الحلقة السادسة من سلسلة كتابات الأستاذ النوري محمد نتناول من خلالها مجموعة من المواقف والقراءات عبر عنها بصدق ووفاء وإخلاص ذات الفاعل المدني والجمعوي والرياضي، تقدمها "أنفاس بريس" للقراء لإنعاش ذاكرتنا الرياضية الوطنية ونستخلص منها العبر.. هي مواقف تتضمن قضايا الرياضة والرياضيين، استحضر من خلالها الأستاذ محمد النوري مسار الرياضة عبر التاريخ والذاكرة الشعبية مرورا على النبش في كونها كانت مدخلا نضاليا للوطنيين ضد المستعمر بعد أن حولتها مافيا الريع لمستنقع متعفن تستفيد منه "نخبة الرياضة" ضدا على تطلعات الشعب المغربي وإقصائه من التمرين على الآليات الديمقراطية بواسطة الرياضة وإشراكه في قراراتها، مما انعكس على جميع الرياضات الجماعية سلبا وتدحرجت من الريادة نحو الردة.. فما هي إذا خلاصات الفشل الرياضي، حسب النوري؟
ـ من الريادة إلى الردة:
لا بد من اعتبار الرياضة نشاط اجتماعي واقتصادي لا يمكنها أن تتقدم وتتطور بمعزل عن الأنشطة الأخرى، مما يفيد أن الإنجازات التي كانت في بعض الرياضات هي إنجازات خارج المنطق والتي لا فضل للدولة فيها، لذلك سيكون الكلام عن نجاحات الرياضة تجاوزا، أما الحديث عن الإخفاقات فهو الواقع العادي للرياضة المغربية لغياب منظومة سياسية متكاملة تهتم بالأنشطة الرياضية للمواطن المغربي .
أسئلة عديدة طرحت علي تتعلق بأسباب تراجع الرياضة، وهم يقصدون تلك النجاحات التي خلفتها السيقان المغربية، والتي لم تكن نتيجة تخطيط سياسي أو رياضي، بل هي فلتات قدرية جاءت في أزمنة متفرقة أو متصلة عبر عدائين ولاعبين استثنائيين قد لا يجود الزمن بمثلهم .
هل يمكن أن تتكرر تجربة الظاهرة بن امبارك، عويطة، السكاح، عاشق، أو الكروج ..؟ لا أعتقد ذلك لأن ظاهرة مثل هؤلاء تستنفر بنية متكاملة في البنيان الرياضي السياسي التي ترصد الميزانيات والكفاءات اللازمة لصناعة مثل هؤلاء الأبطال، يكفي أن نشير أن كلفة بطل أولمبي أمريكي تصل الى 28 مليون دولار، أي أن الأبطال تتم صناعتهم في الدهاليز السياسية، وفي المختبرات العلمية والطبية، وتحت إشراف مدربين استراتيجيين (des stratèges)
عندنا تطورت البنية التحتية من خلال ملاعب القرب والملاعب الكبرى، أو الحلبات المطاطية ومراكز التكوين، وفي صعود أعداد الممارسين، لكن هذه الطفرة لم يقابلها تغيير في العقلية أو تجديد في نخب التسيير ولا حتى في تدبير الشؤون اليومية لهذه الرياضة، دون أن نتكلم عن هزالة الإشراف التربوي والتقني، الدول الصناعية الكبرى هي التي تستحوذ على صدارة الترتيب في كل الألعاب الأولمبية جراء اقتصادياتها المرتفعة "منها المخصصات المرتفعة للقطاع الرياضي" وشساعة أراضيها وحجم سكانها "أمريكا، الصين، روسيا، استراليا، البرازيل".. لذلك فالنتائج الحالية للرياضة المغربية هي نتائج طبيعية عاكسة لأزمة بنيوية في السياسة المغربية .