في سياق الجدل الذي أثير حول إقالة بادو الزاكي من تدريب المنتخب الوطني لكرة القدم في خطوة مفاجئة من جامعة فوزي لقجع هزت الشأن الرياضي، اتصل موقع "أنفاس بريس" بالصحافي الرياضي منير باهي، كاتب عمود "غير داوي" بيومية "المساء"، ووافانا بتصريح يبرر فيه دفاعه عن الزاكي وتشبثه ببقائه على رأس الإدارة التقنية للمنتخب الوطني، خاصة وأنه كان من أبرز الأقلام الرياضية التي تنبأت بالاستغناء عنه في مقالاته وسط "حقل" كروي تسوده تجاذبات وصراعات بين أقطاب الأندية الوطنية المشكلة للمكتب الجامعي، ولم يشكل له القرار "مفاجأة". وهو القرار الذي كان بحجم "الصدمة" بالنسبة للعديد من المغاربة المتابعين لأخبار المنتخب الوطني الأول، والذين ذهلوا أولا من سرعة إقالة بادو الزاكي، ثانيا من أسلوب الإقالة الذي لم تشهد له الكرة الوطنية مثيلا منذ تأسيس "قلعة" الجامعة الملكية لكرة القدم، لاسيما وأن تخلي لقجع عن الزاكي جاء بلا "مقدمات" وبرصيد من الانتصارات تجعل بادو الزاكي "بريئا" حتى تثبت هزيمته في اللقاءين المصيريين أمام الفريق العنيد منتخب "الرأس الأخضر".
طبعا لم أصدق الخبر، ليس لأنني أتمنى ألا يكون صحيحا، بل لأن هناك أسبابا متعددة تمنع من تصديقه.
أولا، لأن بادو الزاكي لم تعينه الجامعة باقتراح من سمسار أو لوبي معين، بل جاءت نتيجة مطالب شعبية ملحة لعدة سنوات، وبالتالي ينبغي أن تمنح له الفرصة كاملة حتى النهاية، تماما كماف منحت لعبد الإله بنكيران مثلا رغم كل أخطائه.
ثانيا: إذا كانت إقالة محمد فاخر مبررة بحكم فشله في تحقيقه الأهداف المتعاقد عليها، فإن إقالة الزاكي غير مبررة مادام يسير في طريق تحقيق الأهداف، إلا إذا كان الغاية من تعاقب الإقالتين الإيحاء بتغيير جذري سيحدث في الكرة المغربية. والحال أن التغيير لا يتحقق بتغيير المدربين بل بحل الجامعة ومحاسبة المسؤولين، ومعاقبة الفاسدين منهم.
ثالثا، نفى رئيس الجامعة بلسانه كل ما تم تداوله بخصوص تعويض الزاكي بالمدرب رينار هيرفي، وأكد أن الزاكي باق في منصبه. لذا لا يمكن أن يطلع لقجع في النهاية كذابا دون أن نسمع عن اعتذاره للشعب عن كذبته، وإذا كان صادقا ولم يكن يعرف حقا، فإننا لم نسمع أحدا يدعو إلى تحقيق لمعرفة الجهة الأقوى من لقجع الذي يبدو رئيسا ورقيا.
رابعا، لو كانت إقالة الزاكي مباشرة بعد هزيمة غينيا لبدت مقبولة نسبيا، كاستجابة لغضب الجماهير التي نادت به في البداية. لكن أن تكون نتيجة لتقرير أعده من؟ شخص اسمه نور الدين البوشحاتي. هل يمكن أن يقرر شخص ليس له ما يشتهر به سوى أنه عراب الحملات الانتخابية لإلياس العماري في مصير مدرب وصل إلى نهائي كأس إفريقيا، ونادى الشعب بعودته لتكرار الإنجاز؟ وإذا كان تقرير ناصر لارغيت هو الذي حسم في القرار، فتلك قصة أخرى.
خامسا، أي مدرب سيأتي بعد الزاكي سيجد من المبررات ما يكفي إذا كانت هناك أية نتيجة سلبية أمام الرأس الأخضر، وسيجد حتى الدعم من المسؤولين، تماما كما حدث مع فاخر حين تسلم من الزاكي منتخبا كان على وشك الفوز بكأس إفريقيا، والتأهل إلى مونديال ألمانيا... فشارك به في الدور الأول بمصر بعد أن عززه باللاعب أوشلا دون أن يسجل أي هدف. ومبرره كان واضحا، تسلم المنتخب في وقت ضيق.
سادسا، عند التعاقد مع المدرب الذي يتم الترويج له، سيسعى الناس إلى معرفة الأجر الشهري الذي تم الاتفاق حوله. وهنا إذا كان الرقم أكثر من 50 مليون فهو يضرب وهم ترشيد النفقات كما يتم تداوله، وإن كان أقل، فلا يوجد مدرب أجنبي سيتقاضى أقل مما كان يتقاضاه المحلي... وهذا ما يفتح الباب أمام لغط كبير يختفي وراءه المفسدون والانتهازيون والسماسرة والفشلة...
هذا لماذا لا يمكن أن أصدق خبر إقالة الزاكي.. أما بعد تأكيد الخبر، فطبعا لدي قراءتي للأسباب التي دفعت إلى اتخاذ القرار، وهي في النهاية تفسيرات مغرضة!