القصة التي كنّا نسمعها باستمرار حول الدستور تؤكدها تصريحات زعماء الأحزاب السياسية في الحكومة وسط صمت مطبق للمعارضة. رئيس البرلمان في حوار مباشر مساء الثلاثاء الماضي يستهزئ بخمسة ملايين مغربي يعيشون في الخارج ويجعلهم خارج اللعبة السياسية، وبنبرة متعجرفة وساخرة يرد على سؤال يتعلق بمطالب الجالية في المشاركة السياسية، إذا لم يشاركوا هذه المرة فسيشاركون في المرة المقبلة. وهو متأكد من الطبخة مادام يرأس مجلس النواب ويتحكم في اللجان التي يناقش فيها كل القرارات قبل طرحها في الجلسات العامة. هي الحقيقة المرة التي انقشعت.
غريب أمر وطن يصبح فيه المستميت على الحق والمطالب بتفعيل الدستور صوتا نشازا. كنا ننتظر توضيحات من زعيم حزب سياسي حول تصريحات وزير الداخلية في لقائه مع الأحزاب السياسية، والتي فسر فيها الفصل السابع عشر بمفهومه الاستثنائي، لكنه يؤكد استحالة المشاركة السياسية لمغاربة العالم في الانتخابات المقبلة، بل لن تكون هذه المشاركة لا في مستقبل قريب أو بعيد. المرحلة لا تسمح بفتح جبهة أخرى مع الحكومة في ضَل التراجعات التي حصلت في تنزيل الدستور وفي ضَل المؤامرات التي تحاك ضد بلادنا في قضيته الأولى، مغاربة العالم في أوروبا يعيشون كابوسا مرعبا بعد أحداث بروكسيل التي أصبحت لها تبعات في مختلف الدول، وهذا عامل آخر يؤجل معركة المطالبة بتنزيل الدستور أو بتعديله .
لا وطن بديل نعيش فيه في مأمن، ولا مستقبل لأجيال ازدادت في أوروبا في ظل تنامي التيارات العنصرية والأزمات الاقتصادية، ولا وطن يرد لأبنائه الاعتبار لما قدموه ومازالوا من دعم يدخل في إطار الواجب.
الذين ناضلوا لسنوات من أجل التصحيح الديمقراطي في بلادنا والمطالبين باقتسام ثروات البلاد واحترام ما صوت عليه الشعب المغربي من أجل تجاوز مرحلة عصيبة، كان يمر بها الشارع العربي، حققوا الاستثناء.. فهل يتنازلون عن مطالب مشروعة بعد الخرجات والتصريحات التي جاءت على لسان مسؤولين في الحكومة والبرلمان؟
نريد فقط تفسيرا واضحا لهذه المواقف، والتي أصبحت قاسما مشتركا لدى الجميع حكومة بأحزاب أغلبيتها ومعارضة تلتزم الصمت وكأن القضية خطيرة ولا داعي لإثارتها في هذا الوقت.
مغاربة العالم الذين يتوقون للمشاركة عليهم أن يطووا هذا الملف، فالمعركة مؤجلة إلى أجل غير مسمى.