هذا القبيل في تجمع شعبي لجبهة البوليساريو، يعكس موقفا للجهة التي تقف خلف هذا الشخص، أي القيادة العسكرية النافذة التي تدير الشأن الجزائري منذ خمسة عقود.   

 

- وصف المغرب بأنه عدو من طرف جنيرال في تجمع رسمي يضرب ميثاق الأمم المتحدة في مقتل ويخرق مبدأ حسن الجوار. هل والحالة هذه يمكن طرح الملف أمام مجلس الأمن الدولي؟
+ هذا سؤال يوجه لخبراء القانون الدولي، أما من جهتي، فأعتقد جازما أن النظام الجزائري هو من يدير ملف النزاع حول الصحراء، ليس فقط لأنه هو من يتحكم في قيادة البوليساريو، ويصنعها صناعة، بل لأنه هو من يدير هذا الملف في كافة المحافل الدولية، ويخصص الجزء الأكبر من ميزانية وزارة الدفاع والمالية لصالح استمرار هذا النزاع.
الأكثر أهمية في هذا الملف، أن القيادة العسكرية التي خلا لها المناخ بعد أن تمكنت من تصفية خصمها التاريخي المتمثل في جهاز المخابرات، أنه يمثل مسألة أمن قومي للجهاز الحاكم الذي يعيش هذه الأيام على فوهة بركان، ويقف على حافة الهاوية، في ظل ترهل قياداته التنفيذية وعدم قدرتهم على التجاوب مع الحلفاء التقليديين، بالإضافة إلى حالة الفوضى العارمة التي تعيشها دول الإقليم، وتطلع القوى التقليدية المتحكمة في دول المنطقة إلى خارطة سياسية جديدة تكون أكثر قدرة على الحفاظ على مصالحها.

 

- في نفس البرنامج وقعت تسريبات لتسجيلات صوتية، تظهر تورط المخابرات العسكرية الجزائرية مع التنظيمات الإرهابية، وخاصة جماعة مختار بلمختار في قضية الهجوم على عين أميناس. هل تظن أن تنظيم القاعدة في الغرب الإسلامي هو إنتاج للمخابرات الجزائرية؟ إن كان الأمر كذلك، كيف تفسر سكوت المنتظم الدولي عن هذا التواطؤ؟
+ ملف الإرهاب والجماعات المسلحة والمتطرفة ملف معقد ومحاط بكثير من علامات الاستفهام الكبرى. وهو صناعة خبرها أباطرة العسكر والأمن في النظام الجزائري، ليس منذ الانقلاب على أول انتخابات ديمقراطية في تسعينات القرن الماضي، بل ومنذ رحيل المستعمر الفرنسي، وهيمنة ما يُعرف في الجزائر بعصابة «الحركة» أو عملاء الاستعمار على مواقع القرار وفرض الحزب الواحد والرئيس الأوحد تحت شعارات مخدرة تبين الآن أنها ليست إلا محاولة للتضليل على نظام ديكتاتوري أكل أبناءه واحدا تلو آخر.
وعندما حاول قسم من قادة العسكر التكفير عن الذنب وإعادة الأمانة للشعب الجزائري، في انتخابات ديمقراطية شهد العالم كله بنزاهته، سرعان ما استفاق رموز الدولة العميقة، أو قل قادة الطابور الخامس، تحت يافطة التحذير من الإرهاب، فأوجدوا الجماعات الإسلامية المسلحة التي سرعان ما تحولت بقدرة قادر إلى جناح لتنظيم القاعدة قبل أن يستحيل إلى دواعش تجول وتصول في دول الساحل من أجل مهمة واحدة، وهي إعادة صياغة خارطة المنطقة بالوكالة، وتثبيت قوة الجزائر كوكيل للقوى الدولية، وهي بهذا تشتري صمت المجتمع الدولي بحجة أنها شريك في الحرب على ما يسمى بـ «الإرهاب». 

 

- تحرص المخابرات الجزائرية في علاقتها مع تنظيم القاعدة بالغرب الإسلامي على أن يتم توجيه الضربات الإرهابية نحو مالي وضرب المصالح المغربية في الصحراء على أساس أن لا يضرب الإرهابيون داخل الجزائر. هل هذه الاتهامات لها ما يسندها على أرض الواقع؟ إن كان الأمر كذلك ماهي هذه الأسانيد؟
+ لقد تآمر النظام الجزائري على مالي منذ وقت مبكر، ووفر الغطاء الأمني والسياسي والإعلامي من أجل ضرب الماليين بحجة منع تصاعد الجماعات المتطرفة التي هي أساسا من صنع أجهزة الأمن الجزائرية.
وأذكر أنني عندما كنت أعمل ضمن أجهزة الاستخبارات، كانت زراعة الخوف والرعب واحدة من أهم الأدوات التي نعمل على إيجادها من أجل فرض هيمنة النظام على أرض الواقع، وعدم إتاحة الفرصة لظهور أي نفس معارض قد يكون مهددا لنظام العسكر، الذي اتخذ من حزب جبهة التحرير غطاء سياسيا للتضليل ليس إلا.
ويكفي دليلا على أن الإرهاب صناعة متحكم فيها، أن مثل هؤلاء لا يظهرون إلا عند الحاجة، أي كلما ظهرت هنالك مطالب بالإصلاح أو تهديد خارجي من شأنه أن يدفع باتجاه ظهور مطالب ذات نفس إصلاحي.
ولعله من من باب التأكيد على ذلك، أنه منذ اندلاع ما يعرف بثورات الربيع العربي عاد الحديث عن خطر الارهاب والجماعات المسلحة ولم تفلح الوساطات السياسية لحل الازمة المالية، التي ضحى النظام فيها بفريقه الديبلوماسي فيها، وهذه من طبيعة النظام الدموية.

 

- الجزائر يحكمها رئيس في عداد الموتى. والصراع على أشده بين الأجنحة العسكرية لترتيب ما بعد بوتفليقة، في هذا السياق يقرأ بعض الملاحظين هجوم الإرهابيين على عين صالح يوم الجمعة الماضي بالصواريخ بأنه ليس فعلا إرهابيا محضا بقدر ما هو ترجمة لتحريك كل جناح بخيوطه وعلاقاته مع هذا التنظيم الإرهابي أو ذاك. كيف تقرأ ذلك؟
+ ملف وراثة الرئيس الحي ـ الميت، مازال واحدا من أهم الملفات الأكثر تعقيدا، ولعله سيكون بوابة جهنم، التي سيفتح فيها الصراع على أشده بين الطامعين في الهيمنة على جزائر المستقبل.
ولئن حاول البعض التقليل من أهمية هذا الملف من خلال الحديث عن تصفيه جناح المخابرات ممثلة في «رب الجزائر»، الجنرال التوفيق، وعودة واحد من أبرز المتهمين بالفساد، وواحد من أهم المقربين من الرئيس الحي ـ الميت، فإن الحقيقة أن مستقبل الحكم يبدو مظلما ومجهولا، لا لطبيعة الخلافات وتعدد الطامحين لقيادة البلاد في ظل وضع أمني واقتصادي وسياسي بالغ السوء والتعقيد محليا وإقليميا ودوليا، وإنما لأن طموح الأقليات في التحرر من هيمنة الأغلبية، أو لنقل طموح الأمازيغ للتحرر من هيمنة طغمة عسكرية تحت يافطة العروبة أحيانا والإسلام حينا آخر والوطنية في بعض الأحيان، هذا الطموح بدا في التعاظم.
وممما لا شك فيه أن جزائر المستقبل، لن تكون كالحاضر ولا يمكن لقواعد الماضي أن تستمر في الهيمنة على مستقبل الجزائر، حتى وإن تم اللجوء إلى الإرهاب كما جرى في عين صالح، وربما يتكرر في مناطق أخرى.