ماهي مكاسب المغرب من موت بوتفليقة؟

ماهي مكاسب المغرب من موت بوتفليقة؟

لم تكن الجلطة الدماغية التي أقعدت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ أبريل 2013 مجرد توصيف لحالة صحية شخصية، بل هو ذات التوصيف الملائم للحالة التي دخلتها الجزائر منذ ذلك الوقت، حيث استشرى العطب العارم في العقل المتحكم متمثلا في الصراع على خلفية من يخلف الرئيس داخل محيط الرئيس وأجهزة الجيش والمخابرات ورجال الأعمال، وتنامت حالات الاحتقان الشعبي، إما على خلفيات إثنية كما في مشاكل القبائل، أو على خلفيات الأزمة العامة التي أججها تبني قانون المالية لسنة 2016، والذي تضمن إجراءات شرسة تعتمد على التقشف والخوصصة بدعوى انهيار أسعار النفط، إضافة إلى احتداد التهديد الإرهابي منذ الهجوم على مؤسسة الغاز بعين أميناس. الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول مآلات الأوضاع في البلد الجار، وتفاعلاتها مع المحيط الإقليمي، حيث ليبيا ماضية في التحول إلى بؤرة إرهابية مهددة للجميع، وحيث المغرب يشكل عقدة الجزائر التاريخية التي يرى العسكر هناك ضرورة دوامها لتكون الشماعة التي يعلقون عليها خيباتهم وفشل سياساتهم. في الملف التالي إحاطة بمختلف السياقات التي تتضافر في جزائر اليوم، وبصراع الخلافة داخل أروقة الحكم، وما قد يتولد عن ذلك من سيناريوات لمستقبل الرئيس والبلاد على حد سواء.

 تعيش الجزائر منذ استقلالها سنة 1962 في حالة حجز تطبع المجتمع والدولة بثلاث سمات: - إحكام قبضة الجيش والمخابرات على كل الدواليب بما في ذلك اختيار الرؤساء وتشكيل الحكومات على خلفية استمرار أطروحة «الثورة»، وشعار «المليون شهيد». - انغلاق النظام سياسيا مقابل تكبيل مبادرات النخب السياسة والمدنية. - الاعتماد السيئ لآليات الاقتصاد الموجه، والاكتفاء بعائدات النشاط الريعي في مجال النفط، والنفط وحده. وانطلاقا من ذلك تعيش البلاد بوجهين متناقضين: جزائر الثراء الفاحش نتيجة ما متعتها به الطبيعة من موارد ترابية وطبيعية ومالية، جزائر البؤس المدقع الذي يكتوي بناره المواطنون عبر بؤس الدخل الفردي، وانسداد آفاق التشغيل، وتنامي ظواهر اليأس. ولذلك كان لابد أن يحدث في يوم ما انفجار البلاد. وهو ما تمثل فعلا في الاحتجاجات الشعبية الغاضبة لسنة 1988، والتي تم على إثرها إجراء إصلاحات سياسية ودستورية أفضت لأول انتخابات فاز بها الإسلاميون. وقد تدخل بعدها الجيش من أجل توقيف المسلسل الانتخابي، وما تلا ذلك من آثار عنف قاس أدخل الجزائر في عشرية دموية امتدت من 1992 إلى 2012. وتشاء الأقدار أن بوتفليقة الذي هدأ الوضع بتبنيه لسياسة الوفاق الوطني منذ ولايته الأولى (1999)، هو نفسه الذي يعمل اليوم على تفجير هذا الوضع بعد أن دخل مرحلة العجز السريري خلال فترة رئاسته الثالثة سنة 2013، دون أن يجرؤ على وفاق ثان يتنازل بموجبه عن الرئاسة، ويطلق سراح البلاد والعباد. عوض ذلك أقدم في شتنبر من السنة نفسها، ومباشرة بعد عودته من رحلة العلاج، على إحداث تغيرات في أجهزة الجيش والمخابرات فهمت باعتبارها إجراءات احترازية لما بعد بوتفليقة.

بعد ثلاثة أشهر من ذلك اندلعت أحداث غرداية على خلفية الصراع الاجتماعي ـ الاثني بين أمازيغ المنطقة وعربها، وهو الصراع الممتد إلى اليوم بعد إعلان نشطاء حقوقيين مطالبتهم بالحكم الذاتي لمنطقة القبايل وتشكيل الحكومة المؤقتة. وتأزم الوضع بشكل فاحش حين أعلن «الرئيس المقعد» عن اعتزامه التقدم إلى الانتخابات الرئاسية في أبريل 2014 وسط احتجاجات شعبية، بموازاة تنامي غضب المجتمع السياسي والمدني الذي شكل معارضة غير مسبوقة. كما أن هذا الترشح كان قد أجج نيران التصارع داخل أروقة الجيش والمخابرات التي انقسمت بين مؤيد لبوتفليقة ومعارض له. وقد نجح الجناح الأول باسم «الاستقرار بدل الفوضى» في الدفع ببوتفليقة نحو قصر المرادية من جديد.

في هذا السياق التسلسلي المتأزم ستشهد الجزائر ثلاث وقائع على درجة قصوى في التعبير عن التباسات المرحلة...

تفاصيل أوفى تجدونها في عدد أسبوعية "الوطن الآن"المتواجد حاليا في الأكشاك