حيمري البشير: نحن أحوج لتجديد الخطاب الديني في الغرب

حيمري البشير: نحن أحوج لتجديد الخطاب الديني في الغرب

حضرت صلاة الجمعة مع أبنائي في مسجد مغربي كان ممتلئا عن آخره. اجتمع المصلون صغارا وكبارا، نساء ورجالا. الجمع الغفير لهذا اليوم يذكرني باحتفال المسلمين بالعيدين. لكن الحضور المكثف هو في الحقيقة تعبير عن القلق الذي أصبحنا نعيشه في خضم الأحداث التي تعرفها بلجيكا والحملة الإعلامية المغرضة ضد الإسلام الذي أصبحنا نسمعه من بعض الجهات الإعلامية، والتي ربطته بالإرهاب.

كنّا ننتظر أن تكون خطبة الجمعة تعالج الحدث الذي نعيشه، ويستغل الخطيب الفرصة لتوضيح قيم التسامح والتعايش التي يتميز بها ديننا الحنيف، حتى يثير انتباه المصلين... وتكون فرصته للتوجيه والنصيحة بالابتعاد عن التطرّف وكل ما يسيئ لقيمنا الإسلامية السمحة.. لكننا مع كامل الأسف قيمة الخطاب الديني ما زال بعيدا عن تطلعاتنا. سوف أكون صريحا معكم أن موقف أبنائي كان جد سلبي من خطيب الجمعة لاعتبارات عدة منها:

- أنهم لم يفهموا خطابه الديني بتاتا في غياب لغة التواصل التي يتقنونها وهي الدنماركية.

- أن خطبة الجمعة تناول فيها مواضيع لا علاقة لها بالواقع والحدث الآني.

- أن الخطيب لا يملك القدرة على جلب الانتباه لدى المصلين، وبالخصوص الجيل المزداد بالدنمارك.

وللاعتبارات التي ذكرت، فإننا بحاجة إلى إعادة النظر في خطابنا الديني، بل التطورات التي حصلت تفرض حسن اختيار من يقوم بالتوجيه الديني باللغة التي يفهمها الجيل المزداد بالدنمارك.. والخطاب الديني يجب أن تكون حمولته نابعة من الواقع المعاش. هي رسالة يجب أن يستوعبها القائمون على الشأن الديني في المؤسسات الدينية في الدنمارك.

أثار انتباهي النداء الموجه لجمع المصلين في نهاية الصلاة، والمتعلق بانتخابات تجديد مكتب مؤسسة الإمام مالك المغربية، والتي عرفت صراعات حادة. وعند مراجعتي للقانون الداخلي لهذه المؤسسة وربطت ذلك بالظرفية التي نعيشها هذه الأيام، استقر رأيي على ضرورة مراجعة القانون بفرض شروط معينة لمن يرغب في الترشيح لتدبير هذه المؤسسة وغيرها من المؤسسات التي تلعب دورا مهما وسط الجالية المسلمة. ودوافع ذلك رغبة البعض الذين مع كامل الأسف لا يمتلكون المؤهلات الثقافية المرتبطة بالشأن الديني في الترشيح للمكتب المقبل. وبناء على ذلك، لابد من الإشارة أننا في حاجة إلى مكتب ورجال لا يقل مستواهم عن البكالوريا، وسأكون سعيدا إذا تقدمت كفاءات من خريج الجامعات المغربية في الدراسات الإسلامية وجامعة القرويين، ومنهم من استطاع متابعة دراسته العليا في الجامعة الدنماركية لتدبير هذه المؤسسة حتى تؤدي رسالتها كما يجب.

نحن بحاجة اليوم إلى فريق متجانس قادر على وضع مشروع برنامج يستطيع به مواجهة التحديات الحقيقية التي نعيشها في المجتمع الدنماركي.

إذا على الجميع أن يستوعب الدرس من الصراعات التي حصلت، ويسند الأمور لأهلها مستقبلا، حتى لا تتكرر نفس الأخطاء المرتكبة سابقا، وحتى نكون في مستوى تطلعات الأجيال المزدادة في الدنمارك.