تعيش الرأسمالية العالمية مرحلة الانتقال نحو اقتصاد السوق المحررة من القيود أو ما يعرف في الأدبيات الماركسية بالامبريالية؛ والتي تعتبر نقطة تحول جذرية في علاقة الإنتاج بين الرأسمالية التقليدية والرأسمالية المؤسسة لنظام جديد لا يعتمد الوسائل التقليدية في تراكم رأسمال (التطورات التكنولوجية والاقتصاد الرقمي. ...).
وهذا التحول يؤثر بشكل مباشر على جميع العناصر المؤسسة للنظام الرأسمالي التقليدي بما في ذلك العلاقات الدولية،وفي هذا الصدد عرفت سنة 2008 تسوناميا اقتصاديا، عصف بجمهوريات تقليدية، و رجعية وسوف تعرف سنة 2016 تسوناميا جديدا، قد يعصف بما بقي من أنظمة رجعية كانت لها بالأمس القريب مصالح إستراتيجية مع الدول القائدة في التحالف الرأسمالي التقليدي ونلاحظ في هدا الصدد وبشكل جلي تضعضع في العلاقة بين العربية السعودية وحلفائها التقليديون وكذلك التراجع الواضح في دعم موقف المملكة المغربية في ملف قضية الصحراء وهدا ليس تحاملا على المملكة كما يفهمه البعض أو كما يريد أن يفهمه البعض الآخر وإنما هو انسجام مع التحول الطبيعي في العلاقات حيث أن التزامات الأمس لم تعد ضرورية والاحتفاظ ببؤر التوتر هو إستراتيجية للابتزاز عند الدول العظمى (هناك مصالح دائمة وليست هناك علاقات دائمة ).
يشكل تحالف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية قوة هدا التحول الجديد، حيث أن الانتقال إلى الإمبريالية هو طبيعي وموضوعي، أما روسيا فتشكل قوة طموحة إلى رأسمالية قيصرية والبحث عن حلفاء ضعفاء غير قادرين على مسايرة التطور الطبيعي للنظام الرأسمالي العالمي الجديد الذي تجاوز الحلفاء التابعين حتى تتمكن من تشكيل قوة موازنة. وفي هذا الإطار يأتي سوء الفهم المغربي لما يقع مع الأمم المتحدة، حيث أن الالتزامات القديمة للغرب لم تعد صالحة، وبالتالي فإن الضرورة تفرض تحريك ملف الصحراء قصد ابتزاز النظام المغربي الممثل لبورجوازية تقليدية تعتمد على الاكتناز وتراكم رأسمال، وذلك بتوهيمها بالخطر المحدق بها وبيعها مزيدا من الأسلحة، وفي نفس الوقت إرضاء الجزائر والبحث عن موطن قدم داخلها وفي النهاية تعميق الخلاف بينهما وتحويل المنطقة إلى نزاعات وخصوصا وأن الظروف مواتية مادامت السعودية قادرة على تمويل أي حرب وإنتاجها فزاعات داعش.