قبل أسبوع، انتقل أمنيون مغاربة، وعلى رأسهم ياسين المنصوري مدير «لادجيد»، وعبد اللطيف الحموشي مدير«الديستي»، يتقدمهم محمد حصاد وزير الداخلية، إلى فرنسا، وذلك في سياق تعميق التعاون الأمني بين البلدين، وفي سياق ملء التعهد المغربي بتقديم المساعدة إلى الفرنسيين لكسر شوكة داعش التي علقت بحلق مدينة الأنوار على دفعتين، كانت آخرها الضربة التي أودت بحياة أكثر من 130 شخصا.
ماذا تعني هذه الزيارة؟ وماذا يعني تهافت أجهزة الأمن الأوربية والأمريكية من أجل الاستفادة من الخبرة الاستخباراتية المغربية؟ وماذا يعني الاعتراف بالنموذج الأمني الذي أقامه المغاربة لتطويق مقاتلي دولة «سيدنا» أبوبكر البغدادي ومحاصرتهم وتضييق الخناق عليهم عن طريق اقتناص المعلومة وتوظيفها في الوقت المناسب لتفكيك الخلايا الإرهابية وكشف عناصرها أو ذئابها المتفردة؟
هذا يعني، أولا، أن التجربة والخبرة الكبيرتين اللتين راكمتهما المخابرات المغربية بمختلف أصنافها الخارجية (لادجيد)، والداخلية (الديستي)، المدنية والعسكرية، استطاعت أن تحوز سمعة دولية جعلت العديد من العواصم تبادر إلى توقيع اتفاقيات أمنية مع الرباط، حيث أصبح المغاربة رقما صعبا لا يمكن تجاوزه عند الحديث عن «الحرب ضد الإرهاب».
وهذا يعني، ثانيا، أن الأجهزة الساهرة على حماية الأمن العام ببلادنا، بإمكانها أن تقدم، بحرفية عالية، الدعم الاستعلاماتي إلى أصدقائها عبر العالم، وفي المقدمة فرنسا -التي ما كان لها أن تحاصر أبي عود، مخطط هجمات باريس الأخيرة (13 نونبر2015) لولا الدعم المغربي الذي حدد موقعه بإحدى شقق سان دوني- وبلجيكا (التي بادرت هي الأخرى إلى طلب الدعم وإرساء تعاون وثيق مع المغرب).
وهذا يعني، ثالثا، أن تقرير الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان (شتنبر الماضي)، والذي يعتبر أن المغرب «يتوفر على أقوى جهاز استخباراتي في العالم العربي، سواء من حيث مهنية واحترافية العاملين في صفوفه، أو في عملياته الاستباقية لإفشال العديد من المخططات الإرهابية»، يؤكد أن دور المغرب، بخصوص التطورات الكثيرة المرتبطة بالخطر الإرهابي سواء على المستوى الإقليمي أو الجهوي أو الدولي، أصبح الآن محوريا، خاصة على المستوى الإقليمي، وذلك بسبب التطورات الخطيرة التي عرفها الارتفاع في تدفق إرهابيين، سواء من المغرب أو غيره من البلدان للالتحاق بتنظيمات الإرهاب في العراق وسوريا وتهديدات هؤلاء الإرهابيين بعد العودة إلى بلدانهم؛ وهو الأمر يضيف التقرير الذي جعل الخبرة المغربية الكبيرة، في مجال الاستخبارات التي اكتسبها في السنين الأخيرة في محاربة التنظيمات الإرهابية، مطلوبة أكثر من أي وقت مضى.
لقد كان المغرب فعلا سباقا إلى وضع استراتيجية قوية لحماية أمنه القومي. ولعل هذا ما دفعه إلى جعل «المجلس الأعلى للأمن»، الذي ما زال ينتظر نصه التنظيمي، مؤسسة دستورية بمنطوق الفصل 54 من دستور 2011. ويرأس الملك هذا المجلس باعتباره القائد العام للقوات المسلحة الملكية. كما تتألف تركيبة هذا المجلس من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوزراء المكلفين بالداخلية، والخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، إضافة إلى المسؤولين عن الإدارات الأمنية، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية؛ وهو ما يعني أن المغرب مدرك لأهمية هذا الجدار الأمني الجديد الذي لا تنافس فيه بين مختلف الأجهزة سوى على ضمان أمن واستقرار البلاد والعباد. لقد ظلت «الديستي» و«لادجيد»، كجهازين أمنيين بالغي الأهمية، في طليعة الأجهزة الأخرى التي تسابق نفسها من أجل مطاردة الكثبان المتحركة للإرهاب وتجفيف منابته وملاحقة مقاتليه أينما وجدوا. فـ «لادجيد»، مثلا، يقال عنه إنه ترمومتر الارتعاشات المعادية للمغرب في أي نقطة من العالم. أما «الديستي»، فقد حققت مع مديرها عبد اللطيف الحموشي (الذي استحق أكثر من وسام في إسبانيا وفرنسا، ومن بلاده أيضا)، نجاحات كبيرة، حيث تمكنت من إحكام خطة استباقية فعالة، الأمر الذي مكن من تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية التي كانت تهيء لاعتداءات وأعمال تخريبية.
ومع ذلك، فلا يمكن تجاهل العمل الكبير التي تقوم به الأجهزة الأخرى، وعلى رأسها المكاتب العسكرية الخمس وأجهزة الاستعلام التابعة للداخلية أو للأمن الوطني فضلا عن الدرك الملكي ومفتشيات القوات المساعدة وأعوان السلطة، وهي كلها دروع واقية تحمي البلاد والعباد.
محمد أحداف، أستاذ العلوم الجنائية بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
الحاجة اليوم ملحة إلى إحداث المجلس الأعلى للأمن القومي
استيقظ العالم كله، ووسائل الإعلام العالمية ذات صباح في سان دوني شمال باريس على حجم الاختراق والنجاح المذهل الذي حققته أجهزة المخابرات المغربية في تفكيك خلايا إرهابية نائمة بفرنسا على إثر الاعتداءات الإرهابية الأخيرة التي هزت عاصمة الأنوار.
وقد كان من ضمن آثار هذه النجاحات المذهلة أن أصبحت أجهزة المخابرات العالمية تخطب ود المخابرات المغربية وتسعى إلى توقيع اتفاقيات شراكة من أجل تعاون أمني واستخباراتي لتعزيز قدرات الاستخبارات الأوروبية، لاسيما بعد الضعف الذي أبانت عنه سهولة الاختراق الذي حققته هذه الشبكات الإرهابية لفضاء شنغن. ورغم العتاد اللوجستيكي المتقدم تقنيا الذي تتوفر عليه هذه الأجهزة، ونوعية التكوين الذي يتلقاه رجالها ووحداتها وسخاء التمويلات العمومية لعملياتها، وهي أقل مما يتوافر للاستخبارات المغربية، الأمر الذي نجم عنه طرح تساؤلات حول هذا الجهاز، لاسيما تلك المتعلقة بالأسرار المبررة لقدراتها الخارقة هذه في تعقب الشبكات الإرهابية.
العوامل
إن العوامل التي من شأنها تبرير قوة جهاز المخابرات المغربية ونجاحاتها المذهلة في إدارة عملياتها وطنيا ودوليا متعددة: فمن جهة يقع المغرب في محور جغرافي خطير، يعد طريقا سيارا للمنظمات والشبكات الإجرامية والإرهابية، وطريقاً دولياً للمخدرات برا، بحرا وجوا. فالمغرب يقع بين الفوضى التي تعم حدود على الأقل ثمانية بلدان إفريقية، تعد إحدى سماتها البارزة غياب الدولة المركزية وانعدام ممارسة سيادتها الوطنية على حدودها البرية، الأمر الذي يشجع شبكات الجريمة المنظمة في ممارسة عملياتها بسهولة في تهريب البشر والأسلحة والمخدرات، كما تشجع هذه الظروف انخراط مرتزقة البوليساريو في الانغماس في هذه العمليات القذرة، وهي عوامل تبرر تقوية المغرب لجهازه الاستخباراتي.
ومن جهة ثانية، لا يتعين نسيان تأثير الحرب الباردة وصراع المعسكر الشرقي والغربي، وهي عوامل تاريخية يمكنها تقديم تفسير لأسباب قوة المخابرات المغربية، لاسيما وأن الجزائر كانت تعد امتدادا لكتلة موسكو، في ما المغرب كان حليفا للغرب وشهدت لهذه الأسباب منطقة المغرب العربي صراعا مخابراتيا كبيرا دون نسيان أن مصلحة المغرب تعزيز قدراته الاستخباراتية بسبب التهديدات الجدية التي تشكلها المافيا الروسية، والمافيا الأوروبية، بل وحتى شبكات أمريكا الجنوبية في مجال تهريب المخدرات، كما يعد من ضمن العوامل الرئيسية التي ترجح مصلحة المغرب لا في توفره على جهاز مخابرات قوي، بل وأيضا العمل باستمرار على تعزيز قدراته الميدانية والعملية توفر بلادنا على جالية مهمة بأوروبا مع المخاطر التي بدت تظهر منذ عقود في تغلغل الفكر الديني المتطرف وعمليات تمويل بعض الأنشطة الدينية وغيرها، وهي كلها عوامل تبرر منطقيا لماذا يسعى المغرب وعلى غرار بعض الأنظمة الاستخباراتية الناجحة عالميا مثل CIA وM6 والموساد، وبطريقة أقل مخابرات فرنسا وإسبانيا إلى الحصول على جهاز في مستوى التحديات الأمنية الوطنية، الإقليمية، والجهوية والدولية، ولم لا وعلى إثر تأكد حقيقة نجاحاته المذهلة، وشروع هذه الأجهزة الدولية في التقرب منه للاستفادة من خبرته ولأجل دعمها في محاربة الإرهاب. ويعرف المغرب على غرار العديد من البلدان تعدد وتنوعا في أجهزته الاستخباراتية المدنية منها والعسكرية. صحيح أن لكل منها مجال عمل مغاير على الأقل ظاهريا، إلا أن تعدد الأجهزة من شأنه أن يقودنا إلى طرح تساؤلات مشروعة حول الحاجة إلى إكثار هذه الأجهزة وما إذا كانت مرهقة للمغرب.
مما لاشك فيه أن التكلفة المالية الباهظة التي يدفعها المغرب لضمان تمويل هذه الأجهزة الاستخباراتية تعد مبررة على أكثر من صعيد، ذلك أن الاستقرار الأمني للمملكة هو مما لا يقدر بثمن خاصة أمام تنامي الاعتداءات الإرهابية والجريمة المنظمة.وسعي العديد من دول الجوار إلى الانغماس في عمليات زعزعة الاستقرار الداخلي للمغرب هو ما يبرر تعدد هذه الأجهزة، دون نسيان أن تعدد الأجهزة يعد صمام أمان لأجهزة الاستخبارات المغربية، لأن تعددها هو ما يضعف أي احتمال لتراخي أو إفلات أمر ما. وبالتالي، فما لا يصل إلى علم هذا الجهاز بالقطع سوف يصل إلى الجهاز الآخر، خاصة وأن هذه الأجهزة مستقلة ماليا وإداريا.
غير أن هذه الجوانب الإيجابية التي تعزز قدراتنا على مواجهة التحديات الأمنية قد تحمل بين طياتها سلبيات أخطرها ما يعرف بظاهرة صراع أجنحة أجهزة الاستخبارات. ومن المتفق عليه أن هجمات نيويورك أو أحداث 11 شتنبر ما كانت لتقع لو كان هناك انسياب مرن في انتقال المعلومة الاستخباراتية ما بين CIA التي تشتغل خارج التراب الأمريكي وبين FBI الذي يشغل داخليا.. وقد وصلت أنباء حول هجمات محتملة إلى الأجهزة الداخلية بعد وقوع هذه الأحداث الأليمة.
إن المغرب مدعو من جهة إلى الانكباب على مثل هذه القضايا لأجل تجاوز سلبيات تعدد الأجهزة والحروب السرية الطاحنة وعدم كشف المعلومات للأجهزة المنافسة لتحجيمها، وتقليص خطوط نجاحهاّ، وهو أيضا مدعو تفاديا لكارثة نيويورك التي تعد درسا استخباراتيا على الصعيد العالمي إلى بناء جسور تعاون مرن وبناء طرق سيارة بين هذه الأجهزة ضمانا لانسياب مرن للمعلومة الأمنية بين هذه الأجهزة ووصولها بسرعة إلى كل من يهمه الأمر من أجل ضمان حد أدنى من السرعة في اتخاذ القرار الملائم في الوقت المناسب.
التحدي
ومن المرغوب من وجهة نظرنا أن يتفادى المغرب عملية دمج الأجهزة الاستعلاماتية في جهاز واحد كما قامت به العديد من الدول مثل سويسرا وفرنسا وبلجيكا. وهل يتعين علنيا ملاحظة أن هذه الدول بالضبط هي التي تعاني أكثر من غيرها من نجاح العمليات الإرهابية، مقابل الدول التي حافظت على تعدد واستقلالية الأجهزة الوطنية للاستخبارات. والحقيقة أن قوة جهاز الاستخبارات الوطنية يعد وقوده الأساسي هو تعدد الأجهزة وعدم وحدتها وهذا ما يعد خيارا استراتيجيا هاما لا يتعين التخلي عنه.
التحدي الذي يواجهه المغرب في ما ينصرف إلى إدارة أجهزته الاستخباراتية هو الذي يتعلق بهامش الاستقلالية كل جهاز عن آخر، ومن جهة أخرى دمج هذه الأجهزة على مستوى قيادة عملياتها سعيا نحو توحيد القرار الاستخباراتي. وقد كرس دستور 2011 هذه القاعدة حين تم إحداث المجلس الأعلى للأمن القومي الذي سيتكفل بأدوار أمنية هامة أقلها رسم الاستراتيجية الوطنية في هذا الباب وتوحيد عمل هذه الأجهزة وبناء جسور التعاون بينها بشكل يضفي طابع مرنا على الاستقلالية الإدارية.
وأمام التحديات الأمنية العالية الراهنة، ولاسيما تنامي نزعة عولمة الإرهاب والإجرام الشامل وتطوير الجريمة المنظمة لآليات عملها، هو ما يقتضي الإسراع، قبل أي وقت مضى، من المغرب في إحداث المجلس الأعلى للأمن القومي كي يضطلع بالمهام الدستورية الموكولة إليه، بما يفضي إلى تعزيز آليات دعم الأمن القومي للمغرب ولحلفائنا.
المجلس الأعلى للأمن كما جاء في الفصل 54 من الدستور
يحدث مجلس أعلى للأمن، بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة. يرأس الملك هذا المجلس، وله أن يفوض لرئيس الحكومة صلاحية رئاسة اجتماع لهذا المجلس، على أساس جدول أعمال محدد.
يضم المجلس الأعلى للأمن في تركيبته، علاوة على رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الوزراء المكلفين بالداخلية، والشؤون الخارجية، والعدل، وإدارة الدفاع الوطني، وكذا المسؤولين عن الغدارة الأمنية، وضباط سامين بالقوات المسلحة الملكية، وكل شخصية أخرى يعتبر حضورها مفيدا لأشغال المجلس.
الظهير المنظم للمخابرات العسكرية
ظهير شريف يعتبر بمثابة قانون رقم 1.73.8 بتاريخ 7 ذي الحجة 1392 (12 يناير 1973) تحدث بموجبه مديرية عامة للدراسات والمستندات.
الحمد لله وحده
الطابع الشريف - بداخله:
(الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن الله وليه).
يعلم من ظهيرنا الشريف هذا أسماه الله وأعز أمره أننا:
بناء على الفصل 102 من الدستور:
أصدرنا أمرنا الشريف بما يلي:
الفصل الأول
تحدث مديرية عامة للدراسات والمستندات تلحق باللجنة العليا للدفاع الوطني ويعهد إليها بالمشاركة في المحافظة على أمن الدولة ومؤسساتها وتخضع لسلطة مدير عام.
الفصل الثاني
تضم المديرية العامة للدراسات والمستندات بالإضافة إلى ديوان المدير العام إدارة مركزية وهيآت تمثيلية في الخارج.
الفصل الثالث
تحدد اختصاصات الديوان ومختلف المصالح وكذلك قواعد تنظيمها الداخلي على شكل مكاتب وأقسام وتركيب الهيآت التمثيلية في الخارج بمقرر يتخذه رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية.
الفصل الرابع يحدد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية أيضا النظام الأساسي للعاملين بالمديرية العامة للدراسات والمستندات.
ويمكن نظرا لضرورة سير المصلحة ولطبيعتها الخاصة أن يتضمن النظام الأساسي المشار إليه أعلاه أحكاما مخالفة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وللقوانين والأنظمة المطبقة على موظفي الدولة.
الفصل الخامس ينشر ظهيرنا الشريف هذا المعتبر بمثابة قانون في الجريدة الرسمية.
وحرر بالرباط في 7 ذي الحجة 1392 (12 يناير 1973).
وقعه بالعطف: الوزير الأول الإمضاء: أحمد عصمان
ياسين المنصوري
من هم عيون الملك الأمنية؟
يتوفر الملك على مجموعة من الأجهزة المكلفة بجمع المعلومة الأمنية، وهي أجهزة تتنوع مهامها ووظائفها كما تختلف طبيعتها «مدنية عسكرية».
1- وزير الداخلية
2- مدير «الديستي».
3- مدير «لادجيد»
4- مدير الأمن الوطني
5- مدير الأمن العسكري
6- قائد الدرك الملكي
7- المفتش العام للقوات المساعدة بالمنطقة الشمالية
8- المفتش العام للقوات المساعدة بالمنطقة الجنوبية
9- الكتابة الملكية العسكرية الخاصة.
المدراء الذين تعاقبوا على المخابرات
المدنية
منذ تأسيس مديرية «الديستي» تعاقب عليها ستة مدراء وهم:
1- إدريس البصري، المدير الفعلي للجهاز منذ 1973 إلى 1999
2- حسين جميل «مسير» :من 1977 إلى 1983
3- عبد العزيز علابوش «مسير» : من 1983 إلى 1999
4-- حميدو العنيكري: من 1999 إلى 2003
5- أحمد حراري : من 2003 إلى 2005
6- عبد اللطيف الحموشي: منذ دجنبر 2005 إلى اليوم.
العسكرية:
منذ إحداث المخابرات العسكرية، وتعاقب عليها أربعة مسؤولين وهم:
1- الجنيرال أحمد الدليمي (من 1973 إلى 1982)
2- الجنيرال عبد الحق القادري (من 1983 إلى 2001).
3- الجنيرال أحمد الحرشي (منذ يوليوز 2001 إلى فبراير2005).
4- ياسين المنصوري «منذ فبراير 2005 إلى اليوم».
عبد اللطيف الحموشي
الظهير المنظم للمخابرات المدنية
ظهير شريف رقم 1.731.10 بتاريخ 7 ذي الحجة 1392 (12 يناير 1973) تحدث بموجبه مديرية عامة لمراقبة التراب الوطني.
الحمد لله وحده
الطابع الشريف - بداخله: (الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن الله وليه). يعلم من ظهيرنا الشرف هذا أسماه الله وأعز أمره أننا: أصدرنا أمرنا الشريف بما يأتي:
الفصل الأول: تحدث مديرية عامة لمراقبة التراب الوطني تلحق بوزارة الداخلية، وتكون مهمتها السهر على صيانة وحماية أمن الدولة ومؤسساتها وتخضع لسلطة مدير عام.
الفصل الثاني: تضم المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالإضافة إلى ديوان المدير العام مصالح مركزية وفرق محلية. الفصل الثالث: يحدد بمرسوم تركيب ديوان المدير العام. وكذلك عدد المصالح المركزية والفرق المحلية.
الفصل الرابع: تحدد بمقرر يتخذه المدير العام قواعد التنظيم الداخلي للمصالح المركزية والفرق المحلية وكذلك طرق تسييرها واختصاصاتها.
الفصل الخامس: ينشر ظهيرنا الشريف هذا بالجريدة الرسمية.
وحرر بالرباط في 7 ذي الحجة 1392 (12 يناير 1973).
وقعه بالعطف: الوزير الأول الإمضاء: أحمد عصمان
إحسان الحافظي، دكتوراه في العلوم الأمنية
المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي تشتغل مخابراته بشكل شفاف
ناقش الزميل إحسان الحافظي، مؤخرا بجامعة سطات، أطروحته لنيل الدكتوراه، حول «العلوم الأمنية» . «الوطن الآن» استضافته ليسلط الضوء على أسباب تألق الأجهزة الاستخباراتية بالمغرب في هذا الحوار قام الحافظي بتفكيك بنية المؤسسات الأمنية الموكول لها حماية الأمن العام للبلاد والعباد. ولم يفت محتورنا التوقف عند المقارنة بين النظم الأمنية بالخارج والمغرب وإبراز نقط قوة كل طرف سواء على المستوى البشري أو التقني، ليخلص في الأخير إلى أن التقنية لوحدها لا تنفع بل لا بد من عنصر بشري مؤهل واحترافي.
* فجأة اكتشف العالم أجهزة المخابرات المغربية التي امدت عدة دول بمعلومات مدققة حول عمليات إرهابية. ما الذي أكسب الأجهزة الاستخباراتية المغربية هذه الجودة في الوقت الذي نجد دولا عظمى لديها الأقمار الاصطناعية ووسائل متطورة في التصنت والمراقبة ومع ذلك طرقت باب المغرب الذي لا يتوفر على الموارد المادية الكبرى؟
** قوة الأجهزة الأمنية المغربية تكمن في استقلاليتها عن القرار السياسي، عكس ما عليه الأمر في بلدان أوربية تترجح فيها الأجهزة الأمنية، خاصة منها الشرطة، بين سياسات اليسار المبنية على الحقوق والحريات واليمين المناهض للأجانب. فالمسافة التي تأخذها المؤسسة الأمينة، بمختلف تشكلاتها المدنية والعسكرية والاستخباراتية، في علاقة بالشأن العام ساهم في تقويتها وجعل منها مرجعا في التعاطي مع التهديدات الأمنية الجديدة، سواء تعلق الأمر بالإرهاب أو الجريمة العابرة للحدود عموما. في تقديري أن أسلوب التشبيك الذي تنهجه الأجهزة الاستخباراتية في المغرب، ساهم في تقوية نفوذها البشري وفي وجودها بعدد من المؤسسات في الخارج، ذلك أن الحضور الاستخباراتي لا يقتصر في بلدان أوروبية مثلا، على المصالح الدبلوماسية والقنصلية في شخص مسؤول عسكري مكلف بتنسيق العلاقات مع مصالح هذه البلدان، بل يشمل نظام التشبيك الاستفادة من خدمات أئمة المساجد (قطاع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية) وموظفين في مؤسسات تعنى بالجالية (قطاع الوزارة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج)، علاوة على مصالح وزارة الخارجية، وهي طريقة تحقق هدفين: الأول يعزز العنصر البشري القادر على متابعة ومواكبة الحالة الاجتماعية والاقتصادية والدينية لمغاربة المهجر. أما الهدف الثاني، يهم تجميع المعطيات الأمنية وتوظيفها في تقدير المخاطر الممكن أن تهدد بلادنا عبر أدوات أجنبية. فقوة الأجهزة الاستخباراتية إذن، لا ترتبط فقط بحيازة التقنيات الاستعلاماتية المتطورة، بل تتطلب منظومة بشرية قادرة على التعاطي مع المخاطر بالسرعة والجدية المطلوبين، وهي مهمة لا تستطيع أن تقوم بها التقنية لوحدها. مسألة أخرى تشكل نقطة قوة في عمل جهاز المخابرات المغربي، يكمن في طابع السرية الذي يعزز العمل التقليدي، فاعتماد أجهزة مخابرات أخرى على الوسائل الحديثة ساهم في بروز خلل في منظومة عمل هذه الأجهزة، فالعنصر البشري والمعلومة الأمنية التي يتوفر عليها المغرب في العمل الاستخباراتي يقويان من حضوره.
* ناقشت مؤخرا اطروحة دكتوراه حول الرقابة على السياسات الأمنية. كيف تقرأ تعدد الأجهزة الأمنية بالمغرب (مدنية وعسكرية) وهل هذا التعدد مرهق للمغرب، إن على مستوى المالي أو على سرعة اتخاذ القرار؟
** على المستوى المادي ممكن، لكن على مستوى سرعة اتخاذ القرار، فقد أبانت العمليات الاستباقية التي باشرتها الأجهزة الأمنية من أجل تفكيك كثير من الخلايا التي كانت تترصد بأمن الدولة أن هذا التعدد لا يشكل عائقا أمام سرعة تنفيذ العمليات الأمنية، وأن التنسيق الأمني جار بشكل دقيق وأن كل العمليات تتم بضمانة قضائية. أود أن أشير إلى مسألة أساسية، فيما يتعلق بعمل الأجهزة الاستخباراتية المغربية، فالرباط البلد العربي الوحيد الذي تشتغل أجهزته بشفافية كبيرة، على مستوى تحمل المسؤولية، وحتى حينما عين الملك شخصية مدنية على رأس جهاز المخابرات العسكرية (لادجيد)، كانت الرسالة أن المغرب لا يخشى في عمله الاستخباراتي شيئا وأن سرية عمل هذه الأجهزة لا تعني غموض الشخصية التي تتولى مسؤولية إدارتها، وقد سار بهذا عكس كثير من الأنظمة الاستخباراتية في المنطقة. وفضلاً عن المقاربة الأمنية، شكل البعد السياسي واجهة أساسية سواء في الجانب «الماكرو» عبر تعميق مسارات الإصلاحات الديمقراطية، أو في الجانب «الميكرو» عبر تشجيع عملية إدماج رموز ما كان يعرف بـ«السلفية الجهادية» والتدخل الاستباقي لمواجهة التحديات.
*ارتباطا بالسؤال الثاني، البعض يقول ان تعدد الاجهزة الامنية بالمغرب يقود الى صراع الاجهزة وبالتالي كل جهاز يحاول التكتم على المعلومة التي بحوزته. ما هو رأيك؟
** في تقديري، السرعة التي يجري بها تفكيك الخلايا الإرهابية بالمغرب، تثبت أن الصراع حول المعلومة الأمنية بين الأجهزة الاستخباراتية محدود الأثر، وهو ما تؤشر عليه بلاغات وزارة الداخلية بشأن الإخبار عن العمليات الأمنية للأجهزة التابعة لها، فقبل إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية، كانت عمليات تفكيك الخلايا الإجرامية تباشرها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وبناء على أبحاث تقوم بها مديرية حماية التراب الوطني وبتنسيق مع مصالح وزارة الداخلية. في اعتقادي أن حالة الصراع، إن وجدت، غير مؤثرة.
* نص الدستور على إحداث المجلس الأعلى للأمن القومي. لكن لحد الان لم نسمع عن اي تململ لإخراج هذه المؤسسة لحيز الوجود. ما تفسيرك لهذا التأخير؟ وكيف ترى ملامح هذا المجلس في حالة رغبة السلطة العمومية إحداثه؟
** فكرة المجلس الأعلى للأمن تعكس توجها مغربيا نحو مأسسة إنتاج السياسات الأمنية ببلادنا، فتركيبة المجلس والصلاحيات التي خولها المشرع الدستوري له، بموجب مقتضيات المادة 54 من الدستور، تجعل منه هيأة للتشاور في السياسات الأمنية الخارجية والداخلية، وبهذه الصفة يمثل المجلس سلطة إشراف عام على قطاع الأمن برمته، سواء المدني أو العسكري أو الاستخباراتي، وفيه يتم التشاور واتخاذ القرارات المحددة للعقيدة الأمنية في المغرب. طبعا، لدي بعض الملاحظات الأولية بشأن تركيبة المجلس، كما حددها دستور 2011، فتغييب تمثيلية لوزارة الاقتصاد والمالية عن تشكيلته، والاكتفاء بالهيآت الأمنية والعسكرية وكل شخصية يراها المجلس مفيدة، مقابل استثناء قطاع الاقتصاد والمالية الذي يشرف على مجالات الجمارك مثلا، يدفعنا إلى التأكيد على الحاجة لأن يتدارك القانون التنظيمي للمجلس هذا الفراغ، لأن المفهوم الحديث للأمن بمعناه الشامل يربط بين الأمن والاقتصاد.