هناك حكاية ممتعة وغريبة ومفيدة سمعتها عن الصحفي، ورئيس فريق سان جيرمان سابقا، ومخرج برنامج "الجورنال الكبير" في كانال بلوس، ميشال دونيزو، تقول ما يلي:
"واحد النهار ديال سنة 1972، كان ميشال دونيزو في مصلحة المداومة بإحدى الجرائد الفرنسية، فإذا بيه طاح ليه واحد الفاكس جاي من الديوان الرئاسي ديال الراحل جورج بومبيدو، كا يقولو ليه فيه باش يمشي يدير التغطية الصحفية ديال واحد التدشين ديال شي مصيبة برئاسة زوجة بومبيدو، زعما السيدة الأولى في الجمهورية الفرنسية. ميشال دونيزو ما مشاش، ملي سولوه علاش، قال ليهم أن الحدث ماشي مهم وما كا يعنيش المواطنين دافعي الضرائب كلهم...عرفتو آش دار ليه الرئيس بومبيدو؟؟ والو..ريان...ناضا..حتى وزة. حادثة جعلت رجال الإعلام الفرنسيين يقتدون بزميلهم الشاب المبتدئ، وشكلت انتصارا صارخا على التحكم السلطوي الديكولي في الصحافة، وكانت مؤشرا على بداية استقلال الصحافة الفرنسية..بينما طارت سمعة وشهرة الصحافي ميشال دونيزو، والبقية معروفة..."
سبب نزول هذه القصة هو ما قرأته حول "غضبة السيد مصطفي الخلفي" من القطب العمومي للقناتين الأولى ودوزيم والذي اتهمه بالانحياز في تغطيته للإضراب العام ليوم الأربعاء 24 فبراير، وبكونه لم يحترم مبدأ الحياد الواجب على صحافييه بحكم أنهم موظفين يسري عليهم قانون الوظيفة العمومية، وعليه فقد توعد السيد الوزير المكلف بالاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة هؤلاء الصحفيين باتخاذ التدابير اللازمة في حقهم...
وقد أجبرني السيد الوزير على الرجوع لهذه التغطية "غير المحايدة" في نظره، ثم تبين لي ما يلي:
- شاهدت الصحفيين وقد وضعوا شارة حمراء إعلانا منهم بالتضامن مع المضربين..ولم أر في الأمر ما يدخل في باب عدم الحياد بالنظر إلى أنهم مواطنين "منقبين" قبل أن يكونوا صحفيين، ومن حقهم خوض أي إضراب كان مع الالتزام بالحفاظ على "استمرارية المرفق العام" كما هو مسطر في القانون...وعوض خوض الإضراب، اكتفوا بوضع الشارة الحمراء..وهو أمر يشرفهم ولا داعي "باش نخلطو شعبان مع رمضان"..
- أما بشأن التغطية غير المحايدة للإضراب العام من طرف هؤلاء الصحفيين، فأعتقد أن السيد الوزير "زاد فيه بزاف بزاف"...شاهدت وسمعت وعاينت شخصيا أن السيد الوزير محمد موبديع أدلى بتصريحات نارية على المضربين، وأكد على عدم شرعية الإضراب، وأعطانا ما أراد من الحجج والأدلة...كما شاهدت وعاينت القيمين على الإضراب يسهبون بدورهم في ذكر حججهم وأدلتهم الداعمة للإضراب..فأين هو الانحياز يا ترى؟؟
أعتقد شخصيا أن سيدي مصطفى الخلفي لم يستفد بعد من "حكاية دفاتر التحملات"، ولم يستفد من منطوق دستور 2011 وما أعقبه من أحداث سياسية وحقوقية وقانونية تعتبر جديدة ومؤسسة لممارسات تختلف عن ممارسات عهد الراحل الحسن الثاني..أعتقد أن كلشي مازال عاقل على أن هاذ الدفاتر الزينة، وقد قرأتها جيدا وبالتفصيل الممل، اللي كانت كا تهدف للتسييج الإديولوجي للقطب العمومي وجعله أداة حزبية إخوانية باش تمهد الطريق للاستحقاقات الانتخابية المتتالية واستمرار البيجيدي في الحكم...تماما بحال سيدي محمد مرسي والإخوان المسلمين مللي وصلو للحكم في مصر..ولكن ما جابش الله، لأن الملك قال: احبس المرقة، التلفزيون ديال المغاربة جميع، وعيط على نبيل بنعبدالله وقال ليه توكل على الله..والبقية تعرفونها جيدا...