تم الإعلان مؤخرا عن توقيع اتفاقية للتأمين الفلاحي بين وزير المالية والإقتصاد ووزير الفلاحة والصيد البحري وممثل عن شركة خاصة للتأمين. وهي الإتفاقية التي أثارت جدلا كبيرا، لأن الشركة الفائزة بالصفقة ليست سوى لوزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة. "أنفاس بريس" اتصلت في الموضوع بالدكتور نجيب أقصبي، أستاذ بالمعهد العالي للبحث الزراعي وأجرت معه الحوار التالي:
ما رأيك في أن يكون وزير الصناعة والتجارة خصما وحكما في نفس الوقت عندما تفوز شركته بصفقة التأمين الفلاحي. أليس ذلك خرقا لقواعد المنافسة الشريفة؟
لقد ناقشنا هذا الأمر بيننا نحن مجموعة من زملاء المعهد وطرحنا نفس السؤال، ومع ذلك لا يمكنني الحديث بإسهاب في الموضوع دون أن تكون عندي أخبار مضبوطة ومعلومات مؤكدة.
لكن توقيع الإتفاقية كان رسميا بالفعل..
نعم، ولكن أنا أتساءل عما وراء التوقيع، وماذا يعني التأمين في هذا الوقت بالذات؟ ﻷن التأمين في المجال الفلاحي من طبيعته وخاصة بالنسبة للحبوب يكون في أكتوبر وبداية الموسم، أما إذا تم الإنتظار حتى ظهور معالم الجفاف. فماهي جدوى التأمين؟ ومن هي شركة التأمين التي ستغامر وتوقع التأمينات في مثل هذه الظروف؟ خاصة والمعروف عند الجميع أنه توجد إلى يومنا هذا شركة تأمين "لامامدا" مختصة في المجال الفلاحي. وبالتالي، فماهو الدافع إذن أن تبدأ الموسم مع "لامامدا" ثم تأتي الآن لتغيرها بشركة أخرى؟ ثم ماهي طبيعة الإتفاقية الجديدة، هل هي تحويل أو تغيير أو شيء آخر؟ فالملاحظ أن "لامامدا" إلى حد الآن تقوم بمهامها، بل أكثر من ذلك فمن للمؤكد أن ثلثي هذا التأمين تؤديه الدولة لأن قانون التأمين أصلا ينبني على الدعم الكبير الذي تمنحه الدولة حتى يقوم التأمين بمهمته. وبالتالي فالدولة في الحقيقة هي من تأخذ المغامرة وتركب المخاطر. اما "لامامدا" فلا تقوم إلا بالتدبير. لهذا فالوضع يطرح علامة استفهام؟
إذا كانت الشركة الوحيدة "لامامدا" تقوم بواجبها إلى الآن. فلماذا يتم تغييرها في رأيك؟
لقد قلت بأني أطرح بدوري نفس اﻷسئلة. فشركة التأمين المعروفة في ميدان الفلاحة دائما ومنذ القديم هي "لامامدا". فلماذا يتم تغييرها؟ هل لأنها لم تقم بمهامها؟ هل تنقصها الإمكانيات؟ بل السؤال الأهم والذي يشكل بالنسبة لي الأكثر خطورة هو لماذا يتم التغيير الآن بالضبط ؟ فهنالك خيار بين احتمالين هما: أولا إما أن الإتفاقية تهم حبوب و (زرع ) هذا الموسم الفلاحي وهذا أمر خطير، وإما تعني الموسم المقبل أو الزراعات المتأخرة كالربيعية مثلا وهذا أمر آخر. وأعتقد أن هنالك شيئا ما غير مفهوم في هذه القضية. وبكل موضوعية فلا يمكن المجازفة برأي أو أجوبة حاليا، بل الذي يبقى مشروعا هي الأسئلة التي طرحناها قبل قليل والتي يتعين على المسؤولين الإجابة عنها حتى يمكننا تقييمها وتحليلها، فما وقع غريب وخطير فعلا بعدما شاهدنا على نفس الطاولة وزير الفلاحة ووزير المالية وممثل شركة التأمين "سهام" التابعة لوزير التجارة والصناعة وهم منهمكين في توقيع الإتفاقية، والتي تتعلق بداية بأكثر من مليار درهم. إنها مرة أخرى أسئلة معلقة وتحتاج لأجوبة مقنعة!!