ننشر الحلقة الرابعة من سلسلة كتابات الأستاذ النوري محمد، والتي نتناول من خلالها مجموعة من المواقف والقراءات عبر عنها بصدق ووفاء وإخلاص ذات الفاعل المدني والجمعوي والرياضي، تقدمها " أنفاس بريس" للقراء لإنعاش ذاكرتنا الرياضية الوطنية ونستخلص منها العبر.. هي مواقف تتضمن قضايا الرياضة والرياضيين، استحضر من خلالها الأستاذ محمد النوري مسار الرياضة عبر التاريخ والذاكرة الشعبية مرورا على النبش، في كونها كانت مدخلا نضاليا للوطنيين ضد المستعمر بعد أن حولتها مافيا الريع لمستنقع متعفن تستفيد منه "نخبة الرياضة"، ضدا على تطلعات الشعب المغربي وإقصائه من التمرين على الآليات الديمقراطية بواسطة الرياضة وإشراكه في قراراتها، مما انعكس على جميع الرياضات الجماعية سلبا وتدحرجت من الريادة نحو الردة.. فما هي إذا خلاصات الفشل الرياضي حسب النوري؟
إذا كانت الرياضة بوابة الوطنيين للنضال من أجل الاستقلال، فهي مدرسة للتمرين الديمقراطي عبر الفرق والجمعيات الرياضية التي تكونت في الأحياء حتى أصبحت بعض الفرق تعرف بالمنطقة التي رأت النور فيها، الوداد البيضاوي يعرف بالمدينة القديمة، الاتحاد البيضاوي يعرف بالحي المحمدي وعلى نفس النسق فرق الرجاء البيضاوي، والفتح الرباطي، والمغرب الفاسي، والمغرب التطواني.. كل الفرق والأندية تعرف بمجالها الجغرافي، وحتى برؤسائها التاريخيين .
هذه المدرسة كانت تراوح مكانها مرة مع التطبيع الديمقراطي ومرة مع تدخل السلطة لتضبط الإيقاع الرياضي حسب هواها لا حسب المنتسبين الى الفريق، وخاصة وأن هذه الفرق في معظمها كانت تعتمد في تمويلاتها على ما تجود به السلطات المحلية.. وقد استولت بعض الشخصيات القريبة من السلطة على بعض الفرق الرياضية لكرة القدم، كالكوكب المراكشي، نهضة سطات، الفتح الرباطي، سيدي قاسم، وبعضها ما زال مستمرا، والبعض الآخر أفل بفعل موت صاحبها أو بفعل الاندحار من السلطة.. وكان هذا على الصعيد المحلي، وهو ما انتقل ألى الوطني بفعل أن السلطة وضعت يدها على كل الجامعات الرياضية بإخراج مسرحي بعيدا عن الأعراف الديمقراطية على اعتبار أن هذه الأجهزة تشرف على منتخبات تدافع عن الراية، وكأن الذين ستقودهم الديمقراطية إلى هذه الأجهزة سيدافعون عن راية أخرى. ويمكن أن تستعرضوا الأسماء التي تشرف حاليا أو سابقا على الجامعات المهمة لتعرفوا حقيقة التحكم في النشاط الرياضي.. وقد سبق لي أن كتبت مقالا في نهاية الثمانينات عنونته بـ "مخزنة النشاط الرياضي" فتدخل ديوان الوزير السملالي بصفة غير مباشرة لدى رئيسي المباشر كي أكف عن الضرب على الوتر الحساس.. ومع ذلك لا يمكن أن ننكر دور الرياضة في التربية على الآليات الديمقراطية من خلال الانخراط والمساهمة والتصويت في الجموع العامة، وهو ما تنبه له المشرع المغربي سواء عبر الدستور أو عبر القانون المنظم .