مرسومان يفصلان تكوين الأساتذة عن التوظيف ويخفضان قيمة منحهم...قرار قد يكون عاديا..وقد يكون عاديا كذلك رفضه من طرف المعنيين بالأمر..وقد يكون التظاهر في الشارع العام احتجاجا عليه عاديا كذلك...وقد يكون هناك تدخل أمني لمنع هذا التظاهر، وهو أمر عادي كذلك إذا ما تم احترام المساطر القانونية التي يفرضها ظهير نوفمبر 1958 والقوانين المعدلة والمكملة له من طرف القوات العمومية التي قامت بالتدخل.. ولكن ما هو غير عادي تماما هو أن تتنصل الحكومة ورئيس الحكومة من المسؤولية عن هذا التدخل الأمني الذي يبدو أنه لم يكن متلائما مع حجم "الخطر" الذي شكله أو كان من الممكن أن يشكله احتجاج "أساتذة الغد" على النظام العام...مما دفع المديرية العامة للأمن الوطني إلى فتح تحقيق إداري حول ظروف وملابسات هذا التدخل في أفق اتخاذ التدابير اللازمة في حق عناصر القوات العمومية في حالة إخلالها بالبروتوكول القانوني والمسطري المعمول به في مسألة التظاهر في الشارع العام...
هذا التنصل من المسؤولية جاء على لسان السيد نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، حيث قال أن ” الحكومة لا تتحكم في جميع القرارات"...كما جاء على لسان السيد وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة مصطفى الخلفي الذي برأ الحكومة من مسؤولية تعنيف الأساتذة المتدربين مكتفيا بالتذكير أن " التجاوزات في التعامل مع المظاهرات السلمية أمر مرفوض... وأن أي تجاوز أو اجتهاد فردي من طرف القوات العمومية يبقى أمرا معزولا ولا ينبغي تحميل الحكومة مسؤوليته..." هو تنصل لا يستقيم مع القانون ومع السياسة ومع أصول الديمقراطية التي يبدو أن دستور 2011 أسس لها...فالحكومة ورئيس الحكومة مسؤولان على الإدارة التي وضعها الدستور تحت تصرفهما وسلطتهما...
إن أصابت هذه الإدارة في تدبير الاحتجاج، فالسيد ابن كيران هو أول من يحصد ثمار نجاحها..وإن أخفقت في اشتغالها، وجبت محاسبته هو لا غيره.. فالسيد رئيس الحكومة، هو المسؤول الأول عن الشرطة الإدارية في البلاد، وعن الشرطة بمفهومها الضيق حينما يتعلق الأمر بتدبير ملف الاحتجاجات والتظاهرات في الشارع العام..فالحفاظ على النظام العام يبدأ في المقام الأول من ضرورة التواصل حول النصوص القانونية التي تتخذها الحكومة تحت سلطة رئيسها..حيث أعتقد شخصيا، أن السيد رئيس الحكومة ووزيره في الاتصال لو قاما بوضع خطاطة تواصلية حول المرسومين اللعينين عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية لشرح مرامي وأهداف النصين لإقناع الرأي العام، وبإشراك "أساتذة الغد" أنفسهم في الخطة التواصلية تلك، لما كان هناك احتجاج في الشارع العام، وحتى وإن حصل، لكانت الحكومة في مأمن من الانتقادات ولأعطت الشرعية السياسية الكافية لاشتغال إداراتها الشرطية في المحافظة على النظام العام إن دعت الضرورة لذلك طبعا...