هذا كنّاش تحملات «الوطن الآن» تجاه بنكيران!

هذا كنّاش تحملات «الوطن الآن» تجاه بنكيران!

حين يتبوأ شخص ما صدارة المشهد العمومي يكتسب وضعا اعتباريا له إكراهاته ومقتضياته التي لا تقل رمزيا عن امتيازاته المعنوية. ومن ثم يصير هذا الشخص في بؤرة الضوء، ومن ثم أيضا تتوجه كشافات الضوء نحو وضعه الإعتباري كشخصية عمومية، لا نحو وضعه الذاتي. ومن ثم ثالثا اهتمامنا بأسلوب عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، في إدارة الشأن العام انسجاما مع هذه القناعة، ووفاء لقواعد العمل الصحفي، وللخط التحريري الذي انتهجناه منذ انطلاق «الوطن الآن» كامتداد لأسبوعية «البيضاوي» التي أسندناها مؤخرا بالموقع الالكتروني «أنفاس بريس».

نجدد التأكيد على هذا النهج إثر ما قد يلاحظه قراؤنا من التركيز في أدائنا الإعلامي على عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، وأول رئيس حكومة متعها دستور 2011 بصلاحيات واسعة غير مسبوقة في بنائنا الدستوري. إن مصدر التركيز متأت من اعتلائه أعلى مقامات السلطة التنفيذية، ومن تلك المساحات التي يشغلها في المشهد السياسي الوطني.

وفي إطار هذا التركيز كنا نحرص على أن نقارب أسلوب هذه الشخصية انطلاقا من بنية خطابها، ومن السلوك الذي اختارت أن تتبناه في تدبير أمورنا السياسية، سواء في ما يتعلق بالعلاقات مع الحلفاء في الأغلبية الحكومية، أو مع المعارضة ومع الرأي العام، وكذلك داخل المنتديات الدولية حيث صورة المغرب محط اهتمام بليغ.

والواقع أن الأمر يتعلق بخطاب وسلوك مبنيين أساسا على الصبغة الشعبوية التي يدير بها عبد الإله بنكيران الشأن السياسي، والتي تكتسي أحيانا أسلوبا «زنقاويا»، متمثلة في أسلوب الاستهتار والاحتقار والصراخ والتنكيت «الباسل»، وافتعال التوتر عن سبق إصرار، وبمرجعية تدخلاته المتعالية أمام عجزه عن التجاوب مع الآمال التي علقها عليه ناخبوه في الاستحقاق التشريعي لشتنبر 2011، والتي تستند على «غيبيات» لا تقنع أحدا من قبيل تعليق الفشل على الدولة العميقة وعلى التماسيح والعفاريت و«بوغطاط».

ينتج عن كل ذلك الأثر السيء والمعيب على مستوى الأداء السياسي، والمتمثل في تتفيه السياسة، وإنزالها إلى أسفل درك في الممارسة، مما ستكون له عواقب وخيمة على مستقبل العمل السياسي ببلادنا. ولذلك يحق لنا أن نتساءل حول ما إذا كان أسلوب بنكيران جديا في إدارة الشأن العام، أم أنه يختار ذلك نكاية بالوطن والمواطنين، أم أنه يتبني ذلك كتصور جديد للتسول السياسي.

يحق لنا أيضا أن نتساءل حول أسباب عجز حزب العدالة والتنمية عن وضع شخص آخر في المكان الذي يشغله بنكيران اليوم، شخص جدي بمواصفات السياسي رجل الدولة الذي يحترم مناضلي حزبه والحلفاء ومعارضيه ومواطنيه، ومهووس بمكانتنا في المحفل الدولي. إذا كنا لا نستطيع أن نجيب عن سؤال مدى جدية الرجل واختياراته، فبإمكاننا أن نجيب عن السؤال الثاني المتعلق بالحزب.

إننا نعرف حزب العدالة والتنمية (وشخصيا لي صداقات مع العديد من أطره)، فهو حزب ناهض، زاخر بالطاقات المتمتعة بالمصداقية، وبالكاريزمية المتوخاة، وبرصيد المعرفة الكافي، وبطاقات تحديث العمل الحزبي، وبدينامية يومية، بدليل صيغ إدارته للشأن الحزبي، ونتائجه المتحققة منذ دخل مسار العمل السياسي ببلادنا.

لأجل ذلك يسجل المتتبعون للوضع السياسي الوطني، ولمكانة عبد الإله بنكيران داخله وجود بون شاسع بين سلوك الرجل والمكانة الاعتبارية لحزب المصباح. ويسجلون المفارقة بين حزب يعج بالكفاءات من عيار كبير وبين «كاستينغ» أفرز لنا أمينا عاما لحزب، و رئيس حكومة من عيار خفيف جدا، في الوقت الذي كان مأمولا أن يتولى تدبير حزب العدالة والحكومة قادة من سلالة صافية يوجدون - للأسف- في الصفوف الثالثة والرابعة بهذا الحزب!!.

ولأجل ذلك نواصل مقاربة بنكيران الأسلوب لا الشخص، فقط حرصا على نبل السياسة ونقائها، وعلى مكانة حزب كلما ارتقى نحو جدية الخطاب والممارسة كلما ضاعف منسوب الأمل في إمكانية ممارسة حزبية وسياسية تجعل المغاربة يثقون في سياستهم، وفي أدائهم السياسي وفي نخبهم. لذا وجب إعلام من يهمه الأمر والرأي العام والسلام.