الإضراب العام ليوم 24 فبراير أي رهان تنظيمي في سياق وضع اجتماعي مأزوم ؟

الإضراب العام ليوم 24 فبراير أي رهان  تنظيمي في سياق وضع اجتماعي مأزوم ؟

 قررت أخيرا النقابات الأربع (الاتحاد المغربي للشغل، و الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، و الاتحاد العام للشغالين،و الفيدرالية الديمقراطية للشغل) خوض إضراب عام يوم 24 فبراير 2016 .  إضراب يهم قطاعات الوظيفة العمومية  ، و الجماعات الترابية  ، و مؤسسات القطاع العمومي ذات الطابع التجاري و الاداري و الصناعي و الفلاحي، و شركات القطاع الخاص بكل القطاعات المهنية، و التجار و الحرفيون و المهنيون.

الإضراب العام الذي لم تكتب له الأجرة و التنفيذ منذ دجنبر 1990 إي منذ عهد الحسن الثاني و سنوات الجمر . وكانت آنذاك محطة فارقة في رفع شيء من الخوف على الشغيلة المغربية التي عانت الكثير قبل ذلك – وحتى بعده – كانت محطة الإضراب تلك  ( بالإضافة إلى عوامل و مكونات أخرى ) انطلاقة لمسلسل تسويات  و توافقات و تحولات في المشهد السياسي و الحقوقي بالمغرب ، قادت إلى حكومة التناوب 1998 و سلاسة انتقال السلطة إلى الملك محمد السادس سنة 1999  بعد ذلك .

وقبل ذلك كانت الاحتجاجات الشعبية بالمغرب تتحول إلى مجازر و تصفيات و قمع ( 23 مارس 65 ، يونيو 81 ، يناير 84 ).

كما نشير إلى محطة 20 فبراير 2011 التي جاءت في سياق إقليمي و عربي تم التحكم فيها بوعود كثيرة و بدستور جديد و بتغيير سيناريوهات كانت معدة لحكومة مسبقة . وجاءت الحكومة الحالية – الشبة إسلامية و المحافظة – واستمرت أزمة المجتمع المغربي و تحولاته التي لا ترضي الطموحات .

هي فقط توطئة و تذكير بمحطات في تاريخ النضال النقابي و الشعبي بالمغرب ، ونحن ملزمون بهذا التذكير كي نقرأ المحطة الحالية . و هو ما يقودنا لطرح السؤال الجدلي الراهن :

-         هل ستكون محطة 24 فبراير 2016  محطة فارقة مرة أخرى في تاريخ الحركات الاحتجاجية بالمغرب ؟

مؤشرات عدة تجعل من الأمر و المرحلة  أكثر تعقيدا مما يظهر للمتتبع و كل الاحتمالات تبقى واردة .

1 – قد تنفذ النقابات الأربع قرار الإضراب العام بشكل عاد و محتشم و بمشاركة هزيلة للشغيلة و باقي الفئات المعنية و المدعوة للإضراب ، و هو احتمال تزكيه وضعية النقابات و تراجعها في تأطير الشغيلة و الشارع مؤخرا نتيجة  وضعياتها الداخلية و التنظيمية ، و نتيجة التحولات السياسية و الاجتماعية التي يعرفها المغرب . و هو الأمر الذي سيقود إلى أزمة حقيقية داخل النقابات و إطارات التأطير ، وسيتم الإعلان الفعلي عن موت العمل النقابي بالمغرب بشكل علني ومعلن ، مما سيفتح الباب أمام مغامرات تنظيمية جديدة .

2 – قد ينجح الإضراب و تتكبد الدولة خسائر في اقتصادها الهش أصلا بحكم الظرفية و البنيات ، مع شرط التعامل السلس و الحكيم مع الإضراب في جانبه التنظيمي ومن  قبل جميع الأطراف ( النقابات الداعمة للمحطة ، الدولة و الأمن ..) ، و هو الأمر الذي يستدعي التحاق السكرتاريات و شبة النقابات و التنظيمات التي بدأت تقود و تتبنى مجموعة  من الفئات و المطالب ( الأساتذة المتدربين ، الأطباء ، حركات اجتماعية أخرى ذات البعد المطلبي الاجتماعي و الاقتصادي ) ، و هذا الأمر قد يرغم الحكومة الحالية و المغامرة جدا في تعاملها مع المطالب و الملفات الاجتماعية و خصوصا التي تهم ما كان يعرف بالفئات المتوسطة كالموظفين ..على التراجع ، وهو التراجع الذي سيترجم في الانتخابات التشريعية المقبلة  ، لتمهد الطريق أمام سيناريو ما قبل 2011.

3-  قد تتفاعل المكونات المحركة للاحتجاج و الإضراب  و قد تنضاف لها مكونات أخرى  لا تزال في الكمون مستغلة الظرفية المتقلبة و أزمة التنظيمات التي يعرفها المغرب ، وقد ينفلت الأمر خصوصا إذا تم التعامل مع الوضع ومع الشارع بمنطق التأجيج .

هي سيناريوهات محتملة ، وإن تباينت في شكلها فهي تبقى واردة بحكم الاحتقان الذي يعرفه الوضع الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي بالمغرب في المرحلة الراهنة . الوضع الذي يفترض الكثير من الحكمة ، و إرساء الحكامة الكفيلة بتدبير و تبرير الاحتقان .