ننشر الحلقة الثالثة من سلسلة كتابات الأستاذ النوري محمد، والتي نتناول من خلالها مجموعة من المواقف والقراءات عبر عنها بصدق ووفاء وإخلاص ذات الفاعل المدني والجمعوي والرياضي، تقدمها "أنفاس بريس" للقراء لإنعاش ذاكرتنا الرياضية الوطنية ونستخلص منها العبر، هي مواقف تتضمن قضايا الرياضة والرياضيين، استحضر من خلالها الأستاذ محمد النوري مسار الرياضة عبر التاريخ والذاكرة الشعبية مرورا على النبش في كونها كانت مدخلا نضاليا للوطنيين ضد المستعمر بعد أن حولتها مافيا الريع لمستنقع متعفن تستفيد منه "نخبة الرياضة" ضدا على تطلعات الشعب المغربي وإقصائه من التمرين على الآليات الديمقراطية بواسطة الرياضة وإشراكه في قراراتها، مما انعكس على جميع الرياضات الجماعية سلبا وتدحرجت من الريادة نحو الردة.. فما هي إذا خلاصات الفشل الرياضي حسب النوري؟
- رياضة النخبة ورياضة الشعب
بالرغم من التنصيص دستوريا على وجوب توفير كل الظروف لممارسة الرياضة والتربية البدنية، إلا أن واقع الحال يؤكد أننا شعب نأكل كثيرا ونتحرك قليلا، ونستسلم مبكرا لمختلف الأمراض ويعود الأمر الى أن أولياء أمورنا السياسية ما زالوا يعتبرون أن الصرف الصحي والماء والكهرباء والتعليم والصحة أسبق من الرياضة والتربية البدنية، وهم لا يعلمون حجم الفاتورة التي توفرها مادة التربية البدنية من خلال التوازن النفسي الحركي ومفعولها في عملية التنشئة والإدماج الاجتماعي، فضلا عن الاقتصاد في ميزانية وزارة الصحة بفعل أن هؤلاء لا يترددون على المستشفيات والصيدليات، كما أن الرياضة هي عامل أساسي في التماسك الاجتماعي وحب الوطن ورفد مهم للنمو الاقتصادي لما توفره من إمكانات لوجيستيكية للتسويق والإشهار.. وهي واجهة كذلك ديبلوماسية تضاهي مختلف أنشطة القنصليات والسفارات. وقد أشار إلى ذلك الملك الراحل الحسن الثاني حينما فاز العداء سعيد عويطة بالميدالية الذهبية في مسافة 1500م بالألعاب الأولمبية سنه 1984 بأمريكا.. لكن مع كامل الأسف فإن مادة التربية البدنية لا وجود لها في المرحلة الابتدائية للتعليم بالرغم من إلزاميتها دستوريا ولدورها البيداغوجي، وخاصة في مرحلة مهمة من عمر الطفل وحتى المرحلة الإعدادية والثانوية، فإن ممارسة هذه المادة تشوبها العديد من الاختلالات مما يفيد أن وظيفتها معطلة، أما النشاط الرياضي في مجمله لا يصل إلى واحد في المائة من مجموع ساكنة المغرب، حيث أن عدد الممارسين بمختلف الجامعات الرياضية يبقى عددا ضئيلا يفيد بأننا شعب غير رياضي بالمقارنة مع بلدان مماثلة كتونس قبل الثورة مثلا.
هذا يعود إلى غياب سياسة رياضية واضحة محددة الوسائل والأهداف، ويتجلى ذلك في هزالة الميزانية المخصصة للوزارة الوصية، وما ترصده الجماعات المحلية والجهوية يكاد يسكن منطقة الصفر في كل ميزانية.
وهو الشيء الذي يؤكد عدم استقرار نتائج كل الرياضات والتي تتذيل سبورة الترتيب الدولي، أما تلك الإنجازات الكبرى التي قام بها الأبطال الكبار مثل الطاهر بن اسماعيل، بكير بن عيسى، العربي بن امبارك، سعيد عويطة، نوال المتوكل، السكاح، الكروج... هم فلتات قدرية لا فضل للسياسة فيها.